كفرنبل ترفض مساعدات “الهلال الأحمر”

يرى عدد كبير من سكان كفرنبل أن المساعدات التي تأتي عن طريق “الهلال الاحمر” تخدم مصالح النظام.

يوسف الأحمد

(كفرنبل، سوريا) – تعلن منظمة “الهلال الأحمر العربي السوري” أنها منظمة حيادية، وقد خسرت العديد من متطوعيها أثناء أداء مهمات إنسانية. إلا أن التنسيق الرسمي بين المنظمة والحكومة يجعل كثيرين من جمهور المعارضة يرون أنها تمثل النظام.

وثيقة انتشرت على الانترنت تشير الى ان محافظ إدلب هو الرئيس الفخري لـ "الهلال الأحمر" في المحافظة - فيس بوك
وثيقة انتشرت على الانترنت تشير الى ان محافظ إدلب هو الرئيس الفخري لـ “الهلال الأحمر” في المحافظة – فيس بوك

في كفرنبل يرفض السكان تلقي مساعدات غذائية من “الهلال الاحمر” وقد هتفوا في شباط/ فبراير في إحدى المظاهرات التي تقام يوم الجمعة “ما بدنا كراتين ورز… بدنا الشعب يعيش بعز”.

لم تعمل المنظمة في كفرنبل من قبل. وقد رفض السكان هذه المساعدات بعد انتشار وثيقة على الانترنت تؤكد أن المسؤول عن “الهلال الأحمر” المنظمة في محافظة إدلب هو المحافظ التابع للنظام.

تشكلت لجنة بقرار من بلدية كفرنبل التابعة لحكومة دمشق، مؤلفة من رئيس البلدية وأحد أعضاء هذه البلدية، بالإضافة إلى عضو سابق في مجلس الشعب، وعضوين آخرين. كانت مهمة هذه اللجنة تسجيل أسماء المحتاجين في مدينة كفرنبل، من أجل توزيع تلك المساعدات.

يقول أحد أعضاء اللجنة، الذي فضّل عدم ذكر اسمه: “قبلنا استلام تلك المساعدات من منطلق إنساني، بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي باتت تعيشها كفرنبل منذ أكثر من سنة”.

تقدّر العائلات المحتاجة لمساعدات إنسانية في كفرنبل بأكثر من 2000 عائلة، بحسب منظمة “اتحاد المكاتب الثورية” الناشطة في مدينة كفرنبل بالمجال الإغاثي.

وهو ما أكّده عدنان القاسم، رئيس مجلس كفرنبل المحلي التابع لـ”الائتلاف الوطني” المعارض. القاسم أوضح أنّ ما يصل من مساعدات لكفرنبل لا يكفي لسد سوى القليل من حاجة العائلات المنكوبة في المدينة.

هناك مجموعة من المنظمات الإغاثية تنشط في مدينة كفرنبل، منها المجلس المحلي المدعوم من الائتلاف، ومنظمة “اتحاد المكاتب الثورية” المدعومة من مجموعة من المغتربين، بالإضافة إلى “هيئة شام الإسلامية”، و”جمعية الهدى الخيرية” .

سيدة تبلغ من العمر 50 عاماً وهي أرملة تعيل أربعة أطفال، لم تصرح عن اسمها، قالت: “نحن بحاجة لمساعدات من أيّ طرف كانت، سواء من النظام أو من المعارضة”.

لكنّ حسن الأحمد (26 عاماً) يعارض هذا الرأي. قتل والد حسن بقذيفة أطلقتها القوات الحكومية وسقطت أمام منزله، في شباط/ فبراير 2013، وبالرغم من  أنّ ما يصل أسرته، المؤلفة من أم وأربعة أطفال، لا يفي إلّا بالشيء اليسير من حاجتهم، يرفض حسن المساعدات المقدّمة عن طريق النظام، من أي جهة كانت.

