مبادرة فردية لإيواء النازحين في سرمين

مدينة سرمين ترحب بكم

أبو عماد السراقبي رجل يعمل في تجارة البناء يمتلك بناء لم ينجز بالكامل بعد وهو غير مجهز للسكن. حين ازدادت وتيرة النزوح نحو بلدته سرمين في ريف ادلب، تبرع بالبناء للنازحين واستطاع بمساعدة بعض شباب مدينته تجهيزه حسب مقدرتهم.

يقول أبو عماد: “أنا تاجر بناء أشتري أراضي وأشيد الأبينة، لدي منبى مؤلف من 34 شقة سكنية. عندما رأيت النازحين من ريف حماة وخان شيخون يتعذبون ولا يعرفون إلى أين يذهبون من شدة الخوف والقلق، أخبرتهم بما لدي من شقق سكنية. كان تأمينهم ومساعدتهم في السكن أهم لدي من كل تجارتي”.

ويضيف أبو عماد: “استطعت تجهيز هذه الشقق بمساعدة بعض الشباب بحيث تصبح صالحة للسكن، بانتظار الفرج وعودتهم لديارهم منصورين. وتمكنا من إسكان النازحين فيها وقدمنا لهم بعض خدماتنا حسب استطاعتنا. نحن شعب واحد إن لم نقف مع بعضنا البعض فمن سيقف معنا؟ كل النازحين إخوتنا ومساعدتهم والوقوف معهم بمصابهم واجبنا”.

كما يعتقد أبو عماد أنه كان بإمكانه تأجير هذه الشقق على وضعها الحالي بمبالغ مادية تتراوح بين 7 و9 آلاف ليرة سورية شهرياً لكل شقة لكنه رفض ذلك. وهو يصر على مساعدة النازحين والمهجرين، ويقول: “علينا الوقوف مع بعضنا البعض في هذه المحنة”.

كانت هذه المبادرة الخيار الأفضل لعدد من النازحين والهاربين من الموت على الطرقات بسبب البرد. استفادت أكثر من 27 عائلة من هذا المأوى. فكان الخيار الأفضل لهم في ظروفهم الصعبة.

يقول أبو محمد وهو أحد النازحين من ريف حماة لحكايات سوريا: “رغم أن البناء غير منجز لكنه يكفي لأن له سقف يأويك أفضل بكثير من فرش الطرقات تحت غصون الزيتون ومصارعة الشتاء بالقماش، والخوف على الأطفال من المرض والغرق في الوحل”.

ويتابع أبو محمد: “نحن بأمسّ الحاجة لكل متطلبات الحياة. خرجنا من ديارنا بدون أي شيء فلما وجدنا هذا المكان، واستطعنا الإقامة فيه بمساعدة صاحبه أبو عماد شعرنا أن أهل الخير لا زالوا موجودين رغم ضيق الظروف، وقلة الإمكانيات. لكن كما يقال بحصة بتسند جرة”.

سعيد (9 أعوام) يقول: ” البيت أحسن من الخيمة، لان الخيمة بشعة ولم أحبها كانت ثيابي دوماً معفرة بالتراب. لقد سررت كثيراً فأنا أنام تحت سقف مع أبي وأمي وإخوتي. لا أخاف لا من المطر ولا من صوت الرياح أن تقتلع خيمتنا”.

أم كمال إحدى النازحات من مدينة خان شيخون تقول: “بعدما اشتد علينا القصف هربنا من البيت بأي طريقة ممكنة. وتعذبنا حتى وجدنا سيارة أجرة تنقلنا بعيداً عن القصف.والأطفال معنا كانوا يبكون من شدة الخوف. تنقلنا كثيراً بين القرى حتى وصلنا إلى سرمين. وجدنا أهل الخير وساعدونا وأعطونا شقة فكانت مثل قارب النجاة، نعيش فيه حتى تنتهي معاناتنا.

سندس (10 أعوام) تقول: “صحيح ان البيت ليس مجهزاً بالكامل ولكنه ارحم من البقاء على الطرقات. أنا مرتاحة هنا في هذا البيت. والعم أبو عماد لم يقصر معنا. وأتمنى أن أعود إلى بيتنا لألعب في الحديقة وألتقي بأصدقائي في الحارة”.

أبو فرحان أحد النازحين من مدينة مورك يقول: “لو لم يساعدنا أبو عماد بهذا السكن كنا حتى الآن تحت الأشجار، نغرق بمياه المطر. ولكن أهل الخير وقفوا معنا وساعدونا قدر استطاعتهم. السكن نصف الحياة لكن العمل هو الحياة بأكملها وسرمين مدينة جميلة وأهلها كرام”.

تبقى معاناة النازحين في فصل الشتاء أكبر من باقي الفصول، حتى الخيم يصبح تأمينها صعباً. يقول أبو علاء أحد النازحين من ريف إدلب الجنوبي: “أنا لم أستطع إيجاد خيمة واحدة مما اضطرني للسفر بين القرى باحثاً عن مأوى لي ولعيالي. ليس لدينا المال لنستأجر منزلاً وظروفنا صعبة كثيراً، ودخول فصل الشتاء زاد معاناتنا. بدأنا نبحث عن سكن يحمينا من المطر والبرد. فلما جئنا إلى سرمين تعرفنا على أبو عماد وسكنا في مبناه، وجدنا القليل من الراحة وما زلنا نبحث عن وسائل للتدفئة في هذا الشتاء”.

بين الموت والحياة تهرب العوائل من القصف إلى أي مأوى كان، مع وجود أهل الخير يبقى الأنسان عوناً لأخيه الأنسان بعيداً عن الطمع والجشع، وكان أبو عماد الحل الأمثل لمساندة العائلات النازحة والوقوف معها.