معتقلون سابقون أساتذة لجيل المستقبل

توجيه الطلاب نحو حقوقهم تصوير شريف فارس

الأستاذ نصر الشام(48 عاماً) خريج كلية التربية. اعتقلته أجهزة الأمن السورية التابعة للنظام لمشاركته بالحراك الثوري.

عن اعتقاله يقول الأستاذ نصر الشام لـ حكايات سوريا: “تعرضت لأشد أنواع التعذيب، من الضرب بالعصا الكهربائية والتعذيب الجسدي والإهانات اللفظية. منعونا من النوم وأوقفونا لساعات طويلة. حتى الطعام لم يكن كافياً، ولم يكن جيداً أو صالحاً للأكل.

ويضيف الشام: “عندما خرجت من المعتقل كان كل همي تربية الطلاب على حب العلم والاحترام والالتزام بالواجب، والتطلع إلى المستقبل بروح التحدي والتفاؤل. وكوني أعمل في المجمع التربوي لمدينة حارم في ريف إدلب، أصرّ على تعليم الطلاب بعدم التهاون بالمطالبة بالحق”.

وعن رسالته التي يسعى لنشرها لدى الطلاب يقول الشام: “نعمل لإبعاد الطلاب عن روح الكراهية، بل نغرس في نفوسهم روح المتابعة والاستفادة من الأخطاء وعدم السكوت عن الخطأ وعدم المشاركة بالظلم. نلاحظ من خلال تعليمنا ان الطلاب باتوا على وعي بكل ما يفعله هذا النظام وكيف عليهم مواجهته بالتعاون مع الجميع في جوانب الخير وتوخي الحذر في اتهام الغير والتسامح مع الشرفاء”.

ويختم الأستاذ الشام بالقول: “هذا الجيل المتعلم الصاعد لن يحبط لأنه على دراية كاملة بالواقع والتحدي وأراه أفضل منا علماً ووعياً وعملاً وصدقاً”.

لا تختلف قصة الأستاذ نصر الشام كثيراً عن قصة ومعاناة الأستاذ عماد (35 عاماً) الذي اعتقله النظام بسبب التعبير عن رأيه وقوله كلام الحق في ممارساته.

الأستاذ عماد الذي يحمل إجازة باللغة الإنكليزية يقول: “تم اعتقالي أمام طلابي، واستخدموا معي اللطم على الوجه وبشدة. تعرّضت للإهانة بسبب رأيي. سجنت مرّتين، وتعرضت للتعذيب الشديد. المرة الأولى تم إخراجي عند قدوم اللجنة العربية. وفي المرة الثانية تمت احالتي للقضاء وتبرئتي لأن جميع التهم ملفقة”.

ويضيف عماد: “بعد خروجي من المعتقل سعيت لتعزيز روح الحرية لدى الطلاب. ودائماً أطلب منهم التعبير عن رأيهم بحرية تامة، مهما كان هذا الرأي. حتى لو كان رأيهم فيه نقداً لي. ولكن مازال الكثير من الطلاب يشعرون بالخوف من التعبير عن رأيهم. نحن وبدورنا كمدرّسين نقول بدفعهم لإبداء آرائهم دون خوف. ونحاول أن نزرع فيهم معنى الحرية والوطنية والمواطنة وحب الوطن وليس حب الأشخاص”.

قصة الأستاذ يحيى (35 عاماً) الحاصل على إجازة في التاريخ مختلفة قليلاً. يقول الأستاذ يحيى: “تعرّضت للاعتقال أمام أسرتي وأقربائي بطريقة وحشية، بسبب مشاركة في المظاهرات والحراك الثوري، وعانيت أشدّ أنواع التعذيب. بعد خروجي من المعتقل لم أستطع العودة للتدريس. لقد تأثرت نفسياً من هذا الاعتقال لذلك عملت في مجال الإغاثة بعيدا عن التدريس”.

مجموعة من المدرسين كانوا قيد الاعتقال انطلقوا لدعم وحماية حقوق الطلاب التي يرتكز إليها النظام العالمي لحقوق الأنسان وأهمها الحرية. أساتذة يبذلون جهوداً إضافية لإرشاد الطلاب وتوجيههم حول كيفية حماية مطالبهم وحقوقهم وخصوصا في أوقات الكوارث والحروب، ويقومون بتعريف الطلاب على معاناتهم في السجون.

أحمد بكرو المختص بعلاج الحالات النفسية يقول لـ “حكايات سوريا” حول تجربة تعريف الطلاب بظروف الاعتقال: “إن ما يحبط الطالب هو ضيق أفق المستقبل وضغوطات الحياة اليومية وعدم الاستقرار والفقر والضعف. طبعاً أن المدرس الخارج من المعتقل ينقل مشاكله ومعاناته في السجون إلى طلابه ما يؤثر عليهم بشكل سلبي”.

ويضيف بكرو: “تتفاوت الخبرة والصفات الفردية والرسالة ما بين المدرسين، لذلك لا يمكن التعميم. إن تجربة السجن حتما قاسية ولها أثرها السلبي على الإنسان. ومن يبقى أسيراً لهذه التجربة يكون ميزانه القيمي غير مستقر وغير واضح. أمام الأساتذة فرصة التسامي بالحياة الخاصة والعامة والعمل المهني بما يغير هذا الواقع الى ما هو أفضل وأصدق إنسانية.”