مركز لاكتشاف مواهب الاطفال في ريف إدلب الغربي

جانب من معرض اللوحات التي أنجزها الأطفال تصوير أحمد العكلة

تعلّق الفتاة سمر حج إبراهيم لوحتها بعد الانتهاء من رسمها في المعرض الخاص في مركز الجانودية للدعم النفسي في ريف إدلب الغربي. وهي واحدة من بين 300 لوحة تم عرضها من انتاج المتدربين والمتدربات صغار السن، استغرق انجازها أسبوعاً كاملاً.

بعد تدريب عشرات الأطفال على صنع لوحات تشكيلية، وقطع من الحرف اليدوية لمدة شهرين في مركز الدعم النفسي التابع لمؤسسة شام الإنسانيةفي منطقة الجانودية، تم افتتاح معرض استضاف اللوحات التي قام بصناعتها الأطفال. وبعض الرسومات على الجدران والحرف اليدوية التي قاموا بصناعتها. وحضر المعرض عشرات الزوار.

تقول سمر حج إبراهيم (15 عاماً) لموقع حكايات سوريا: “بعد إعلان المركز عن إقامة معرض لأشغال الأطفال قمنا بالتسجيل والخضوع لدورة تدريبية لمدة شهر. وذلك بعد الانتهاء من الدوام في المدرسة ومن ثم بدأ قسم بتجهيز اللوحات والقسم الأخر عمل على الأشغال اليدوية كل حسب هوايته”.

وأضافت ابراهيم: “قمت برسم لوحة تعبر عن وضع النازحين تحت الأشجار وانعدام مقومات الحياة. هناك عدة لوحات لاقت اعجاباً كبيراً من قبل الحضور، وتم تصوير هذه الأعمال ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى القنوات الإعلامية، حيث أننا نسعى لتطوير مهاراتنا لنصل إلى معارض أخرى”.

ويهدف المشروع الى عرض نتاجات الأطفال الموهوبين في مجال الرسم والأشغال اليدوية، واكتشاف المواهب وتنميتها وصقلها بالإضافة إلى تشجيع المجتمع المدني على تنظيم ورعاية احتفاليات مختلفة بغية إعادة المرونة للمجتمع.

وتتراوح أعمار الأطفال ما بين 10 أعوام و17 عاماً وجميعهم طلاب مدارس. أما اللوحات فتم عرضها على الزوار وفي حال أعجب أحدهم واشترى اللوحة يعود الثمن للطفل الذي صنعها أو يتم نقل اللوحات لمعارض أخرى.

مدير مركز الجانودية للدعم النفسي ورعاية الطفولة مسعف السلامة (46 عاماً) وهو يحمل إجازة في الإرشاد النفسي يقول: “طرح الفريق التطوعي في مركز الجانودية فكرة معرض للرسم والاعمال اليدوية لتحقيق اكتشاف المواهب الفنية لدى الاطفال، والعمل على تطويرها العناية بالأطفال الموهوبين واتاحة الفرصة لعرض نتاجاتهم الفنية معالجة الكثير من المشاكل النفسية لدى الأطفال، من خلال تشكيل ورشات عمل جماعية لتوسيع دائرتهم الاجتماعية”

ويضيف السلامة: “تم التحضير للمعرض مدة شهرين ونتيجة عمل حثيث مع الاطفال الذين يناسبون أهداف وفكرة المعرض. وقد تم إشراك المجتمع المحلي في معرض الرسوم والأشغال اليدوية في مؤسسة شام الإنسانية حيث استمر التدريب مدة شهر كامل، وكان عدد الأطفال المشاركين 30 طفلاً وقد تم دعوة فعاليات مختلفة في المجتمع المحلي”.

ويشير السلامة إلى أنه “تمت دعوة عدد من الطلاب والمدرّسين والمجالس المحلية والمنظمات العاملة في المنطقة بالإضافة إلى عدد من الإعلاميين وأقيم المعرض بإشراف رسامين من خارج المؤسسة، لتقييم أعمال الأطفال ومتطوعي المركز الذين قاموا بتعريف الزوار على أهمية أعمال الأطفال”.

ولا يقتصر عمل المركز على تدريب الأطفال على الرسم والحرف اليدوية، بل يقوم بتدريب مئات الأطفال على إتقان الأعمال المسرحية والشعر والموسيقى والراب، حيث قام الأطفال بتمثيل هذه الأعمال عدة مرات بحضور مئات الرجال والنساء في القاعة المسرحية التي تتبع لمركز الدعم النفسي.

تقول سمر جيرو (28 عاماً) وهي داعمة نفسية وعاملة صحة مجتمعية لحكايات سوريا: “ضم المعرض مجموعة متنوعة من الرسوم التي تحاكي الطبيعة والواقع الذي تعيشه البلاد، وصور عن الطبيعة، وأخرى عما يعانيه الأطفال ويدمر مستقبلهم بالإضافة إلى رسوم الشخصيات الكرتونية المحببة لدى الأطفال وقد ضم المعرض أيضا بعض الأشغال اليدوية البسيطة”.

وتضيف جيرو: “لدينا فريق يضم عشرات المتطوعين ولديه خبرة واهتمامات متعددة، حيث أنه تختص متطوعة بتدريب مجموعة من الأطفال على عمل مسرحي مختلف، ويتم تدريب هذه المجموعة لمدة معينة من الزمن حتى يتم تقديمها ضمن فقرات العمل المسرحي أثناء عرضه للحضور في اليوم المحدد”.

وتلفت جيرو إلى “قسم أخر من المتطوعين يهتم بتنمية مواهب الأطفال في مجال الشعر والإلقاء والموسيقى، حيث تم تأمين مستلزمات الأطفال، وهناك أطفال لديهم أصوات رائعة ويطورون مواهبهم، وقد أبدى الحاضرون إعجاباً كبيراً بأعمالهم وحثوهم على مواصلة العمل من أجل تحقيق أحلامهم في المستقبل”.

الطفل علي محمد (13 عاماً) وهو أحد الأطفال الذين تدربوا على غناء الراب بعد أن ينتهي دوامه المدرسي، حضر الحفل الأخير الذي أقامه المركز التدريبي وقام بإداء مقطع لعدة دقائق نال إعجاب الجميع. يقول علي: “كنت أستمع لفن الراب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وعندما سألوني عن الموهبة التي أرغب بتطويرها قررت أن يكون فن الراب لذلك قامت إحدى المدربات بمساعدتي في تأدية المقطع الغنائي وتصحيح الأخطاء حتى لاحظ الجميع تطوراً كبيراً في أدائي”.

ويضيف الطفل محمد: “أن أغلب المقاطع التي أقوم بتأديتها تدور حول المعاناة التي يصاب بها الأطفال في سوريا من قتل وتشريد وموت. تعلمت حركات وإشارات لتناسب الدور على المسرح أثناء أداء المقاطع، حيث أصبحت قادراً على تأدية مقطع لأكثر من 4 دقائق بشكل متواصل على خشبة المسرح دون أخطاء”.

وتنشط مراكز الدعم النفسي ورعاية المواهب في ريف إدلب بشكل كبير حيث يتم متابعة حالات الأطفال النفسية وإقامة دورات تأهيل نفسي لإخراجهم من أجواء الحرب، فيما يتم البحث عن المواهب الأخرى من الرسم والموسيقى والشعر والحساب وتمثيل الأدوار الفنية، حيث يتم تنميتها ودعم الأطفال بالأدوات اللازمة لتطوير مواهبهم وتحقيق أحلامهم المستقبلية.