منع الاختلاط ومناهج جديدة في مدارس دير الزور

طلب المسؤول من المدراء أن يتم تدريس القرآن للطلاب، بانتظار وصول مناهج جديدة

(دير الزور- سوريا) بدأت المدارس في دير الزور باعتماد نهج تربوي جديد يقضي بـ “بتعليم الطلاب مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية فقط ومن دون كتب” بحسب ما يقول الاستاذ عزام المصطفى

الفتيات بعد فصلهن عن الفتيان في إحدى قاعات التدريس في دير الزور تصوير سارة ناصر
الفتيات بعد فصلهن عن الفتيان في إحدى قاعات التدريس في دير الزور تصوير سارة ناصر

(30 عاماً) المدرس في مدرسة ابتدائية والذي يؤيد “الدولة الإسلامية في فكرة عزل الذكور عن الإناث في الدوام إذ أن ذلك من أساسيات ديننا الحنيف”.

هذه الإجراءات الجديدة جاءت بعدما قرر تنظيم الدولة الإسلامية إغلاق المدارس بالتزامن مع غارات قوات التحالف. في بادئ الأمر ظن الأهالي أن إغلاق المدارس يأتي خوفا على حياة أطفالهم, فخرجت تظاهرات ضمت الطلاب وأهاليهم تطالب بإعادة فتح المدارس، ولكن الأمر بات جلياً بعد اجتماع عقده أحد مسؤولي التنظيم في أحد مقاره في مدينة الميادين مع  مدراء المدارس في ريف دير الزور.

خالد علوان مدير مدرسة ابتدائية في مدينة الميادين أوضح لـ “دماسكوس بيورو” محور هذا الاجتماع الذي جاء إثر دعوات شخصية وجهت إلى مدراء المدارس “الاجتماع كان يدور حول منع الاختلاط بين المدرّسين والمدرّسات والتلاميذ والتلميذات والطلاب والطالبات”.

وبحسب العلوان فإن المسؤول الذي عقد معهم الاجتماع طلب منهم تقسيم الدوام الى دفعتين، واحدة للذكور ويشرف عليها مدرسين ذكور، وأخرى للإناث وتشرف عليها المدرّسات. وأضاف العلوان “طلب المسؤول من المدراء أن يتم تدريس القرآن للطلاب، بانتظار وصول مناهج جديدة من قبل التنظيم سيتم اعتمادها في المدراس الواقعة  تحت سيطرتهم”.

ويخشى العلوان من نتائج تعليم العلوم الشرعية في المدراس وتجاهل العلوم الدنيوية ويقول “إن تدريس تلك المناهج, سيورث لنا جيلاً متطرفاً, وما يقصده التنظيم هو إنشاء أجيال جهادية متشرّبة بشكل تام بأفكار السلفية الجهادية”.

المدرّس يحيى العمر(33 عاماً) وهو ولي أمر لأحد التلاميذ, تحدث لـ “دماسكوس بيورو” عن مستقبل هؤلاء الأطفال إن استطاع التنظيم فرض وتدريس أفكاره “سنحصل على جيل لا يفقه سوى ثقافة السلاح, فهل تجاهل التنظيم احتياجات الانسان الخاصة من أطباء ومهندسين وحرفيين أم أنه يضمن استيرادهم من الخارج”.

وما قاله العمر لا يبدو بعيدا عن المعلومات التي تحدث عنها المرصد السوري لحقوق الإنسان لجهة ربط توقف التدريس بإنجاز مناهج بديلة عن “المناهج الكفرية” بحسب تصنيف داعش. ‎

وبحسب ما تناقل من شارك في الاجتماع الذي عقد مع مدراء المدارس وبعض الأساتذة يبدو أن المسؤول طالب جميع المدرسين بالإنفكاك عن النظام السوري في دمشق والتوقف عن استلام مرتباتهم الشهرية منه، لأن التنظيم سيصرف مكافأة كل ثلاثة أشهر تعادل مرتباتهم الشهرية توزع على القائمين بالتدريس.

