هل يعزز توسيع “المجلس العسكري في الرقة” وضع “الجيش الحر”؟
عبد الكريم جعفر
تشهد مدينة الرقة توتراً على وقع سعي تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” إلى توسيع نفوذه على حساب المجموعات المسلحة المعارضة الأخرى، كان أعنفها التفجير يوم 13 آب/ أغسطس الذي استهدف مقر “لواء أحفاد الرسول”، وهي مجموعة تقاتل تحت راية “الجيش السوري الحر”، واتهم تنظيم “الدولة الإسلامية” بتنفيذ الانفجار الذي راح ضحيته قائد “لواء أحفاد الرسول” علي عبد الخليفة العثمان وقرابة 70 شخصاً، بالإضافة إلى اشتباكات عنيفة اندلعت بين “الدولة الإسلامية” و”أحفاد الرسول” امتدت لعدة أيام.
تـأتي هذه التطورات بعد توسيع “المجلس العسكري في محافظة الرقة”، التابع لهيئة أركان “الجيش الحر”، ليتوحد مع “المجلس العسكري في الطبقة” و”المجلس العسكري في تل أبيض” في 6 تموز/ يوليو، وسط غياب أي مرجعية أمنية موحدة لمدينة الرقة أو محافظتها، ووجود المجموعات الجهادية التي تنافس “الجيش الحر”.
يضم “المجلس العسكري” حالياً جميع كتائب وألوية “الجيش الحر” في محافظة الرقة بما فيها “الفرقة 11” ، التي تم تشكيلها في 17 تموز/ يوليو من أربعة مجموعات كبيرة هي “لواء ثوار الرقة”، “لواء المنتصر بالله”، “لواء أمناء الرقة”، و”لواء الناصر صلاح الدين”.
جاءت عملية توسيع “المجلس العسكري” بعد محادثات طويلة بين “المجلس العسكري في الرقة” ومثيله في مدينة الطبقة، وفي حديث غير منشور مع موقع “دماسكوس بيورو” في شهر حزيران/ يونيو، كان رئيس “المجلس العسكري في الرقة” في حينها، المعروف بالاسم الحركي أبو محمود، وهو ضابط طيار رقي إلى رتبة عميد بعد أن انشق، قد قال إن “المجلس” يواجه تحدي نفوذ المجموعات الجهادية، لا سيما “الدولة الإسلامية في العراق والشام”.
الرئيس الحالي للمجلس العسكري العقيد معتز رسلان، الذي انتخب بعد التوسيع، قال في حديث مع “دماسكوس بيورو” قبل اشتعال المواجهات الأخيرة بين “الدولة الإسلامية” و”لواء أحفاد الرسول”، الذي ينتمي إلى “المجلس العسكري”، إنه “لا يوجد أي نوع من الصدام بين المجلس وبين أي من الكتائب الأخرى سواء “جبهة النصرة” أو “الدولة الإسلامية في العراق والشام”.
وبعد اندلاع المواجهات حافظ المتحدث الرسمي باسم “المجلس العسكري” أبو بكر على نبرة التهدئة، قائلاً إن “المجلس العسكري” كهيئة لم يكن طرفاً في النزاع بل حاول التواصل مع القادة الميدانيين ووجهاء المدينة للوصول إلى هدنة “حصلت فعلاً”، على حد قوله.
ونقل أبو بكر عن لسان أحد قادة “لواء أحفاد الرسول”، الذي امتنع عن ذكر اسمه، أن خروج مقاتلي اللواء من المدينة كان “حفاظاً على سلامة المدنيين وتجنيبهم خطر الاشتباكات”، بحسب قوله.
ولا تزال هناك مجموعة مسلحة ممثلة في “المجلس العسكري”، وهي “لواء أمناء الرقة”، تنضوي في إطار الذراع الأمني لـ”الهيئة الشرعية”، وهي الجسم القضائي الوحيد في المدينة وتتبع الشريعة الإسلامية، إلى جانب عناصر من “الدولة الإسلامية”. وتضم هذه القوة الأمنية أيضاً عناصر من “حركة أحرار الشام الإسلامية“، وهو تنظيم جهادي يقول المتحدث الرسمي باسم “المجلس العسكري” إن الأخير ينسّق معه.
