لم يدرس المسرح ولكنه أصبح أستاذاً فيه

بأدوات بسيطة يقدم عماد حمدو عروضه المسرحية ويدرّب الأطفال عليها تصوير شريف فارس

لطالما أحب عماد حمدو فنون المسرح والغناء والعزف بالإضافة إلى بعض أنواع الرسم الحي والتجريدي والواقعي.هذا الشغف نقله إلى الأطفال في مخيمات النزوح في محاولة للترفيه عنهم وتوجيههم وتثقيفهم.

حمدو (30 عاماً) ولد وترعرع في قرية ماير في ريف حلب الشمالي في مجتمع بسيط ومحب وعائلة محافظة.كان التمثيل هوايته منذ نعومة أظافره. كان يحب تقليد الأشخاص والغناء أمام الأصدقاء وبعض الأقارب. كان يدخل الفرح والسرور الى قلوب أصدقائه أثناء تقليده الأشخاص بأصواتهم وحركاتهم.

كبر حمدو وكبرت معه هوايته إلى أن أنهى دراسته الثانوية واستطاع التسجيل في “معهد حلب للموسيقى”. لكن لسوء حظه واجهته ممانعة قوية من قبل أسرته المحافظة الرافضة لمزاولة مهنة الغناء والتمثيل. كانت العائلات المحافظة في حلب وأريافها تعتبر الغناء والمسرح من الأعمال المحرمة ويجب أن تبعد أولادها عنها.

لم يصب عماد حمدو بالإحباط، رغم شعوره الغضب والحزن. بل بات يفكر بكيفية تطوير هوايته والاستمرار لتحقيق حلمه. اضطر للتوقف عن مزاولة هوايته في الغناء والتمثيل لبعض الوقت بسبب مجتمعه الذي حاصره بالرفض. لكنه كان يؤمن بأن “لا شيء يقتل الأماني سوى الاستسلام.”

نجح حمدو في مزاولة هواياته بعد عدة معارك خاضها في مجتمعه المحافظ، الذي رفض هوايته رفضاً تاماً.وضع هدفه نصب عينيه ورفض الاستسلام حتى كبر حلمه وأصبح هدفاً وطريقاً ينتهجه في حياته.

رغم أنه لم يستطع إكمال تعليمه في معهد حلب للموسيقى لكنه تابع دورات تدريبيه في بعض المعاهد الخاصة كـ “معهد العروبة”، وقرأ الكثير عن المسرح حتى بات يبدع بأسلوبه الخاص.

في العام 2011، بدأ حمدو أول مشواره بتدريب الأطفال على التمثيل المسرحي في مدرسة ابتدائية كان يدرّس فيها. وأقام مسرحيات حول شتى المواضيع الهادفة والقيم الهامة في بناء جيل واع.

اندلعت الحرب في سوريا وكان لمدينته نصيبا منها. قصفت قوات النظام المدينة بعد سيطرة المعارضة عليها. غادر حمدو المدينة مضطراً حرصاً على سلامة زوجته وولديه من القصف. غادرها حزيناً وانتقل إلى مخيمات أعزاز شمالي حلب.

 عندما شاهد حمدو الأطفال في المخيم وكيف حرمتهم الحرب من ممارسة طفولتهم، بدأ يفكر بكيفية إدخال الفرح والسرور إلى حياة الأطفال وتعزيز المبادئ والقيم والأخلاق عندهم.وأصبح عماد يقدم العروض ضمن النشاطات التي كانت تقدمها في المناسبات كـ “يوم الطفل العالمي” و”يوم الصحة العالمي”.

وعمد حمدو إلى تدريب الأطفال على التمثيل المسرح وسبل إيصال رسائلهم بقولة للعالم عبر المسرح.وعمل مع بعض المنظمات الإنسانية وانصب اهتمامه على التوعية وحماية الطفل. شارك ويشارك هو والأطفال الذين يدربهم على خشبة المسرح ضمن الكثير من الفعاليات الإنسانية.

قدم العديد من المسرحيات في مسرح العرائس والدمى التي كان لها صدى كبير لدى الجمهور عامة والأطفال خاصة. وهم الأعمال التي قدمها مسرحية “بحبوح أفندي” و “ريا وسكينة” “. وعمل على إنشاء عمل مسرحي أسماه “يوميات طفل” بالإضافة إلى مسرح الدمى الذي يشاهده الأطفال بكل فرح وسرور.

عندما يشاهد حمدو تفاعل الجمهور والأطفال مع مسرحياته التي يقدمها يشعر بالفخر.والقوة التي يستمدها من الجمهور تعطيه دافعاً قوياً للمضي في دربه وتقوية هوايته.

يسعى حمدو جاهداً لإيجاد جهة تتبنى أفكاره، وتحقق له أهدافه. هو يريد تنشئة جيل متفهم ومدرك لأهمية المسرح في بناء الذات. وإدخال الفرح والسرور إلى قلب الأطفال عن طريق المسرحيات الكوميدية الهادفة ذات القيم والأخلاق.

ويطمح عماد حمدو لتأسيس مسرح، يدرّب فيه الأطفال ويساهم في توعيتهم. هو شاب طموح ويسعى لتحقيق ما يهدف إليه رغم كل العوائق والصعوبات.