مدرسة للنازحين عند الحدود السورية التركية

على مقاعد الدراسة في مدرسة السلطان عبد الحميد

يذهب الطفل أحمد الخليل (12عاماً) إلى مدرسته الجديدة بعد إنقطاعه عن التعليم لأكثر من سنتين. حاله كحال آلاف الأطفال الذين حرمتهم الحرب من أدنى حقوقهم في التعلم .
جمعية الهدى الخيرية عملت على بناء مدرسة السلطان عبد الحميد التي يقصدها أحمد عند الحدود السورية التركية، بهدف إعادة الأطفال المنقطعين عن التعليم إلى جو الدراسة والتعلم وإبعادهم عن أجواء الحرب والنزوح.
يعرب أحمد عن سعادته بالعودة إلى المدرسة ويقول: “نزحت مع عائلتي بعد أن تدمرت البيوت والمدارس بفعل القصف والغارات، مما دفعنا للنزوح إلى المخيمات التي لم يكن فيها أي مدرسة لنتابع تعليمنا. اليوم وبعد سنتين على توقفي عن الدراسة عدت لأكمل دراستي، بهدف تحقيق حلمي في أن أصبح طبيباً”.
المشرف على المشروع وسام الدرويش (35 عاماً) يشرح لحكايات سوريا عن أهمية المبادرة ويقول: “نتيجة قلة المنشآت التعليمية في المخيمات والمناطق الحدودية، عملنا على بناء مدرسة وهي عبارة عن مؤسسة إجتماعية ورسمية تقوم بعدة وظائف ومهام أهمها التعليم،ونقل الثقافة والتربية وتهيئة بيئة مناسبة للنمو التعليمي والجسدي”.
ويضيف الدرويش: “تستقبل المدرسة ما يزيد على 250 تلميذ، وهي تقع ضمن مأوى للنازحين يحوي حوالي 12 كتلة سكنية ضمن تجمع مخيمات الكرامة، والتي تمتد من مخيم الجولان جنوباً حتى نهاية تجمع الكرامة شمالاً وغرباً”.
ويتابع الدرويش: “يهدف المشروع لتوفير بيئة مدرسية مشجعة ومتطورة للوصول إلى قمة الإدراك المعرفي، بلإضافة لتلبية إحتياجات الطلاب، ومدى تقدمهم ونموهم من الناحية العلمية والتربوية والنفسية. ولخلق جو الإبداع والإبتكار لكافة الطلاب وذلك في إطار العمل الجماعي المثمر. بالإضافة لبناء ثقافة تطويرية في البيئة المدرسية. وفق معايير مدروسة تحقق مفاهيم الجودة الشاملة وتسير بأداء تكاملي تلامس مبادئ وأسس مدرسة المستقبل”.
تخدم المدرسة الفئات العمرية من عمر 6 أعوام وحتى 12 عاماً. وهي تحوي شعباً صفية من الصف الأول وحتى الصف السادس. موقع المدرسة ضمن تجمع سكني مختص بالأرامل، أدى إلى ارتفاع نسبة الأطفال الأيتام فيها.
غيداء العمر(38 عاماً) وهي أحد المستفيدات من المشروع تقول: “لدي 3 أولاد استفادوا من المدرسة بعد فترة إنقطاع استمرت 3 سنوات. لم يتعلموا خلالها أي شيء، حيث تفتقد المخيمات إلى أدنى المقومات الأساسية للتعليم”.
وتضيف العمر: “يضطر بعض الأطفال ممن لم يتخلوا عن حلمهم الدراسي إلى السير مئات الأمتار يومياً، عبر طرق ترابية وغير مرصوفة للوصول إلى المدارس المجاورة. أما القسم الآخر ممن لم تتح لهم فرصة التعلم ففضلوا ترك المدرسة والعمل لإعالة أسرهم في ظل الظروف المعيشية والإقتصادية الصعبة، وجود مثل هذه المدارس في المخيمات يعطي الأطفال دفعة معنوية لإكمال دراستهم وبناء مستقبلهم وتحقيق أحلامهم”.
وتعد جمعية الهدى الخيرية من أوائل المؤسسات العاملة في الشمال السوري. وهي مؤسسة خيرية إنسانية غير ربحية تسعى للمساهمة في بناء مجتمع حضاري في سوريا، مبني على القيم الإنسانية السامية في سبيل تنمية قدرات الفرد والمجتمع.
بلغت أعداد الطلاب المهجرين من إدلب أكثر من 180 ألف طالب بحسب مديرية التربية في إدلب. 25 ألفاً منهم من ريف حماة الشمالي، مما سيحرم هؤلاء الأطفال حقهم في التعليم الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية جديدة، وذلك بسبب وقف الجهات المانحة دعمها لمديريات التربية والتعليم في إدلب مما يهدد أكثر من 840 مدرسة تضم 35 ألف طالب وطالبة بالتوقف عن التعليم.
ساهر السطيف (48 عاماً) عضو مجلس محلي يقول لحكايات سوريا: “وجود مثل هذه المدارس في المخيمات، تعطي الأطفال مساحة أكبر في خروجهم من أجواء الحرب والتشريد والمشاهد الدموية التي تحدث أمامهم يومياً. خاصة مع تدني المستوى التعليمي في الشمال السوري”.
ويشدد السطيف على “ضرورة المبادرة إلى مثل هذه المشاريع كونها تنقذ الأطفال من الأمية، التي استشرت في مناطق الشمال السوري نتيجة قلة الإهتمام والفرص التعليمية”.
خالد الأخرس (11 عاماً) يقول بحسرة: “أنا لا أجيد القراءة ولا الكتابة. نزحت مع عائلتي حين كان عمري 6 سنوات. لم أدخل حينها المدرسة وبقيت في المخيم حتى الآن. ولم استطع الإلتحاق بأي مدرسة. ولكن الآن سأداوم في المدرسة مع أصدقائي لأتعلم معهم. وآمل أن أتمكن من مواكبة أصدقائي الذين هم من عمري”.
على الرغم من من الحرب والتشريد والنزوح يصر أطفال إدلب وريفها على أحقيتهم في التعليم ومتابعة تحصيلهم العلمي، بعد أن ذاقوا مرارة الألم والحرمان واليتم والفقر.