مساحة آمنة للسوريات الناجيات من العنف في الشمال السوري

مركز الأمل نشاطات تستدف المرأة السورية تصوير هاديا منصور

بعد تعرضها للتعنيف المستمر من قبل زوجها وجدت سراب العمر (26 عاماً) مكاناً تلجأ إليه، حين قصدت مركز الأمل للدعم الاجتماعي. تقول سراب: “شعرت بتحسن بعد أن وجدت من يستمع إلي ويصغي لمعاناتي ويقدم لي الرعاية الصحية والنفسية “.

يشكل مركز الأمل للدعم الاجتماعي المكان الآمن للنساء والفتيات الذي يشعرن فيه بالأمان ويتمكنّ فيه من التفريغ النفسي، إضافة لممارسة العديد من الأنشطة الترفيهية والدعم النفسي الإجتماعي والأنشطة المهنية التي تنمي قدراتهن .

عن تاريخ تأسيس المركز وأنشطته المتعددة تقول مسؤولة الحماية في المركز عزيزة عرب (39عاماً): “نشأ المركز بجهود تطوعية بداية عام 2018 وهو يتبع لمنظمة أمل للإغاثة والتنمية وهي منظمة مختصة بتقديم خدمات الوقاية والإستجابة للعنف القائم على النوع الإجتماعي”.

وتضيف عرب: “تم إختيار منظمة أمل للإستفادة من مبادرة بناء القدرات المقدمة من قطاع الحماية الكتلة الفرعية للعنف القائم على النوع الإجتماعي في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الأوتشا، حيث تابعت المنظمة عدداً كبيراً من التدريبات لتنقلها بدورها لفرقها بالداخل السوري” .

ومن أهم الأنشطة التي يقدمها مركز أمل تقول عرب: “أنها عبارة عن جلسات توعية من العنف القائم على النوع الإجتماعي، وكيف يمكن الحد من مخاطر هذا العنف وتقديم خدمات إدارة الحالة للناجيات منه بما فيها خدمات دعم نفسي وإجتماعي للنساء والفتيات اليافعات سواء جلسات فردية أو جلسات جماعية، إضافة لجلسات الوقاية والإستجابة من العنف القائم على النوع الإجتماعي”.

وتؤكد عرب: “أن المركز يقوم بإحالة بعض الحالات لخدمات الإسعاف النفسي الأولي، حيث نوجه الناجيات لغرفة إدارة الحالة. ومن خلال هذه الغرفة يتم التعرف على احتياجات الحالة من خدمات، فترسل للقطاع المناسب سواء الصحي أو النفسي. ويتم ذلك مع الحفاظ على السرية التامة لمعلومات الناجية وهو ما يشجعها على قصد المركز”. 

ولفتت عرب إلى أن المنظمة تعمل لتوفير توعية قانونية في المركز من خلال وجود مختصة بالأمور القانونية في القريب العاجل .

يضم مركز أمل فريقاً مختصاً ومدرباً على التعامل مع حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل جيد، ولا تتوانى عن العمل على بناء قدرات فريقها بشكل دوري ومستمر، ذاك الفريق الذي يمتلك خبرة عالية في آليات حفظ المعلومات والسرية والأمان .

روعة (25 عاماً) تعاني من ضغوطات نفسية كبيرة بعد فقدانها لزوجها الذي راح ضحية القصف الذي طال مدينتها أريحا أواخر عام 2017.  وتتعرض روعة لضغوطات من إخوتها الذين يرفضون توجهها للبحث عن عمل تعيش من خلاله مع أطفالها بحجة أنها شابة وعرضة للمضايقات والاستغلال. 

توجهت روعة إلى المركز بحثاً عن الدعم، وعن هذه التجربة تقول: “توجهت إلى المركز لأحصل على بعض الدعم النفسين ولكنني لم أحصل على دعم نفسي فحسب وإنما مادي أيضاً حين تم إختياري ضمن المستفيدات من مشروع دعم الأسر الفقيرة في توزيع الدجاج البياض الذي أطلقه المركز”. كون أرملة  ومعيلة لأبنائها انطبقت عليها معايير المشروع.

يأتي دعم روعة ضمن خطة دعم الأسر الضعيفة التي تقودها إمرأة بتقديم مدجنة دجاج بياض لكل أسرة، وقدمت منظمة أمل للإغاثة والتنمية بعض التدريبات الهامة المتعلقة بالمشروع سواءً على آليات إستخدام المشارب للدجاج والحاضنات والأعلاف والكميات اللازمة يوميا.ً وطريقة توزيعها زمنياً عن طريق طبيب بيطري مختص .

لم تقتصر خدمات مركز الأمل على الدعم النفسي والإجتماعي وإطلاق المشاريع التنموية وإنما يضاف إلى ذلك العديد من الأنشطة الترفيهية والتوعوية وبناء القدرات إضافة للأنشطة المهنية والتعليمة التي تهم النساء .

علا السيد (30 عاماً) إنضمت أخيراً لمجموعة المتدربات في مركز أمل لتتعلم مهنة حياكة الصوف. وعن حبها لهذه المهنة ومدى إستفادتها تقولعلا السيد: “نحن على أبواب الشتاء والألبسة الشتوية باهظة الثمن. قصدت المركز لتعلم هذه المهنة من أجل نسج ملابس صوفية لأبنائي واستطعت تعلم المهنة ووصلت لمرحلة الإبداع في العمل”.

كما وإفتتح مركز أمل للدعم الإجتماعي نادي الزهور الصغار للفئة العمرية من أربع سنوات حتى سبع سنوات للذكور والإناث، وفيه يقدم المركز للأطفال أنشطة الرسم، أنشطة أشغال يدوية، نشطات ثقافية وتوعوية وأنشطة حركية .يغطي المركز بخدماته منطقة أورم الجوز وأريحا والقرى المحيطة بها .

المرشدة النفسية الاجتماعية فاتن السويد (35 عاماً) تتحدث عن أهمية وجود مراكز دعم للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي قائلة: “أن العنف الجندري يشكل مصدر قلق متزايد لآلاف السوريات ممن تأثرن بالحرب السورية، وبدأن يواجهن مخاطر متزايدة وأنواع متعددة من العنف نتيجة النزاع والنزوح”. 

وتتابع السويد: “لهذا السبب وفي ظل هذا الواقع كان لابد من خلق بيئة آمنة من خلال دعم إحترافي، يشمل تقديم الخدمات الصحية والنفسية والإجتماعية بشكلها الأعم والمتاح لكل النساء في الداخل السوري وفي المخيمات”.

وبحسب السويد “تسعى هذه الخدمات لإفساح المجال للناجيات لتلقي العلاج وتشجيعهن على الحديث عن تجاربهن مع العنف الجنسي، مما يساعد على تجاوز ثقافة الصمت التي تعوق وبشدة كل الجهود المبذولة للتعامل مع تلك الظاهرة الخطيرة”. وتشدد السويد على “أهمية وجود مثل تلك المراكز الفاعلة والتي يفتقدها وبشدة الشمال السوري المحرر .”

في زمن يمارس فيه العنف الاجتماعي الجائر على المرأة،  يسعى مركز الأمل للدعم الاجتماعي لنشر الوعي بين النساء، وتقديم خدمات الدعم النفسي والإجتماعي ليشكل بذلك المساحة الآمنة لعدد كبير من ناجيات العنف الإجتماعي السائد .