وضمن الهيئات الأخرى الموجودة على الأرض في مدينة الرقة “المجلس المحلي”، الذي توقف عن العمل بعد اختطاف رئيسه المحامي عبد الله الخليل في 18 أيار/ مايو، إلى أن جرت انتخابات عامة في تموز/ يوليو نتج عنها مجلس محلي جديد، وأعلنت “الفرقة 11″ التابعة لـ”المجلس العسكري” في بيان لها عن تقديم دعمها إلى المجلس المحلي.
ليس من الواضح حتى الآن إن كان “المجلس المحلي”، بالإضافة إلى الدور الذي يقوم به في تقديم الخدمات مثل تنظيف الشوارع وتأمين مياه الشرب والكهرباء، سينوب عن “المجلس العسكري” في حفظ النظام في مدينة الرقة، إلى جانب اللاعبين الأمنيين الكثر في المدينة.
يقول العقيد رسلان إن “المجلس العسكري” يتكفل بـ”بسط الأمن عبر الدوريات والحواجز التي يقوم بها ليلاً لحماية المدينة من السرقات”، كما أقام المجلس العسكري “مكتب أمن الثورة” لتلقي شكاوى المواطنين الأمنية في المدينة.
يضاف ذلك إلى الدور العسكري، حيث يقول العقيد رسلان إن ” “المجلس العسكري” لعب دور فاعلا في معركة فك الحصار الذي أطبقه مقاتلو (“حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي) على مدينة تل أبيض شمالي محافظة الرقة، عبر “لواء أحفاد الرسول” و”لواء ثوار الرقة” في 21 تموز/ يوليو، كما يقوم بـ”تنظيم عمل “الجيش الحر” في كافة المحافظة من خلال غرف عمليات في كل من الرقة والطبقة وتل أبيض، “تنظم عمل الجيش الحر في كافة المحافظة”.
وعلى الرغم من سيطرة مسلحي المعارضة على محافظة الرقة بشكل شبه كامل، لا يزال الجيش الحكومي يسيطر على مقر “الفرقة 17” بالقرب من مدينة الرقة، الذي يتعرض لهجمات متقطعة من قبل مسلحي المعارضة.
يقول العقيد رسلان إن “ليس للمجلس العسكري نية أن يكون الجهة الأمنية الوحيدة في المنطقة” ويضيف “نعمل مع جميع الفصائل الثورية ومستعدون للتعامل مع أي فصيل، وهدفنا الوحيد هو إسقاط النظام”.
لكن أهم التحديات التي تواجه المجلس العسكري، كما يقول المتحدث الرسمي باسم “المجلس العسكري” أبو بكر، هي “قلة الدعم العسكري والمادي، حيث إن المجلس تلقى وعوداً من هيئة أركان “الجيش الحر”، لكن لم تتحقق إلى الآن”.
وتعكس حالات التنسيق بين كتائب “الجيش الحر” نوعاً من التفاؤل في نفوس الناشطين. يقول أحمد السطم (30عاماً) وهو ناشط إعلامي: “أنا متفائل، نوعاً ما، تجاه توسيع المجلس العسكري في الرقة وأتمنى أن يكون له دور فعال أكثر، ويكون الخيمة التي تضم كل فصائل ثوار المعارضة، والممثل الشرعي والوحيد لها أمام هيئة الأركان في “الجيش الحر””.
وتسود أوساط النشطاء في المدينة الرغبة في التصدي للجماعات الجهادية خاصة بعد إطلاق قذيفة “أر بي جي” ضد مظاهرة كانت تطالب بالسماح بإدخال السيارات إلى موقع تفجير مقر “لواء أحفاد الرسول”، واتهمت “الدولة الإسلامية” بالوقوف ورائها.
يرى عروة المهاوش (54عاماً) وهو ناشط مدني أن على “الجيش الحر” القيام بدوره الكامل في حماية المدن، ويطبق ما ذكرته معظم بيانات ألويته وكتائبه من “حماية للمدنيين وعدم السماح لأي جهة بقتلهم أو ترويعهم”.
أما الناشط الإعلامي عامر مطر (23عاماً) فهو لا ينتظر دوراً إيجابياً من أي مجموعة مسلحة، حتى إذا كانت من “الجيش الحر”، لا سيما أن بعض عناصره “بالقتل والسرقة والاختطاف”، على تعبيره، ويعتبر المواجهة السلمية مع النظام هي الحل الأمثل.