أحببته وانتظرته وتزوجنا
: طفلات سوريات يلعبن داخل سيارة مدمرة في أحد أحياء مدينة درعا جنوب سوريا
"كانت أول مرة نرى بعضنا فيها، ونحاول التكلم وجها لوجه من دون موانع. نظراته ومراقبته لي بعينيه لم تتغير أبداً. وأصبحت أحب أن أكون محط أنظاره في كل مكان. "
لا أدري كيف حدث ذلك؟ الشاب الذي كان يراقبني بعينيه، خلال 5 سنوات مرّت.
كنت في طريقي إلى المدرسة أراه ينزل كل يوم إلى الشارع حيث أمرّ بقربه. لمحته مرة يلحق بي. كنت أود التكلم معه، ولكنني شعرت بالخوف جداً. أذكر أنني تشاجرت معه لإبعاده عن طريقي. كنت في سن المراهقة والطيش. تلك كانت أجمل أيام حياتي.
استمر يراقبني يوماً بعد يوم. لم يملّ، وظل يحاول ألف مرة. ازداد فضولي لأعرف ماذا يريد. ذات يوم تشجّع واقترب مني وقال: أريد أن نتعارف. كانت فرحتي غريبة. عرّف عن نفسه ولكنني لم أجبه، حفظت اسمه. ولكنني أبعدته عن طريقي مرة أخرى.
مع الوقت أصبحت لا أراه، لا أدري ما ذاك الشعور الذي حلّ بقلبي حينها. أصبح يتجاهلني، بل رأيته أكثر من مرة يغيّر طريقه حين يراني قادمة بحيث لا نتصادف عن قرب. مرت السنوات بعدها، وكنت كلّما رأيته في مكان ووجدت عينيه تراقبني، رغبت أن يتكلم معي مرة أخرى. ولكن كبرياءه ظل يمنعه من ذلك.
أذكر أنني فاجأت نفسي حين تجرأت وحاولت التكلم معه. أرسلت له رسالة عبر صفحته على فايسبوك، ولكنه لسوء الحظ لم ير ما كتبت له. قلت بنفسي أكيد انه لا يريد التحدث معي بعد كل هذه المحاولات التي باءت بالفشل. وبعد يومين أو أكثر رأى الرسالة. وبدأنا نتلكم مع بعضنا.
اعتذرت له عمّا بدر مني في المرّات السابقة. كنت لا أريد ان ينتهي الحديث، كنت اريده أن يظل يكلّمني ولا يبتعد عني. ازداد الاهتمام أكثر وأكثر وشعرت بأنني بدأت التعلق به. وبعد أيام طلب مني أن نذهب لنرى بعضنا. كنت خائفة لدرجة كبيرة.
كانت أول مرة نرى بعضنا فيها، ونحاول التكلم وجها لوجه من دون موانع. نظراته ومراقبته لي بعينيه لم تتغير أبداً. وأصبحت أحب أن أكون محط أنظاره في كل مكان. لا أريد أن يرى أي شابة غيري. أو يتكلم مع فتاة أخرى.
كان اول لقاء بيننا صعباً للغاية. غير أن التكلم معه كان أصعب. كنت أفكر بالعادات والتقاليد وأنه من العيب التكلم مع شاب لا أعرفه في نطاق الصداقة. وبعد أيام وكان الاهتمام يزيد والنقاش والتحدث بمواضيع الحب يزداد.
كنت أخجل كثيراً، ولكن أحسست أنه كان يريد التكلم في مواضيع بعيدة عن العمل والدراسة. كان يريد التكلم في كل شيء ويريدني أن أكون معه في كل شيء. كان يريد أن كون بحياته، على الحلوة والمرة. وبدأت ألاحظ اهتمامه بأنني لست مجرد صديقة. ومرّت الأيام والليالي، وبدأت أعتاد عليه وعلى التكلم معه.
أغار عليه وأخاف عليه من كل شيء. لا أريد أن يأخذه مني أحد. وجدته أطيب واحن شخص. أفضل شخص تعرفت عليه في حياتي. غير ملامحه التي كانت تزيد من نبضات قلبي ولا ادري لماذا ملامح الحب تظهر على وجنتي وملامحي.
أدركت أذنه كان يحبني من زمن بعيد. قال لي عن شعوره الذي في قلبه. كانت ايام لا ادري حجم سعادتي التي كنت أعيشها. ومرت الأشهر وحان وقت ذهابه إلى الخدمة العسكرية. ذاك اليوم كان أصعب يوم في حياتي.
يوم رحيله كان يوم حزن وبأس عليّ وعليه لبعده عني ولفراقه. لم أعد أرى عينيه كل فترة. لم أعد أرى ابتسامته لي. حاول جاهداً أن يخفف عني. أذكره يقول: لا تخافي ولا تحزني لن يحدث لي أي شيء، ولن أبتعد عنك. ولكنني يومها بكيت حتى تعبت.
ذهابه أحزنني كثيراً، وظل فترة شهر لم يستطع التكلم معي. فكّرت حينها انه لم يعد يريدني بعد الآن. لكن بعد مدة وصلتني رسالة نصية من رقم غريب. عندما رأيت الرسالة على شاشة هاتفي لمعت عيناي من الفرح. وعاد يتكلم معي وأتكلم معه.
ذات يوم وخلال إحدى المحادثات سألني: لماذا لا نحاول أن نخبر أهلنا بفكرة ارتباطنا؟ كانت سعادتيعندما سمعت هذا الكلام لا توصف. وكما تقتضي التقاليد جاءت أمه لمفاتحة أهلي بالموضوع. ووافق والدي. وبدأت بالتحضيرات لحفل الخطبة وشراء كل ما يلزم فيما كان هو في الخدمة العسكرية.
انتظرته طويلاً، كنت أريد أن أكون له ومعه. وكنت أريد يشاركني نفس الفرحة والشعور والتحضيرات للخطبة. ولسوء الحظ انتظرت ولكنه لم يأت. وبدأ الأقرباء والمعارف بالكلام والسؤال، لماذا لم يأت بعد؟ لماذا لا يكلمك كثيراً. وفي قلبي غصة لعدم وجوده معيا، ليقف جنبي ويساندني.
ومرت الأيام إلى أن أتى في 3 حزيران/يونيو 2018، وتحقق حلمي معه. وأحببت الحياة من جديد بوجودي معه، وبناء الأحلام معه. وأيقنت أن الحب جميل جداً إن أحسنّا الاختيار.
حلا عاصي (22 عاماَ) من مدينة دمشق طالبة محاسبة تعمل مدرسة اطفال .