يوافق على ذلك المجلس المحلي، بحسب رئيسه عدنان القاسم، الذي يعتقد أن هدف النظام من هذه المساعدات هو تصوير الوضع أمام العالم على أنّ الثورة السورية هي ثورة جياع، وأنّه لا وجود لمناطق خارجة عن سيطرته.  يضيف القاسم: “اللجنة التي ستستلم هذه المساعدات رفضت تضمين قوائمها أسماء المنشقين عن القوات الحكومية، وهو ما يدل على انحياز اللجنة التام للموالين لنظام الأسد”. ويرفض القاسم التعامل مع هذه اللجنة بشكل قاطع.

وكان المجلس المحلي قد أصدر بياناً استنكر فيه قبول تلك المساعدات عن طريق النظام، زاعماً أن محافظ إدلب التابع لحكومة دمشق هو الرئيس الفخري لهذه المنظمة في إدلب. وطالب البيان منظمة “الهلال الأحمر” بتوزيع هذه المساعدات عن طريق إحداث مكاتب للمعارضة في “المناطق المحررة”. وحذر البيان من القيام بهذا العمل تحت طائلة المحاسبة ومصادرة المساعدات.

قائد “لواء فرسان الحق” المقدم فارس البيوش أيّد قرار المجلس المحلي، وقال: “كل شخص سيتعامل مع النظام ستتم ملاحقته، وستتخذ بحقه الإجراءات اللازمة”. وأضاف: “لن نسمح للنظام والمتعاونين معه شراء ذمم المواطنين وكم الأفواه بلقيمات لا تغني عن جوع”.

الناشط الإغاثي حمزة الهزاع (31 عاماً) قال إن الحكومة السورية لا تقدم المساعدات إلا إلى الموالين لها “كالأمن والشبيحة”. ولفت الهزاع إلى أن مثل هذه المساعدات ستعمل على تحسين صورة النظام أمام العالم، وهي “خطوة في طريق إعادة الشرعية له”.

يعتقد الهزاع أن “النظام سيعمل على إيصال هذه المساعدات للمناطق المحررة لمرة واحدة، وذلك لمنع الأمم المتحدة من فتح ممرات إنسانية لهذه المناطق”.

حسين (اسم مستعار) المنشق عن قوات النظام ومعيل لخمسة أطفال يقول إنه لم تصله سوى سلة إغاثية واحدة منذ أكثر من سنة. حسين يعتقد أنّ هذه المساعدات مقدمة للشعب السوري من جهة محايدة، ولا يهم الطرف الذي سيعمل على إيصالها لهذا الشعب، ويقول: “حقنا ونريده .. ولسنا موالين للأسد”.

بعد رفض المجلس المحلي في كفرنبل والتشكيلات العسكرية والثورية فيها وصول مثل هذه المساعدات تراجعت اللجنة المسؤولة عن عملها، وتوقفت عن تسجيل أسماء المحتاجين. أحد أعضاء اللجنة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، اعتبر ذلك ظلماً بحق الأهالي وحرماناً للمحتاجين من الحصول على مساعدة، قائلاً: “منطلقنا إنساني بحت وهدفنا مساعدة المحتاج ولم نكن مطية سياسية لأي طرف”.

المدرّس محمد المناع يوافق على ذلك، واصفاً عمل اللجنة بالإنساني. المناع يعتبر أن منع وصول هذه المساعدات هو تفريط بحصة كفرنبل من هذه المساعدات، ويقول: “العديد من المناطق استلمت مثل هذه المساعدات فلمداذا لا نستلمها نحن؟”. ويضيف: “مستقبل الثورة لا يتوقف على بعض المساعدات الانسانية”.

ختام (51 عاماً) فقدت زوجها في غارة جوية للقوات الحكومية على سوق في كفرنبل، في 28 آب/ أغسطس 2013، وهي معيلة لطفلين. تستنكر ختام قبول اللجنة العمل مع نظام “يقتل شعبه بشتى أنواع الأسلحة”، وتضيف: ” لا للمساعدات الممزوجة بالدم”.