مركز ألوان مرح وطفولة رغم الألم

يحمل حقيبته على ظهره والبسمة تعلو وجهه، ويمشي وسام (10 سنوات) بخطا سريعة باتجاه مركز “ألوان” الذي لا يبعد عن بيته سوى بضعة أمتار. يصطحب وسام أخيه الصغير معه، حيث يلتقي أصحابه، وحيث يجد الألعاب التي افتقدها خلال السنوات الماضية من عمر الحرب. هنا ينسى وسام لبعض الوقت الحزن على والده الذي توفي جراء القصف الذي تعرّض له سوق كفرنبل الرئيسي بداية عام 2013.

سوزان (11 عاما) تعبر عن سرورها بدروس اللغة العربية والإنكليزية التي تتلقاها في المركز وهي أكثر ما يعجبها. وهي تصف نفسها بأنها أفضل من السابق من الناحية العلميه والثقافيه بفضل هذه الدروس. وهذا ما تؤكده راما (22 عاماً) مدرّسة اللغة العربية في مركز “ألوان”، وقد لاحظت الفرق بين الأطفال الذين يرتادون المركز للتعلم والمرح، والأطفال الذين لا يقبلون على مثل هذه المراكز، وهم يشكلون النصف حسب تقديرها في كفرنبل.

صبية يرسمون في مركز ألوان تصوير مها رباح

وتقول المعلمة راما “أن مثل هذه المراكز مهمة في الوقت الحالي، في ظل تدهور العملية التعليمية بعض الشيء بسبب الحرب. لأنها تعزز ما يفقده الأطفال من ثقافة وعلوم، قد لاتساعده الظروف الحاليه على أخذها من المدرسة”. وتشير راما إلى أن معظم الأطفال الذين يرتادون هذا المركز تعرضوا لظروف نفسية واجتماعية صعبة بسبب الحرب. وتضيف بأنها وكادر العمل يبذلون جهدا في تخفيف الضغوط النفسية عن هؤلاء الأطفال ويعملون على إضفاء جو المرح والسعادة في حياتهم قدر الإمكان.

يقول بشير (28 عاماً) مدير مركز ألوان  “أن أصل هذه المراكز كان باص الكرامة الذي تأسس في 15 كانون الثاني/يناير 2013،

وهو باص كان يجول بين مخيمات اللاجئين ويقدم للأطفال عروضا مسرحية وبعض الهدايا والألعاب. وفي 1 شباط/ فبراير 2014، تحولت الفكرة إلى إنشاء مراكز مستقرة في جميع أنحاء المناطق السورية المحررة. بدأ المركز كروضة أطفال وتم تطويره ليشمل الأطفال من سن 6 سنوات إلى  14سنة. بناء المركز أقرب إلى القبو ولكنه ليس تحت الأرض تماما، يتألف من صالة كبيرة تشهد تتم أغلب النشاطات، غرفة إداره وثلاث غرف مخصصة لدورات التمريض والأخرى واللغتين العربية والإنكليزية.

ويشير بشير إلى حرص رئيـس منظمة “اتحاد المكاتب الثورية” رائد الفارس (45 عاماً) الداعم الرئيسى في المنطقه لمثل هذه المشاريع على نشرها في منطقة ريف إدلب، حيث بلغ عدد المراكز في كفرنبل وما حولها حوالي 12مركزاً، من بينها مركز شخابيط في بسقلا جنوب شرق كفرنبل وكتاكيت في معرة حرمة جنوب غرب كفرنبل وبراعم في حاس شرق كفرنبل، بالإضافه لوجود مركز فراشات في منطقة الكسريا شمال كفرنبل وحوالي 5 مراكز في منطقة معرة النعمان.

تحمل سمر (40 عاماً) شهادة جامعية، ولكنها عاطلة عن العمل بسبب قلّة الفرص. جاءت إلى المركز تسعى لوظيفة أو افتتاح مركز مماثل، نصحها مدير المركز بالحديث مع الشابين حسن وفراس، المكلفين من قبل رائد الفارس للبحث في إمكانية إنشاء مراكز جديدة.

رنيم (10 سنوات) وعمر (12 سنة) توفيت والدتهما بسبب المرض قبل ست سنوات. تزوج أبوهما بعد ذلك وهما يعيشان مع والدهما وزوجته. يقول عمر “لقد تركت أمنا فراغاً كبيراً في حياتنا، ولكنا نأتي إلى هنا يومياً مع خالتنا لنتسلى ونلعب مع رفاقنا ونتعلم اللغه العربيه والانكليزية. نتلقى درسين في الأسبوع للغة الإنكليزية ودرسين للغة العربية”. يتمنى عمر لو كان يتلقى دروسا أخرى في الرياضات وباقي المواد.

وتشير مدرّسة اللغة الانكليزية إلى أنهم حاليا يحضرون احتفالا كبيرا لعيد الفطر السعيد يتضمن رقصات وأغاني جميلة للأطفال

وإن جميع الأطفال اللذين في المركز يشاركون في التحضير لهذا الحفل.

سحر (50 عاماً) والدة لين (8 سنوات) التي تتدرّب استعداداً للإحتفالات. تصف جو المركز بالمرح والسعيد، وبأنها لا تنسى حفل عيد الأم الماضي الذي أقيم في المركز وتصفه بأنه كان حفلاً رائعاً ومفيداً. وتخلل الحفل إلقاء الأطفال الكلمات والأشعار التي تحث على احترام الأم وبيان فضلها وتقديمه عروض  مسرحيه عن الأم وبعض الأغاني.  وقام العاملون في المركو بتوزيع الحلوى على الأطفال والأمهات، وتوزيع الهدايا الجميله للأمهات.  من جهتها تتمنى لين لو كان للمركز باحة كبيرة خارجية مزروعة بالورود أو الأشجار.

المرشده  النفسيه فاتن (32 عاماً) تشجع مثل هذه المراكز الخاصة بالأطفال، وتعتبرها عاملاً مساعداً في تنشئة الطفل بنفسيه سليمة، بحسب ما تقدمه المراكز من دعم نفسي ومعنوي. وتقول فاتن “أحد الأطفال كان في أيام حضوره الأولى إلى المركز شديد التعلّق بوالدته، كان

يبكي حالما تتركه، بسبب خوف شديد كان يعاني منه، ولكنه مع الوقت والعنايه أصبح عاديا كباقي الأطفال”. وترجع فاتن هذه الحاله النفسية من الخوف للقصف المتكرر الذي تتعرّض له المنطقة.

عامر (11عاماً) يهوى الرسم، ولكنه ليس لديه قدرة على شراء أدوات الرسم.  هو يأتي إلى المركز كل يوم لتنمية وممارسة هوايته. ولا تخفي والدته إعجابها بالمركز، ولكنها تنتقد قلة التركيز على الدراسة فيه. وتتمنى لو أن دراسة اللغات فيه تتوسع لتشمل بالإضافه  للعربيه والإنكليزية اللغه الفرنسية والتركية. وتلفت إلى ضرورة توفير دورات خاصه بالحاسوب وعلوم أخرى مفيدة حتى يصبح المركز أكثر تكاملاً.

وتوضح أم عامر(40 عاماً) “أن منطقة كفرنبل كانت تفتقر لمثل هذه المراكز سابقاً،  وهي اليوم بادرة جديدة ومفيدة”.  من جهته يشعر عامر دائما أن هناك شيئا ما ينقصه، مهما لعب ومارس هواياته. هو يعتقد أن هذا الشئ هو العيش بأمان وسلام في وطنه.