مكانس القش حرفة يدوية تقاوم الاندثار في إدلب

حسن ميري في مشغله يعمل على مكنسة قش تصوير أسعد الأسعد

يتوجه حسن ميري صباح كل يوم إلى أحد الأحياء التراثةي القديمة في وسط المدينة، بشوارعهالضيقة وأبواب منازله الخشبية العتيقة، يفتح باب دكانه الخشبي المقوس ويدخل. يعد كأساً من الشاي بانتظار قدوم زملائه ليبدأوا بعملهم الذي تعلموه منذ صغرهم، صناعة مكانس القش.

حسن ميري (43 عاماً) من مدينة ادلب، يعمل في صناعة مكانس القش، هذه الصناعة التي تعد من تراث أهالي مدينة ادلب. بدأ حسن في هذه المهنة منذ صغره، عندما كان في سن 15 عامأ عمل مع والده الذي ورث الدكان عنه.

وعن تاريخ هذه الحرفة يقول ميري: “حرفة تصنيع مكانس القش حرفة قديمة في محافظة ادلب. عمرها أكثر من مئة عام، وهي مهنة يدوية بحتة لم يطرأ أي تحديث في آلية عملها، تنتشر هذه المهنة في ادلب بشكل كبير مقارنة بالمدن المتبقية. كانت من الحرف المعروفة في مدينة دمشق وحلب ولكنها اندثرت في المدينتين، بسبب صعوبة صنعها وبسبب توفر المكانس الآلية التي تعمل بشكل أسهل”.

ويضيف الميري: “تعلمت هذه الحرفة من أبي الذي كان يعمل في صنعها، بدأت ممارستها في سن صغير وأتقنت صناعتها بشكل ممتاز، وبعد ذلك ورثت الدكان عن أبي وتابعت العمل في حرفته التي أُحبها فهي لها طقوسها الخاصة التي تميزها عن باقي الحرف.”

تُصنع مكانس القش على عدة مراحل. يتناوب عدة أشخاص على صنع مكنسة واحدة. ولكلّ عامل مهمته التي يقوم بها.

وعن خطوات صناعة مكنسة القش يقول حسن ميري: “نعمل في صنعها على عدة مراحل لكل مرحلة شخص خاص بها. صناعتها تبدأ بنقع القش بالماء ليسهل التحكم به وتطويعه. يتم جمع القش مع بعضه ضمن حزم متساوية العدد، وبعد ذلك يتم قصها لتصبح متساوية الطول، ثم يتم شدها بواسطة أسلاك بلاستيكية متينة”.

و يتابع الميري: “يمكننا أن ننتج في اليوم الواحد حوالي 50 مكنسة جاهزة للبيع وبجودة عالية.لكن

هذه الحرفة متعبة، فهي تحتاج لوقت طويل لإنجاز عمل جيد، وعلى سبيل المثال كلنا في الدكان مصابون بمرض الديسك وذلك بسبب الجلوس بوضعية محددة لعدة ساعات يومياً، نعمل في اليوم الواحد حوالي 8 ساعات وفي بعض الأيام أكثر من ذلك”.

أبو ابراهيم صديق حسن الميري يعمل معه في الدكان يقول: “تواجهنا صعوبات كثيرة في مهنتنا هذه، من أهمها عدم قدرتنا على بيع انتاجنا بشكل كامل في سوريا. فطلب المكانس في السوق السورية قليل جداً، لذلك نعمل على تصدير إنتاجنا إلى لبنان الذي يستهلك كميات كبيرة من المكانس، ولكن ذلك يفقدنا جزءًا من ربحنا. إضافة الى أن صعوبة جلب القش من المناطق الشرقية تؤدي إلى ارتفاع سعره، وهذا يؤثر على ربحنا و انتاجنا”.

“دخلنا من هذه الحرفة دخل بسيط ومحدود، وإذا أردنا مقارنته بالحرف الأخرى فهو قليل بالقياس لحجم الجهد الذي نبذله، فعائد يوم العمل الواحد يتراوح بين 3 آلاف و4 آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل 6 أو 7 دولارات أمريكية”.

رغم كلّ الصعوبات التي تعترض حسن ورفاقه إلاّ أنهم مستمرون بالعمل في هذه الحرفة القديمة وذلك لاستمرار إحيائها ولأنها تؤمّن لهم ولو أدنى مقومات العيش الذي يمكنهم من الاستمرار.