هذا الأمر لم يرق لأغلب الحاضرين بمن فيهم الاستاذ عزام المصطفى القريب من توجهات التنظيم الذي قال “أعارض مسألة الانفكاك عن النظام وعدم قبض معاشاتنا الشهرية من قبله، إذ أنه لا يوجد أحد يضمن لنا استمرار تسليم الدولة لنا معاشاتنا الشهرية اذا قطعت من قبل النظام”.

في جولة ميدانية على المدارس الابتدائية في ريف دير الزور الشرقي, بدا واضحا الالتزام بتوجيهات  التنظيم لمدراء المدراس, الداوم الذي يبدأ عند الساعة الثامنة صباحا وينتهي منتصف الظهيرة يتقاسمه  فوجان, الفوج الأول للتلميذات, بينما الفوج الثاني للتلاميذ الذكور. ورغم هذه الإجراءات بدا لافتا إقبال الطلاب على المدارس، بل وتزايد أعدادهم، وهو ما يرده القيمون على المدارس إلى وجود أعداد كبيرة من النازحين في المنطقة والذين يريدون توفير العلم لأولادهم أيضا.

وحول كيفية سير أمور الدوام يقول مدير إحدى المدارس الابتدائية  في مدينة الميادين محمد فوزي (45 عاماً) “هناك عزل بين الذكور والإناث وذلك بناء لطلب المسؤولين في الدولة الإسلامية”. وأضاف فوزي “ثمة مشاكل تعترضنا وهي أن عدد المدرسات لدينا لا يتلاءم مع عدد التلميذات بينما يوجد عدد من المدرسين لا مكان لهم في الصفوف”.

لعل هذه إحدى أبرز المشاكل التي واجهت محمد فوزي ولم يجد لها تفسيرا سوى ما قاله “على ما يبدو أن التنظيم بهذه العملية, يحاول توظيف عدد من مناصراته أو حتى من المهاجرات زوجات وبنات المهاجرين الذين يقاتلون في صفوف التنظيم…”

أبو رياض (42 عاماً) الوكيل المعتمد لتسليم الرواتب الشهرية للمدرسين في المنطقة يتحدث عن نية وزارة التربية التابعة للسلطة في دمشق قطع عدد كبير من رواتب المدرسين والمدراء “أبلغني مسؤولون في مديرية التربية, بأن النظام سيصدر لوائح بقطع عدد كبير من رواتب المدرسين, بحجة رفضهم للالتحاق بقوات الاحتياط  في الجيش السوري، ولكن السبب الرئيسي هو خوف النظام من تدريس مناهج جديدة صادرة عن التنظيم”.

تشيد إيمان عطالله (32 عاماً) بدور المجالس المحلية في دعم عملية التعليم وإقامة مراكز امتحانات في المناطق المحررة لطلاب الشهادتين  الإعدادية والثانوية في السنتين السابقتين،  وتقول” لايمكن لعاقل أن يتجاهل دور المجالس المحلية في سير العملية التعليمية، ولعل مراكز الامتحانات التي أقاموها في المناطق المحررة كانت خير دليل على العمل الجاد من قبلهم”.

المجالس المحلية التي حاولت أن يكون لها دورها الفعال في سير العملية التعليمية على  مدى السنتين السابقتين تقف حاليا مكتوفة الأيادي أمام مقاتلي التنظيم.

عصام محمد رئيس المكتب التعليمي في أحد المجالس المحلية بريف دير الزور عبر لـ “دماسكوس بيورو” عن “عجز المجلس عن تقديم أقل ما يمكن من أجل سير العملية التعليمة” وقال “حتى اليوم لايمكننا أن نحاجج  التنظيم في ماهية المناهج التي سيتم اعتمادها أو حتى طريقة تدريسها”.

الطالبة في شهادة الثانوية نور محمد (19 عاماً) تعبّر عن خيبة أملها من المستقبل إن استمر الأمر على هذه الحال وتقول “اتفقت مع والدي المقيم في الخارج أن أسافر إليه لأتابع دراستي الجامعية, وذلك بعد حصولي على الشهادة الثانوية, ولكنني أخشى من أني لن أعيش المستقبل سوى في الأحلام, والسبب هو سياسة التنظيم والمناهج الجديدة التي سيجبروننا على دراستها”.