مشغل تنموي لإنتاج الألبسة

يوفّر المشغل عملاً للعديد من النساء بالإضافة إلى عائدات رعاية الأيتام في بلدة البوليل.

الأيادي البيضاء
إحدى قاعات العمل في مشغل مؤسسة “الأيادي البيضاء”. المصدر: “يوتيوب”/ bolipress 2012

(البوليل/ سوريا) – ليلى البالغة من العمر 23 عاماً، هي واحدة من 25 عاملاً وعاملة في مشغل “أيدينا” لإنتاج الألبسة الجاهزة في بلدة البوليل، نزحت مع عائلتها من مدينة دير الزور. بما أنّ ليلى أكبر أفراد عائلتها، اضطرت إلى العمل بعد اعتقال والدها من قبل قوات النظام “رغم أن الدوام طويل والأجر لا يكفي لمتطلبات الحياة ولكنني مجبرة على هذا العمل لتأمين حاجيات الأسرة بعد اعتقال والدي”.
مع أن ظروف العمل بحسب ليلى ليست مثالية، إلا أن هذا المشغل يعد الملاذ الوحيد لعدة عائلات مقيمة ونازحة في البوليل. بدأت هذا المشروع التنموي جمعية “الأيادي البيضاء” الخيرية، وهي مؤسسة محلية تعتمد على تبرعات فردية من دول الخليج العربي، بالتعاون مع رجل الدين الشيخ أحمد جمعة بن عبدالله الطنيجي. يعتمد المشروع على 60 آلة وهو بحاجة الى 100 يد عاملة، على حد قول ناجح العبدالله رئيس “الأيادي البيضاء”.

ينتج المشغل كافة أنواع الملبوسات، لا سيما العباءات النسائية و”الكلابيات” الرجالية، على أن يغطي مردوده، بالإضافة إلى رواتب العاملين، كفالة 80 يتيم براتب شهري قدره سبعة آلاف ليرة سورية (حوالي 42 دولار أمريكي)، لمعالجة ارتفاع عدد الأيتام في البوليل، مثل باقي المناطق السورية الأخرى. ويقول العبدالله إنه تم اختيار المكفولين من أكثر العائلات احتياجاً.

يقول أحد المتبرعين من المملكة العربية السعودية، الذي عرّف عن نفسه باسم أبو بدر، إنه تأسى بـ “حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين”. يقول الشيخ أبو بدر إنه شارك أيضاً في تمويل مشاريع تنموية مماثلة في حلب والحسكة.
رئيس جمعية الأيادي البيضاء ناجح العبدالله يقول عن إنشاء هذا المشروع: “كان الناس يوزعون المال على الفقراء مباشرة. حاولنا أن نطور هذا العمل لنشعر اليتيم بأنه ليس عالة على أحد ونشعر أم الايتام بأنها امرأة لها كرامتها، ولها عزتها لا تتسول”.
بعد الإقبال الكبير من التجار في المنطقة الذي شهده المشغل في الآونة الاخيرة، قرر مجلس إدارة بدء كفالة الأيتام في مطلع شهر آب/ أغسطس.
يشدد العبدالله على أن هذا المشروع تنموي، ما يعني وجود العديد من الفوائد التي تعود على جميع سكان البلدة وساكنيها وليس الأيتام فقط: “المشروع… يشغل أيدٍ عاملة محتاجة. بعض أمهات الايتام يعملن في هذا المشغل فضلاً عن الامهات المحتاجات اللواتي نزحن وعوائلهن من مناطق الصراع”.
لاقى المشروع صعوبات كبيرة في بداية افتتاحه، حيث كانت هناك مخاطرة كبيرة في توصيل الآلات الى بلدة البوليل بسبب القتال، إضافةً إلى صعوبة في تأمين الأقمشة اللازمة لعمل المشغل، إلا أنه الآن يبدو على أتم الاستعداد للعمل بطاقة كبيرة.

عضو في مجلس إدارة المشغل حمد العبدالله قال لـ”دماسكوس بيورو”: “بالطبع اذا استمر عملنا على هذا الحال واستمر طلب التجار على منتوجاتنا، فبعد شهرين سيكون لدينا فائض مالي وبالتالي يمكن أن نزيد عدد الأيتام المكفولين”.
تصريف الإنتاج يبدو أنه لم يتأثر كثيراً بالقتال الذي استعر في الأشهر الأخيرة في ريف دير الزور الشرقي، والذي انتهى بسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على معظم هذه المنطقة، بما فيها البوليل؛ لم يتدخل التنظيم بعمل مؤسسة “الأيادي البيضاء”.
مدير قسم العمال الذكور– ينفصل العاملون عن العاملات في المشغل ̶ الذي عرّف عن نفسه باسم أبو زياد (42 عاماً)، هو رب عائلة مكونة من ثمانية أشخاص، نزح إلى بلدة البوليل من ريف دمشق حيث كان يعمل في مشغل خياطة. يقول أبو زياد عن إنتاج المشغل: “يقصدنا كبار التجار في المنطقة، وهناك الآن العديد من الطلبات جاري العمل على إعدادها. الطلبات تتنوع بين الملبوسات النسائية والرجالية، والطلب الأكثر من جانب التجار هو على العباءات النسائية”.
من العمال أيضاً من يأمل أن يكون لهذا المشروع تأثير إيجابي في المستقبل نوعية إنتاج عمال الخياطة في المستقبل.
زينب البالغة من العمر 30 عاماً أم لثلاثة أولاد، كانت تعمل مصممة أزياء في إحدى المصانع الحكومية وهي الآن مسؤولة القسم النسائي في المشغل. ترى زينب أن افتتاح هذا المشغل سيطور أداء اليد العاملة في المنطقة: “هذا المشغل يعد من الأكبر في المنطقة الشرقية (في دير الزور)، وبالتالي سيطوّر أداء الأيدي العاملة. نحن هنا نسعى جاهدين لإتمام عملنا على أكمل وجه ليس ابتغاء الراتب الشهري فقط وإنما ابتغاء الثواب من الله لقاء كفالة الايتام”.