مبادرة فردية لدعم ذوي الإحتياجات الخاصة في سوريا

يتابع محمد الصطيف (35 عاماً) بهمة عالية تدريباته الرياضية، متحدياً إصابته التي حرمته من أبسط حقوقه في الحركة والعمل .

تدريبات محمد الصطيف تأتي ضمن سلسلة نشاطات أطلقها الرياضي والملاكم السوري موفق الزهوري. وهي مبادرة رياضية تهدف إلى رفع قدرات المصابين وذوي الإحتياجات الخاصة ومساعدتهم على تحريك أطرافهم المصابة .

يبدي الصطيف سعادته لمشاركته في المبادرة ويقول: “شيء جميل أن تمتلك روح الإصرار والتحدي لمواجهة إصابتك التي لطالما عانيت منها في أدنى حركاتك. لم أكن أتخيل يوماً أن أمارس لعبة كرة القدم بعد إصابتي في قدمي والتي جعلتني أكاد لا أستطيع السير عليها”.

ويضيف الصطيف: “ملأت وقت فراغي بهذه التدريبات التي تحمل روح الإصرار والتحدي للتغلب على الإصابة. سواء في الملعب أو بالمنزل وفي كل حركة أتحركها. وجعلت النشاطات حياتي أكثر تشويقاً وفرحاً من خلال روح المنافسة والعلاقات الإجتماعية الجديدة، مع من تعرفت عليهم ممن يعانون ذات الحالة. باتت المسابقات حديثنا اليومي بدلاً من أحاديث اليأس والألم الذي كان يطغى على حياتنا”.

لاقت نشاطات موفق الزهوري إقبالاً كبيراً وتشجيعاً من الأهالي الذين أثنوا على المشاركين وشجعوهم على الإستمرار حيث بدت روح المنافسة والتحدي جلية على وجوههم.

 من جهته يقول الزهوري عن المبادرة: “بما أنني مصاب أيقنت أنه لا يشعر بالمصاب إلا المصاب حيث عشت معاناة الإهمال، وهو ما دفعني للعمل على مثل هذه النشاطات التي تخفف عن المصابين  والمبتورين ألم ومرارة إصابتهم عن طريق ممارسة الرياضة”.

ويضيف الزهوري: “تعتمد الرياضات على تحريك الطرف المصاب للشخص، كلٌ حسب إصابته. وتتنوع الأنشطة بإختلاف حالات الإصابة، وشملت كرة القدم  والسباحة والماراثون وكرة الحديد، وتعتمد هذه الرياضات وبالدرجة الأولى على إستخدام الأطراف المصابة وتقويتها بحيث تتحسن اللياقة الجسدية لديهم بعد فترة الركود والضمور العضلي الذي رافقهم”.

ويلفت الزهوري إلى “أن هذه التدريبات تتيح لذوي الاحتياجات الخاصة العودة لحياتهم الطبيعية وزرع الثقة في نفوسهم وتسليط الضوء على هذه الفئة المنسية من الناس، ودمجها بالمجتمع والعمل على رفع معنوياتها وإخراج المصابين من الواقع المظلم ومن الضغوط التي يعيشون في ظلها من نزوح وتهجير وفقدان الثقة بالنفس”.

ويعتبر الزهوري أن من واجبه “مساعدة هذه الشريحة التي ذاقت من مرارة الحرب ما يكفي فهي اليوم بأمس الحاجة لمثل هذه المبادرات التي تساعد على تحمل أعباء الإصابة والتغلب عليها”.

لم تقتصر نشاطات الزهوري على شريحة ذوي الإحتياجات الخاصة بل توسعت لتشمل أطفال الشهداء والمعتقلين بالإضافة للأطفال الأيتام من ذوي الإحتياجات الخاصة .

الطفل علي المعري (11 عاماً) يقول لحكايات سوريا: “قدمت لي هذه النشاطات الكثير من المساعدات والتي تمثلت بتأمين كفالة لي من أحد التجار الذي أصبح يقدم لي العناية والغذاء والدواء ولوازم الدراسة بعد ان كنت منسياً لا ملجأ ولا مساعدة تذكر”.  

ويعاني علي المعري من اليتم وشلل نصفي بعد أن تعرّضت مدرسته ما أدى لإصابته إصابة بليغة .

يعمل موفق الزهوري أيضاً على تأمين فرص عمل للمصابين تلائم إصاباتهم لتأمين دخل يستطيعون من خلاله إعالة أنفسهم وأسرهم وذلك بجهود فردية وتطوعية.

قاسم السعيد (38 عاماً) يقول: “أثبتّ اليوم أنني أستطيع تحمل أعباء نفسي وعائلتي وقدرتي على أن أكون عضواً منتجاً في المجتمع، وذلك بعد التشجيع والدعم النفسي والمعنوي من قبل الزهوري وأصدقائي وأقاربي. لم أعد بحاجة إلى السلل الإغاثية والمساعدات من المنظمات الإنسانية وذلك بعد أن بدأت العمل في محل الحلويات في مدينة معرة النعمان مما يؤمن لي حياة كريمة بعيدة عن العوز والحرمان”  .

من جهته يشدد الطبيب خالد العمر(38 عاماً) على إستدامة هذه المبادرات ويقول: “تعمل مثل هذه النشاطات على رفع اللياقة البدنية لدى المصاب مما يجعل إمكانية شفائه كبيرة. كما تغني هذه النشاطات عن جلسات العلاج الفيزيائي في أغلب الأحيان كونها تستهدف الطرف المصاب بشكل مباشر. وهي تساعد المصاب على التحمل وإيجاد طرق ووسائل بديلة تخفف عنه مشاكل الحياة اليومية”.

ويضيف الطبيب العمر: “قلما نجد مثل هذه المبادرات في المناطق المحررة مما يؤثر على العامل النفسي لدى المصابين من قلة الإهتمام والرعاية. فالمصاب لايحتاج إلى سلل إغاثية وغذائية فقط، بل يحتاج لوقوف الناس إلى جانبه وتشجيعه على التأقلم مع حياته الجديدة “.

وأعلنت منظمة آنديكاب إنترناسيونال غير الحكومية في أحدث بيان لها أن 3 ملايين شخص أصيبوا في سوريا، بينهم مليون ونصف مليون يعيشون اليوم مع إعاقة دائمة، بينهم86 ألفا إضطروا للخضوع لعمليات بتر أطراف.

على وقع الحرب والقذائف والصواريخ على إدلب وريفها يصر موفق على متابعة نشاطاته متحدياً بذلك الحرب الهمجية التي أشبعت السوريين قتلاً وتهجيراً، ولسان حاله يقول: “الإصابة ليست نهاية الحياة بل هي التحدي الحقيقي لخوض مغامرة الحياة”.