من مطلقة إلى أم إلى أرملة قصة شابة سورية

صورة سيدة سورية تصوير أسينات محمد

كانت زينب في الـ 15 من عمرها عندما تقدم شاب من قرية مجاورة لمدينتها، بطلب يدها للزواج من والدها. هو أب لأربعة أطفال وزوج لشابة عاجزة نتيجة إصابتها بشظايا إحدى القذائف. وزينب كانت قد توقفت عن الدراسة بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد. وافق والد زينب وهي لم تمانع.

كان أهل زينب يعانون من الفقر المدقع. وهو ما حال دون تحقيق زينب الكثير من رغباتها وطموحاتها. ولذا وافقت على هذا الزواج عله يكون المخرج الوحيد لحياتها البائسة مع أهلها. لم تتخيل زينب ما ينتظرها.  خطبة لم تستمر أكثر من ثلاثة أيام. زواج بدون تفكير في السلبيات أو الايجابيات. أقيم حفل الزواج وتمت تهنئة العروسين. فرح خيم على الجميع أياماً قليلة، أمضتها زينب مع زوجها.

في صباح أحد الأيام حضر الزوج قائلاً: “زينب سأحضر عائلتي الأخرى لنعيش سوياً”. فوجئت زينب بقراره، لكن لم يكن لديها مشكلة فأجابته بالموافقة المرفقة بابتسامة صغيرة . وأصبحت تعيش في منزل واحد مع عائلته، وجدت نفسها زوجة له وخادمة لزوجته وأولاده.

كان الجميع يتذمر وزينب مهمشة ومحرومة من جميع حقوقها. لم تكترث، بل كان كل همها أن يرى زوجها  فيها المرأة المثالية وأن تكسب  حبه واهتمامه.

مساء يوم جمعة كانت تحضر لزوجها كوباً من الشاي الساخن، وضعته على طاولة يتوسطها جمال الزنبق والحبق. وجدت هاتفه على الطاولة، أمسكت بالهاتف تتفقد ما بداخله. ودفعتها حشريتها إلى الاستماع لرسالة صوتية بعينها، كانت من زوجة  أخيه تخبره أن حفل زفافه الثالث سيكون في اليوم التالي.

لحظات من اليأس والصمت أحاطت بالمكان. وضعت الهاتف مكانه، ونادت زوجها لشرب الشاي. وبدأ الحديث،  ليخبرها أن تحضر نفسها لاصطحابها لمنزل والديها لأن لديه عمل سيعمل على إنهائه ويعود لأخذها. لم تتذمر ووافقته على ذلك.

في اليوم التالي على وصولها إلى منزل أهلها، ناداها والدها بعدما انتشر خبر زواج زوجها، وسألها “لماذا لم تخبريني بما يحصل يا ابنتي؟” وتردّ زينب بالقول: “إني لا اريد الطلاق  من زوجي، ولا استطيع الاستغناء عنه وان الله حلل له الزواج”.

بعد نقضاء 8 أشهر، من دون زيارة ـأو اتصال أو خبر. جاء زوج زينب إلى منزل أهلها. فرحت بلقائه لكن الامر لم يطل، فهو جاء ليبلغها بقراره النهائي وهو الطلاق.  صدمة جعلتها زينب تنهار بالبكاء. ودار جدال بين زوجها ووالدها اختصرته زينب ووافقته قراره مع أخذها لجميع حقوقها.

شماتة الناس وفقدان الأسرة ونظرة المجتمع للمطلقة أشياء جميعها أحاطت زينب بالفشل واليأس.

 سنون تمر ويتقدم لزينب شبان كثر، كل هؤلاء الشبان قوبلوا بالرفض القاطع. لعدم ثقتها بأي رجل بعد  زواجها الأول.

ولكن قسوة الأيام وتأزم الأحوال ونظرات مجتمعها كل هذه الضغوطات أجبرت زينب على القبول بالزواج بأحد اصدقاء العائلة.  كان متزوجاً من امراة ولكنها لا تنجب الأولاد. وافقت زينب وتمت مراسم الزواج. كان يحبها جداً، ولكن زوجة أبيه لم تحبّها، وكانت تهاملها معاملة سيئة، ولكن حب زينب لزوجها كان ينسيها تفاهة تلك الامور، وتعمل دائماً لإرضائه حيث  كانا يحلمان بأن يرزقا بطفل يشغل فراغهما .

تقول زينب “بالفعل أكرمنا الله بالمولود الأول، وأتت معه أجواء الفرح والحب والرضا، وأغلب أوقاتنا منشغلين به، كنت قد نسيت جميع ما مررت به سابقاً، أنار حياتي وملأ فراغي”.

مع تصاعد حدة القصف وأنباء الهجوم على المدينة خرج زوج زينب مع غيره من الشبان للدفاع عن البلدة. ذهب معهم بعد أن ودع زينب بعناق شديد وقبلة على جبين طفلها، وأوصاها به. بعد 3 أيام من ذهابه وصل خبر استشهاده على خطوط الرباط في ريف حماة الشمالي. كانت الصدمة قوية على زينب.  ولكن قضاء الله غلب رغبتها  حامدة الله ع كل حال .

 تقول زينب: “يدق باب غرفتي لتظهر زوجة أبيه فتطردني وطفلي من المنزل بعد انتهاء العزاء وقبل إكمال العدة. توجهت إلى منزل اهلي للعيش معهم وطفلي الذي لم يبق لدي أمل سواه.  “سامحني يا الله اذا بكيت على قضائك رغم اني مؤمنة به، وبكيت على من رحل وانا اعلم ان رحيله خيراً. سامحني يا الله اذا فرغ  صبري وضاق نفسي وسئمت”.

عندما نفقد شخصا قريباً على قلوبنا ونتذكر أجمل لحظاتنا معه فتظهر بسمة على شفاهنا وتنزل دمعة من أعيننا، ولا نعلم هل نحن سعداء لتذكره ام حزناء لفقده.