كرة القدم تعود إلى إدلب
عاد الهتاف والتصفيق إلى ملاعب كرة القدم في ريف إدلب الجنوبي. جمهور كبير يشكّل حلقة حول الملعب الذي يستضيف مباراة الدور الثاني من دوري كرة القدم المقام في بلدة حاس. يضم الدوري 16 فريقاً يمثلون القرى المجاورة. تتوزع الفرق على أربع مجموعات، تضم كل مجموعة أربعة فرق. ومن هذه الفرق: الفاضل حاس، شهداء كفرنبل، برنس كفروما، البارة، اتحاد حيش، اولمبي بسقلا، تقانا، احسم.
تستضيف المباريات إحدى المدارس الواقعة في بلدة حاس، في المناطق المحرّرة من ريف إدلب، وتقام للعام الثاني على التوالي. ويضم كل فريق مشارك 6 لاعبين وحارس مرمى، وأربعة لاعبين أو أكثر على مقاعد الاحتياط. بالإضافة إلى ارتداء كل فريق زياً موحداً ومختلفاً عن الفريق الآخر. قامت اللجنة المشرفة على البطولة بتلوين خطوط الملعب ونصب عوارض حديدية لكل مرمى وكذلك شراء عدة كرات قدم.
سليمان الزيدان (22عاماً) أحد لاعبي فريق الهلال يقول لـ”دماسكوس بيورو”: “كنا في السابق نجمع اشتراكات من كل لاعب يريد الانضمام للفريق، من أجل شراء القمصان والمساهمة في شراء كرات القدم وترميم الملعب، أما الأن فأصبحت البطولة برعاية منظمات تعهدت بدفع التكاليف التي تترتب على المباريات”.
يضيف الزيدان: “أن مسابقة الدوري تشهد حماساً متزايداً بين الفرق من أجل الحصول على لقب الدوري، يسعى كل فريق إلى ضم أفضل اللاعبين في صفوفه، وكذلك التشجيع الجماهيري هو من يجعل المباريات أكثر متعة”.
أبو صلاح (30عاماً) لاعب فريق “تقانا” يعتقد “أن هذا الدوري يحتاج الكثير من العمل من أجل يرتقي للمستوى المطلوب للمسابقات، نعاني كثيراً من عدم وجود حكام يفهون قوانين اللعبة بشكل صحيح”.
طه الذكر(29عاماً) أحد الحكام الذي يديرون مباريات الدوري يوضح: “أن أغلب الحكام يتم اختيارهم أولاً من هواة اللعبة وممن لديهم خبرة سابقة بالتحكيم، وأن أكثر مدرسي مادة الرياضة هم من يديرون المباريات، وأحياناً نجلب حكاماً أداروا مباريات في الدرجة الثانية في الدوري السوري سابقاً في المراحل النهائية من البطولة “.
يضيف الذكر: “أن المباراة يديرها حكم ساحة وحكمي تماس، وبالنسبة للأخطاء التحكيمية فالحكام يخطؤون حتى في كأس العالم، واشتراكنا في عدة دوريات قد أكسبنا خبرة أكبر في إدارة مثل هذه المباريات”.
وعند أطراف الملعب يبدأ حشد الجمهور، قبل إطلاق الحكم لصافرته وبدء كل طرف بتشجيع فريقه، الأمر الذي يزيد من حماسة الدوري. قد تؤدي تلك الهتافات أحياناً إلى وقوع مشاجرات بين جماهير الفرق المشاركة.
أحد مشجعي فريق الهلال ويدعى محمد الكلاس(25عاماً) عامل في قطاع البناء. يقول: “نحن نعشق كرة القدم، هي الشيء الوحيد الذي يخفف عنا مصائب الحرب المتواصلة منذ 4 سنوات، وهذه البطولات تمثل فرصة لأهالي القرى من أجل العودة تدريجياً لمتابعة كرة القدم بعد انقطاعهم عنها لسنوات، بسبب القصف والموت الذي يلاقونه كل يوم”.
حصول بعض المشاجرات بين جماهير الفرق، دفع اللجنة الأمنية في بلدة حاس التابعة للشرطة الحرة إلى أخذ التدابير اللازمة، من خلال إرسال دوريات لفض النزاعات بين الجماهير. فتشهد الملاعب ومحيطها دوريات وجولات على من أجل القضاء على أي مشكلة قبل حدوثها.
عن هذه التدابير الأمنية الاحترازية يقول أبو عبد الله (37عاماً) أحد عناصر المركز الأمني: “نحن نعمل على أن تكون البطولة متميزة من كافة النواحي وخصوصاً الناحية الأمنية، فنسعى إلى حل الخلافات والمشاجرات بين اللاعبين والجماهير، من أجل ألا تتطور الأمور ونضطر أحياناً إلى معاقبة بعض المخربين من خلال زجهم لإيام في السجن”.
هذه الدورة أشرفت عليها منظمة “ضع بصمتك” وهي منظمة اجتماعية وثقافية تعمل في المجال التعليمي من خلال بناء مراكز تعليم للأطفال، وفي المجال الرياضي من خلال تبني أنشطة رياضية للأطفال ورعاية دوريات لكرة القدم.
إيهاب البكور(25عاماً) أحد أعضاء منظمة “ضع بصمتك” الاجتماعية الثقافية التي نظمت هذا الدوري الرياضي يقول لداماسكوس بيورو: “هدفنا من رعاية هذه النسخة من الدوري هو حث الرياضيين السابقين وهواة كرة القدم على العودة إلى ساحات الرياضة، بعد انقطاع دام لسنوات، وسنقوم بتوزيع جوائز رمزية على الفرق التي تفوز بالمرتبة الأولى والثانية، لتشكيل حافز أقوى للعب من قبل الفرق المشاركة بالبطولة”.
شكل بعض ناشطي كرة القدم وهواتها صفحات على موقع “فايس بوك” تقوم ببث صور المباريات، الأمر الذي يلقى تفاعلاً بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي.
ينشر خالد اليحيى (29عاماً) صوراً يومية للجماهير واللاعبين والنتائج بعد انتهاء المباريات على الصفحة الرسمية للدوري على “فايس بوك” ويقول اليحيى: “أن الهدف من نشر الصور هو إيصالها لفئة واسعة من الناس من أجل حضور هذه المسابقة والمشاركة فيها، ونسعى أن نحصل على مشاركة أكبر من فرق من قرى أخرى في ريف إدلب، لنقول للعالم أننا لا نخشى أن نلعب كرة القدم تحت تهديد طائرات بشار الأسد”.
يخشى أبو ياسر (46عاماً) من استهداف الطيران الحربي للمنطقة التي تقام فيها البطولة، خصوصاً أنه يستهدف التجمعات الكبيرة، ويطالب بنقل مثل هذه المسابقات إلى منطقة بعيدة عن السكان. ويقول أبو ياسر وهو يقطن في أحد المنازل المجاورة للملعب “هذه المنطقة التي نعيش فيها تم استهدافها من قبل الطيران المروحي عدة مرات، ما أدى إلى تدمير أجزاء واسعة من المباني. لذلك نخشى من إعادة استهدافها مرة أخرى إذا تم رصد التجمع الذي تقوم به البطولة. سنسعى إلى تقديم عريضة إلى الجهات المسؤولة للمطالبة بنقل المسابقة من هنا”.