“إتحاد ثوار حلب” يشق طريقه
انطلاق تكتل جديد لمجموعات ناشطة ثورية يثير جدل نقدي حول سير مؤسسات المعارضة.
زيد محمد
(حلب، سوريا) – تأسس في بداية آذار/ مارس “إتحاد ثوار حلب”، الذي يهدف إلى ضم مجموعات الناشطين المعارضين في تكتل واحد، وجاءت هذه البداية بعد ستة أشهر من الاجتماعات التنسيقية. هؤلاء الناشطون المدنيون بدأوا عملهم قبل ظهور المعارضة المسلحة في حلب، وهم يقدمون خدمات إنمائية وإعلامية، بالإضافة إلى خدمات طبية واجتماعية يستفيد منها المقاتلون في المعارضة المسلحة.
وفي تصريح لـ”دماسكوس بيورو”، قال مدير المكتب السياسي في “إتحاد ثوار حلب” مهند غباش إن هذا الجسم الجديد يهدف إلى “القضاء على التشرذم وتشكيل كتلة ضغط واحدة برأي واحد في الشارع السوري بما يخدم مصلحة الثورة وإسقاط النظام”.
وبحسب غباش، فإن “الإتحاد” قام حتى الآن بنشاطات تضمنت بناء حائط لحماية المارّة من رصاص القنص، وإنشاء مركز طبي قريب من الجبهات لعلاج المقاتلين المصابين. ويضيف الغباش: ”قدم الإتحاد معونات غذائية للثوار كما تم توزيع ملابس لثوار مرابطين على جبهتي “صلاح الدين” و”سيف الدولة”. قام الاتحاد أيضاً بتكريم أمهات الشهداء بمناسبة عيد الثورة وعيد الأم ونظم حملة “خربشات ثورية”من ضمن فعاليات إعادة روح الثورة إلى مدينة حلب”. حتى وقت إعداد هذا التقرير، إنتسب إلى”الإتحاد”، بحسب غباش، 570 ناشطاً ينتمون إلى 23 مجلساً ثورياً، منها تجمعات مهنية معارضة مثل “هيئة محامي حلب الأحرار” و”مهندسون لأجل الوطن” و”الاتحاد الطبي الحر في مدينة حلب وريفها”.
مؤخراً، وضع “الاتحاد” نظاماً داخلياً. بعد اجتماعات موسّعة لمجموعات الإتحاد، صدرت ورقة في أيار/ مايو بعثت بنسخة منها لـ”دماسكوس بيورو”. تعرّف الورقة بالاتحاد وتنص على أنه “منظمة ثورية وطنية مستقلة، تتمتّع بالشخصية الاعتبارية وتضم جميع الثوار في مدينة حلب وريفها ممن شاركوا في الحراك الثوري منذ انطلاقه ولا زالوا ولم يثبت انحرافهم عن مبادئ الثورة وأهدافها “.
تحتوي الورقة التأسيسية أيضاً على أهداف الإتحاد ومبادئه، والتي نصت صراحة على “إسقاط النظام الأسدي بكافة رموزه وعلى وحدة الشعب السوري والأراضي السورية والحفاظ على الهوية الإسلامية للدولة والعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية السمحة في كافة مناحي الحياة”.
لم تغفل الورقة هيكلية الاتحاد، فنصّت على تشكيل مكتب سياسي مهمته متابعة الأحداث في الداخل والخارج بالإضافة إلى إصدار بيانات باسم الإتحاد، كما نصت على تشكيل “مكتب الحراك الثوري” الذي يهتم بالتواصل مع مجالس الثوار وتنسيق المظاهرات.
واجهت انطلاقة هذا التجمع بعض العثرات. في الاجتماع التأسيسي الذي شهد انتخاب أعضاء الإتحاد في آذار/ مارس، والذي حضره مراسل “دماسكوس بيورو”، انسحب العديد من المدعوّين، قائلين إن تمثيلهم لم يكن عادلاً مقارنة بحجم مجموعاتهم، وحتى الآن لم تعد الكتلة الأساسية المنسحبة عن قرارها وهي “مجلس ثوار صلاح الدين”.
رئيس مجلس مدينة حلب التابع للمعارضة عبد العزيز مغربي تكلم بصفته الشخصية، قائلاً إن على القائمين على الاتحاد “ألا يقعوا في أخطاء من سبقوهم، وهو تحويل الاتحاد إلى منظمة خدمية”. ويرى مغربي أن مهمة “الإتحاد” هي مهمة سياسية إعلامية ثورية، مضيفاً أن سلطة الاتحاد يجب أن تكون أعلى من مجلس المدينة، فالأول سياسي والثاني خدمي.
رأى بعض الناشطين أن المشاكل التي واجهها “الاتحاد” هي انعكاس للتعقيدات التي تواجه المؤسسات المعارِضة بشكل عام.
يقول عضو سابق في “هيئة تنسيق الدعم” التابعة لـ”الائتلاف الوطني” المعارض عرّف عن نفسه باسم أبو أحمد: “المشكلة لا تتعلق بالمدينة فقط، إنما هي مشكلة عامة تعاني منها حتى الحكومة والإئتلاف”.
في الحديث عن أداء المؤسسات الثورية في حلب، يضيف أبو أحمد الذي يتصل بشبكة علاقة واسعة مع مجموعات الناشطين: “ليس هناك برنامج عمل واستراتيجية، لا نعرف أين نقف الآن وأين سنكون في المستقبل… هذه المرحلة التي نمر بها هي مرحلة انتقالية، لكن علينا التنبه إلى أن حسن النية والمحبة لا تكفيان لبناء مؤسسة”.
يرى أبو أحمد أن المؤسسات المعارِضة، عند تعيين الأعضاء الفاعلين، تهمل الكفاءات على حساب العمل الثوري في بناء المؤسسة، ويضاف ذلك إلى ندرة أصحاب الكفاءات أصلاً بعد أن ترك المدينة معظم الأشخاص المؤهلين لإدارة المؤسسات، بالإضافة إلى عدم وجود قنوات تواصل مع الخارج.
أحد التحديات التي يواجهها الاتحاد حالياً هي البحث عن مصدر تمويل.
يقول عن ذلك أبو أحمد: “هل توجد جهة حيادية مستقلة وطنية همها بناء البلد تريد أن يكون هذا الكيان موجود؟ للأسف هذا الشيء غير موجود.”