نصف سوريا حملة لدعم المهجرين السوريين
صورة للنازحين السوريين في المخيمات تصوير ريم الحسين
لا تعلم الحاجة الخمسينية خديجة الحلبي كيف تتصرف بعدما أوقف الأمن التركي ابنها الوحيد سامر (30 عاماً) معيل العائلة في مدينة اسطنبول التركية بينما كان متوجهاً إلى عمله، وتم ترحيل سامر مع عشرات الشبان السوريين.
وتتساءل الحاجة خديجة المقيمة حاليا في تركيا مع سبعة من أفراد أسرتها بغصة: “ما الذي ضرّ الدولة التركية بوجود ابني على أراضيها، إنه مسالم ولا هم له إلا عمله وإعالتي أنا وأسرته، بعد أن هربنا من جحيم الحرب في سوريا والتي أتت على كل شيء نملكه هناك”.
دول عدة ومن بينها لبنان وتركيا بدأت تتحدث عن وجوب عودة السوريين اللاجئين إلى بلادهم سوريا ضمن ما أسموه المناطق الآمنة. وبدأووا بتفعيل إجراءات تفضي إلى ترحيل اللاجئين في حين لا تزال الحرب السورية على أشدها ولا وجود لمناطق آمنة في سوريا حتى اللحظة.
أطلقت منظمات المجتمع المدني التابع لتحالف “نحن هنا” حملة “نصف سوريا” لتسليط الضوء على استمرار معاناة اللجوء والنزوح. في إشارة إلى أن نصف الشعب السوري بات مهجراً داخلياً وخارجياً.
منظمة نساء الآن من أجل التنمية كانت إحدى أهم المنظمات المشاركة في الحملة، مريم جمالي مسؤولة المناصرة والتواصل في المنظمة تقول: “تهدف الحملة إلى دحض ما يتم الترويج له عن إنتهاء الحرب في سوريا، وتشجيع اللاجئين والنازحين على العودة إلى مناطقهم. خاصة وأن الإعلام الغربي بدأ ببث تلك الفكرة واتخذت بعض الدول إجراءات لإعادة السوريين إلى بلدهم دون الأخذ بعين الإعتبار مدى خطورة هذا الأمر على حياة اللاجئين”.
وتشير الجمالي إلى “أن الحملة تستهدف الإعلام الغربي والرأي العام العالمي، عبر توثيق حالات لمهجرين يروون قصص تهجيرهم من مناطقهم. وكيف أن حياتهم معرضة للخطر في حال عودتهم إلى سوريا.
وتوضح الجمالي: “أن حملة نصف سوريا ستشارك في مهرجان في العاصمة الفرنسية باريس قريباً وسيتم عرض الفيديو الوثائقي الذي حضرته الحملة، وسيشارك في المهرجان مهجرون سوريون من المقرر أن يجروا مقابلات مع الزوار ويروون تجاربهم.”
سارة دياب (32 عاماً) لاجئة في العاصمة الألمانية برلين ليست على استعداد للعودة إلى سوريا مهما كلفها الأمر، بعدما ذاقت مرارة الإعتقال. وتقول دياب: “كان إطلاق سراحي من تلك السجون الظالمة بمثابة حياة بعد الموت. رأيت الموت مرات عديدة، وقطعت الأمل بالنجاة بعد المشاهد الدموية والممارسات اللاإنسانية التي تعرضنا إليها هناك”.
وتضيف دياب: “لكنني خرجت، خرجت فعلاً بعد أن غدوت كتلة من العقد النفسية التي لم أشف منها رغم كل العلاج الذي خضعت له، ورغم مضي 4 سنوات على تلك الحادثة فإنها لم تكن كفيلة بنسياني حتى لو أمضيت حياتي كلها أحاول النسيان”.
ترفض دياب فكرة العودة بشكل قاطع رغم حنينها لمدينتها دمشق التي ولدت وتربت فيها. دياب تم اعتقالها في العام 2013 على خلفية مشاركتها بإحدى المظاهرات السلمية. خرجت من المعتقل في العام 2015 بعد أن دفع ذويها مبالغ طائلة مقابل إطلاق سراحها.
وحول فكرة إعادة اللاجئين تقول دياب: “إنه لمن الظلم الكبير أن تعيد تلك الدول اللاجئين إلى سوريا في ظل حكم بشار الأسد الذي لم يتوان عن إرتكاب أفظع جرائم الحرب في سبيل قمع شعب أعزل كل همه الحصول على بعض الحرية والكرامة التي افتقدها لسنوات”.
وتعتقد دياب “إن محاولة إعادة اللاجئين هو تصرف غير مسؤول وغير إنساني وإن هؤلاء اللاجئين لم يلجأوا لبلاد أخرى عبثاً وإنما من قسوة ما واجهوه وما ممكن أن يواجهونه في بلدهم التي دمرت”.
في إطار حملة نصف سوريا نشرت منظمات تابعة لتحالف نحن هنا فيديو عن سيدات سوريات تعرضن للتهجير من مناطق سورية عدة من بينها الغوطة الشرقية، ريف دمشق وحلب. وتروي السيدات في الفيديو معاناتهن خلال رحلة التهجير ويذكرن الأسباب التي تحول دون عودتهن إلى سوريا ومن بينها الملاحقات الأمنية والإعتقال والدمار الذي لحق بمنازلهن وممتلكاتهن.
كما ويضمن الفيديو حملة توثيق شهادات عائلات تعرضت للتهجير داخلياً وخارجياً بينهم أطفال لتكون بمثابة تاريخ شفوي لتجارب التهجير.
تحالف نحن هنا الذي أطلق الحملة هو عبارة عن تحالف يضم 24 منظمة من منظمات المجتمع المدني السوري، وهو يعمل مع السوريين داخل سوريا وخارجها عبر تنظيم حملات خاصة بهم، كما يوجه رسائل محددة للرأي العام في أوروبا وينسّق حملات المناصرة ويستهدف صانعي القرارات والسياسات.
توزيع منشورات شبيهة بتذاكر الطائرات، كتب عليها ذهاب دون إياب. في إشارة لوضع السوريين الذي هجّروا من مناطقهم دون قدرتهم على العودة إليها كان ضمن نشاطات حملة نصف سوريا التي تنشط بشكل خاص في تركيا ولبنان وأوروبا .
القتال المتواصل في سوريا خلّف ما يزيد على 6 ملايين نازح في الداخل وما يزيد على 5 ملايين لاجئ في جميع أنحاء العالم وفقاً لمنظمة هيومان رايتس واتش.
يمان المحمد (40 عاماً) عضو المجلس المحلي في مدينة معرة النعمان أثنى على الحملة التي من شأنها التذكير دائماً بمعاناة اللاجئين والنازحين، والوقوف إلى جانبهم بدلاً من الوقوف ضدهم والتضييق عليهم.
ويطالب المحمد بـ “المزيد من الحملات الهادفة التي من شأنها توثيق الإنتهاكات بحق المهجرين، ورفع الوعي لدى الدول المضيفة لعدم إجبارهم على العودة لبلادهم، التي من المؤكد ستعرضهم للخطر في ظل ما تعيشه البلاد من فوضى ودمار وانعدامٍ للأمن والأمان”.