لأطفال الشوارع في سوريا قصصهم المحزنة

أستاذ سوري يجلس مع الأطفال على العشب أثناء أعطائه درس في الرسم بأحد روضات الأطفال في مدينة درعا جنوب سوريا.

أستاذ سوري يجلس مع الأطفال على العشب أثناء أعطائه درس في الرسم بأحد روضات الأطفال في مدينة درعا جنوب سوريا.

"عثرت عليهم السيدة أماني في أحد الشوارع، ومن خلال سؤالهم استطاعت معرفة وضعهم ومساعدتهم على الخروج من هذا المستنقع. قامت برعايتهم والتقرب منهم بشكل كبير بسبب وضعهم. "

بعد وصولي إلى تركيا، بدأت بالعمل في أحد المراكز التجارية لفترة وجيزة. لم أستمر بسبب طول ساعات العمل وتدني الراتب.
أمضيت في المنزل قرابة السنة، رغم بحثي المستمر عن عمل، إلى أن جاء يوم ووجدت فرصتي في مركز لرعاية الاطفال اليتامى. كان المركز يعنى بالأطفال من كافة النواحي، من طعام وشراب ولباس ودراسة وصحة.
أمضيت في هذا العمل ما يقارب 3 سنوات بعد فترة من العمل، جاءت سيدة سورية إسمها أماني، كانت مسؤولة عن أحد دور الأيتام في مدينة حلب، يرافقها 3 أطفال. روعة وتبلغ من العمر 11 عاماً ومحمود ويبلغ من العمر 10 سنوات، وأما الأخت الصغرى فكانت تبلغ من العمر 7 سنوات واسمها دلع.
جاءت أماني برفقة هؤلاء الأطفال بعد أن تم إخلاء دار الأيتام التي كانت مسؤولة عنها بسبب الحرب. تم إيداع كل طفل عند أحد أقاربه. أما روعة ومحمود ودلع، فلم يكن لهم أقارب. عائلتهم تشتت بعد أن قضى والدهم وهو يقوم بإسعاف أحد المصابين إلى إحدى المشافي الميدانية في حي الصاخور بحلب.
بعد هذا الحادث بقي الأطفال يعيشون مع أمهم وأخيهم الأكبر، كان متزوجاً ولديه طفلة صغيرة. وحسب رواية الاطفال أنهم قاموا بالسفر إلى دمشق برفقة أمهم التي تعرفت هناك على أحد الاشخاص. خطبها وتزوجا لكنه لم يقبل أطفالها معها. فتم وضعهم في دار للأيتام في دمشق. جاء أخوهم الأكبر وأخذهم معه الى حلب.
وفي أحد الأيام قرر الأطفال الهرب من منزل أخيهم الأكبر والسفر لرؤية أمهم التي اشتاقوا إليها. نجح الأطفال في الهرب والخروج من المنزل، لكنهم لم ينجحوا في السفر، حيث أنهم كانوا صغاراً وضاعوا في شوارع حلب.
عثر عليهم رجل ضخم طويل القامة، وأخذهم بحجة أنه يريد إيوائهم خوفاً عليهم. وحينها كانت بداية مأساة جديدة، حيث ان الرجل كان من الذين يستغلون الأطفال في العمل والتسول في الطرقات. ويقوم بضربهم ضرباً مبرحاً دون رحمة أو شفقة. وكانت ماتزال آثار الضرب موجودة على أجسادهم ووجوههم.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد مع الأسف فقد تجاوز هذا بكثير، حتى وصل به الأمر الى التحرش الجنسي بالأطفال. وبسبب كثرة الضرب والتحرش أصبح الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية كبيرة جداً. كانوا يصرخون بلا سبب وبلا وعي، ويقومون بتحطيم ما تطاله أيديهم في نوبات الغضب.
عثرت عليهم السيدة أماني في أحد الشوارع، ومن خلال سؤالهم استطاعت معرفة وضعهم ومساعدتهم على الخروج من هذا المستنقع. قامت برعايتهم والتقرب منهم بشكل كبير بسبب وضعهم. حتى أنها عندما قررت الخروج من سوريا قامت باخراجهم معها، والتوجه بهم إلى مدينة غازي عينتاب حيث أقاموا لفترة وجيزة في دار أيتام كانت تدعى دار الأخوة. وثم أرسلوهم إلى مركزنا لانهم كانوا بحاجة لعناية خاصة ومتابعة.
وبعد فترة من مكوثهم في مركزنا، تم عرضهم على أحد الأخصائيين النفسيين، الذي كان يتابع حالتهم. الطفل محمود تم تحويله الى طبيب نفسي وصف له بعض الأدوية والمهدئات، الى جانب العلاج السلوكي من قبل الاخصائي.
وتم عرض الطفلتين على طبيب مختص اكد الطبيب ان الطفلتين ربما قد تعرضتا للتحرش، لكنه لم يتم أذيتهما بشكل خطير. تقرر عزل الطفلة الكبيرة روعة وإرسالها إلى إحدى دور الأيتام التي تعنى بالأطفال اليتامى من الإناث فقط .
وبقي محمود واخته الصغرى لدينا. عندما علما بقرار الفصل هذا رفضا إبعاد اختهما عنهما، إلا أن الأمر كان إلزامياً، حيث أن روعة كانت قد بدأت في سن المراهقة واستوجب الأمر فصلها وإرسالها إلى دار الإناث كي تتعلم بعضاً من حياة الإناث التي كادت تنعدم لديها ولدى أختها.
كانت التصرفات الصبيانية واضحة بشكل كبير على الفتاتين، بسبب العيش فترة لابأس بها بين الذكور، عندما كان يحتجزهم ذلك المجرم. وبعد ما يقارب السنة تم إرسال الأخت الصغيرة أيضاً إلى نفس الدار حيث تقيم أختها الكبيرة روعة.
رفض محمود هذا القرار وحاول الهرب من الدار، لكن تم إرجاعه. وبمساعدة الأخصائي النفسي الذي كان مسؤولاً عن حالته تم اقناعه أن هذا هو القرار الأمثل له ولأختيه. عاد محمود الى الدار واصبح يتلقى زيارات أسبوعية من أختيه بمساعدة الدار وأحيانا كان هو يزورهما كما أن السيدة أماني ما تزال تقوم بزيارتهم.
حلا العبدالله (25 عاماً) متزوجة وأم لولدين نازحة في تركيا وتبحث عن عمل.