إدلبيات في المجال الطبي والدفاع المدني يتحدين الحرب
سوريات متطوعات في الدفاع المدني لإنقاذ المصابين من النساء والأطفال
نبال الابراهيم (30 عاماً) من مدينة خان شيخون،بدأت بإسعاف الجرحى والمصابين جراء القصف اليومي المتكرر الذي يطال المدنيين في ريفي إدلب وحماة. انضمت الإبراهيم إلى فريق الدفاع المدني بعد أن أدركت أهمية عمل المرأة فيه، كون أكثر المتضررين من القصف هم من النساء والأطفال.
مع استمرار القصف الهمجي والعشوائي على الشمال السوري، نزح الكثيرون ممن كانوا يعملون في القطاع الصحي من أطباء وصيادلة وممرضين إلى خارج سوريا، في الوقت الذي كانت فيه البلاد بأمس الحاجة إليهم. فأقدم عدد من النساء على سدّ الفراغ الطبي الذي حدث فأسهمن بتشكيل نقاط طبية ومشافي ميدانية وعملن فيها.
سلام الفاضل (24 عاما) من قرية تلمنس حصلت على الشهادة الثانوية العامة بمعدل جيد. إلّا أن الظروف منعتها من إكمال دراستها، بعد أن كانت تطمح أن تصبح مرشدة نفسية، لتقدم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء.
الفاضل ساءها قلة الكوادر الطبية في منطقتها قياساً بعدد المصابين جراء القصف اليومي، فرفضت أن تقف موقف المتفرج حيال ذلك. وأقدمت على تعلم مهنة التمريض بكل عزيمة وإصرار عبر دورات مكثفة. عملت بعدها في عدد من المشافي والنقاط الطبية في الشمال السوري المحرر و بشكل تطوعي.
تقول الفاضل: “العمل الإنساني هو ما دفعني لتعلم هذه المهنة الشاقة ومزاولتها ،فأنا مستعدة لتقديم أي جهد يساعد في تخفيف ويلات الحرب على أهلنا السوريين.إختصاصي في التمريض كان في قسم إسعاف النساء، لأن النساء تحتاج بعضها البعض، ففي كثير من الحالات تكون المصابات في وضع لا يسمح بدخول الرجال”.
وأمام هذا الواقع المرير الذي تعانيه ادلب وريفها عمدت كثير من النساء أيضا إلى الإنضمام لفرق الدفاع المدني السوري، ومنهن بثينة الأيوب (21 عاماً) من مدينة معرة النعمان. إنضمت إلى فريق الدفاع المدني الذي طالما حلمت أن تكون عضوا فاعلا بين أعضائه وتقدم يد المساعدة والإسعافات الأولية لمن تحتاجها من النساء اللواتي غدرت بهن شظايا صواريخ الطائرات الحربية التي تنهال يوميا على مدينتها بلا كلل ولا ملل.
تقول الأيوب لحكايات سوريا: “واجهت في بداية عملي ضغوطات وانتقادات عديدة من مجتمعنا الشرقي الذي يرفض فكرة انضمام المرأة للخوذ البيضاء، ويعتبرها مهنة خاصة بالرجال، ولكن عندما أدرك الناس حجم خدماتنا الإنسانية التي لايمكن للرجال تقديمها عندها علموا الأثر الإيجابي لعملنا. حتى أن البعض باتوا يريدون أن تنضم فتياتهم إلينا”.
وتوضح الأيوب أنه على الرغم من صعوبة العمل وخطورته، وعدد ساعات الدوام الطويلة والشاقة، إلا أنها تشعر برضى وسعادة في داخلها، كونها تقدم ولو بقدر قليل مساعدات إنسانية لأهالي وطنها المنكوب.
الأرملة فاطمة الطبش (37 عاماً) من مدينة كفرنبل نجت وأطفالها من القصف بأعجوبة بسبب مساعدة نساء الدفاع المدني. وعن الحادثة تقول الطبش: “تعرض منزلي للقصف من إحدى الطائرات الحربية، وكنت مع أطفالي الثلاثة، وخلال دقائق معدودة استطاعت فرق الدفاع المدني الوصول إلى المنطقة واستطاعوا إسعافي وأطفالي إلى أحد المشافي الميدانية”.
المتطوعات في الدفاع المدني تتولى مهمة إنقاذ الأطفال والنساء أثناء مرافقة المتطوعين الذكور الذين يتولون مهمة إسعاف الرجال ورفع الأنقاض بالأدوات المتاحة.
السيدة مها الحصرم (26 عاماً) نازحة من ريف حماه الشمالي، وتقطن حالياً في أحد مخيمات ريف المعرة الشرقي. الحصرم تؤكد لحكايات سوريا “أن وجود المراكز النسائية للدفاع المدني شكل عامل راحة وأمان لها”. مشيرة إلى “أن المتطوعات قدمن الكثير من المساعدات للنساء، أبرزها في أمور التوعية الصحية وكيفية التعامل خلال فترات الحمل والولادة وغير ذلك من الخدمات.
مها الحصرم حامل في شهرها السادس، لذلك فهي تزور المركز شهريا للإطمئنان على صحتها وصحة الجنين، كما تحصل أيضا على الأدوية المجانية التي يوفرها المركز.
مدير المكتب الإعلامي في مديرية الدفاع المدني السوري في محافظة إدلبأحمد الشيخو (45 عاماً) يتحدث لحكايات سوريا عن عمل المراكز النسائية قائلا: “بدأت مشاركة العنصر النسائي في صفوف الدفاع المدني السوري مع بداية العام 2013 ، وفي بداية العام 2017 تم إتخاذ القرار بإنشاء مراكز نسائية خاصة بالمتطوعات. وبلغ عدد المتطوعات نحو 192 متطوعة. ويضم كل مركز 12 متطوعة. أما مراكز الدفاع المدني النسائية فتتوزع في جميع مدن وبلدات محافظة إدلب، بحسب التوزع الجغرافي بحيث يغطي عملها جميع مناطق المحافظة”.
ويوضح الشيخو أن المتطوعات يتعاونّ ويتقاسمن تقديم اختصاصات متعددة كالإسعافات الأولية، وتغيير الضماد، وإعطاء حقن عضلية ووريدية بحسب وصفة طبية. إضافة لمراقبة الحمل، وقياس الضغط والسكر لدى النساء الحوامل. فضلاً عن تقديم حملات توعية للنساء في المنازل والأطفال في المدارس.
ويلفت الشيخو إلى أن من أبرز المشاكل التي تواجه النساء في العمل في مراكز الدفاع المدني هي خطر القصف والإستهداف من قبل الطيران. لاسيما وأن مراكز الدفاع المدني تعتبر هدفاً بسبب ما تقوم به من توثيق لإنتهاكات حقوق الإنسان ولعمليات القصف.
عضو مجلس محلي في ريف إدلب محمد الحاج أحمد (40 عاماً) يقول لموقعنا: “على الرغم من الظروف الصعبة والخطيرة التي يعمل بها الشباب في الدفاع المدني، استطاعت المرأة السورية المناضلة أن تسجل حضورها، وتقف مع الرجل جنبا إلى جنب، فتشاركه عمليات البحث والإنقاذ، وتضحّي كما يضحّي في زمن حرب لم تكتب لها النهاية بعد”.