في سوريا جمعيات خيرية كثيرة لمحتاجين أكثر

بعد وفاة زوجها، بقيت مفيدة (42 عاماً) بلا معيل يتكفّل بها وبأولادها، حتى أنقذتها جمعية الهدى الخيرية    من ضائقتها. ولكن الجمعية مثل غيرها من الجمعيات الناشطة في المنطقة تواجه صعوبات تتعلق بالتمويل والدعم. دفعت مفيدة آخر ما كانت تملكه من نقود، وهي تتخوف اليوم من ألّا يصلها راتب هذا الشهر. انقطعت رواتب عوائل الشهداء في الشهر نفسه سنة 2014 واستمر التوقف عن الدفع ثلاثة أشهر. وتضيف مفيده “لا نعرف ماسبب انقطاع الراتب وقد عشنا حينها ظروفاً صعبة”. وتؤكد مفيدة أن المرتب لايكفي مصروف عائلتها وهو غير ثابت ويتراوح بين 11 ألف ليرة سورية و 18 ألف ليرة.

مسؤول جمعية الهدى الخيرية محمد الهاجر (45 عاماً) يرد سبب توقف المساعدات الشهرية السنة الماضية إلى توقف الدعم من المصدر ويشير إلى ان “الجهات المانحة في السعودية والكويت هي من أوقفت التمويل حينها”. ولا يفوت الهاجر أن يوضح “أن جمعية الهدى مؤسسة بحد ذاتها، وهي تتبنى مشاريع استثمارية في كفرنبل وما حولها بدءاً من مشاريع البناء ومشاغل الخياطة وانتهاء  برياض الأطفال والافران والمطاحن. ويتراوح عدد موظفيها مابين  80 و100 موظف”.

أبو محمد (52 عاماً) ترك منزله في مدينة حماه في 3 نيسان/أبريل 2014، لأنه مطلوب للأمن السوري. جاء مع عائلته الى المناطق المحررة، وتحديداً قرية بسقلا. يتقاضى أبو محمد من الكتيبة التي ينتمي إليها 15 ألف ليرة سورية شهرياً.  هو مبلغ لا يكفي أفراد اسرته البالغة 10 أفراد كما يقول. تقول زوجته أم محمد (45عاماً): “حالتنا المادية حين كنا بحماة كانت جيدة، والمعونات كانت تصلنا من الهلال الأحمر إلى باب البيت ،من كل نوع بدون مطالبة أو عناء. وكان النازح في حماة يأخذ من النظام تعويضا عن سكنه إذا تهدم، بينما النازح مثلنا إلى المناطق المحررة يجد صعوبة في كل شيء، حتى في حصوله على السلة الغذائية”. تتساءل أم محمد “هل نحن فعلا نجحنا في القضاء على الفساد الذي قامت الثورة من اجله؟ أم خرجنا الى فساد اكبر؟”.

يرفض أبو محمد أن يتهم احداً بالسرقة، ولكنه يقول: “جاء مسؤول في المجلس المحلي في قرية بسقلا جنوب كفرنبل، وأخذ منا معلومات عن عدد أفراد الأسرة وسجل الاحتياجات، ثم طمأننا أن سللنا الغذائية ستصلنا بدءًا من الشهر القادم ولم يصل شيء إلى الان. ولا أدري ماذا حصل”. من جهتها تلقي أم محمد باللوم على زوجها لعدم ذهابه إلى معرة النعمان حيث قسم المساعدات الخاصه بنازحي أهالي حماة والمسؤول عنها جمعية بسمة امل ويرافقها في عملها جمعية الهلال الأحمر الدولية.

أحد أقارب أبو محمد  ويدعى أبو خالد (35 عاماً) يسكن في قرية الركايا، يأخذ على ابو محمد عزة نفسه وكبريائه الزائد الذي يمنعه من المطالبة والسعي وراء حقه بالمعونات الإغاثية. ويشيد أبو خالد بجمعية الشام الاسلامية وبالقائمين عليها. وهي تغطي المنطقة حيث يتواجد بما فيها ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي. وتقدم السلل الغذائيه والمنظفات وغيرها من المساعدات العينية. ودعمها الأساسي قطري سعودي حسب قوله .

من جهتها تتبنى جمعية الوفاء الإسلامية التي يقوم على إدارتها عبد الناصر تعتاع (47عاماً) مشاريع تنمويه مثل الأفران والأبنية وحفر الآبار الارتوازية. يعتب الكثير من أهالي المنطقه على هذه الجمعية وغيرها لعدم تعيين موظفين في مشاريعها إلّا من  الأقرباء والمعارف.

اعتاد أمجد (13عام) من قرية حزارين غرب كفرنبل، أن يذهب كل صباح ليحضر الخبز لأمه وإخوته من مركز تابع لمنظمة بيت المال التي تعهدت بمنح الخبز مجانا للفقراء وأسر الشهداء والمعتقلين. ويأسف أمجد على انتقال عمل جمعية قطاف الخير إلى منطقة شرق معرة النعمان بسبب الظروف الأمنية الصعبة حالياً في جبل الزاوية. ويعد ذلك خسارة لأهل المنطقة. ويصف دعمها بالجيد. أم أمجد وتدعى مريم (40عام) مطمئنة لكون جمعية القلب الكبير قد أحضرت المعونات الخاصه بمنطقة حزارين وما حولها. حيث تأكد خبر وصول دفعة مساعدات كبيرة الى حزارين في  حزيران/يونيو 2015 .

توزيع المساعدات الإغاثية على المحتاجين تصوير مها رباح

ابو وليد (30 عاماً) مدير سابق في العمل الإغاثي الخاص بمنطقة جبل شحشبو وما حولها، يقول أنه كان يعمل بشكل منظم حيث تم تغطية المنطقة بالخيرات للسكان الأصليين والنازحين تحديدا في قرى حزارين، معرة حرمة، الفطيرة، جبالا، معرة ماتر، ترملا، معرة الصين، كرسعة، كفرنبل، بسقلا وقسم من جبل شحشبو. ويشير إلى أن المسؤول عن دعم المنطقة حاليا هي منظمة كول التركية، التي تتفرع إلى أقسام عدّة منها قسم جمعية القلب الكبير، والإنسان وقت الضيق. وتوزع هذه المنظمة السلل الغذائية وأدوات النظافة. وعن سبب انتقال إدارة المعونات إلى المهندس ابو عبد الرحمن (26عاماً) من حزارين أيضايجيب أبو وليد: “ان استراتيجية الادارة تقضي بتغيير المدير المسؤول كل فترة”.

يشكو أهالي كفرنبل من انتشار ظاهرة دكاكين بيع المعونات الاغاثية، بينما بعض الناس من ذوي الحاجة محرومين منها. أبو ماهر أحد هؤلاء الذين يجلبون بضائع إغاثية لهذه الدكاكين يجيب “حرمت من وظيفتي عند النظام، فتوظفت في المجلس المحلي، وكوني لا اتقاضى راتباً شهرياً بانتظام، أبيع قسماً من السلل الإغاثية لتأمين باقي مصروف عائلتي”.

تسأل رحاب (35 عاماً) عن سبب توقف الدعم الإغاثي في مدينة كفرنبل منذ أكثر من 6 أشهر. مع علمها المسبق أن الرد سيكون أن السبب هو توقف الدعم من المصدر، كما تقول.

يوسف الرحمون (35 عاماً) من بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي. يعمل كمسؤول اغاثي في المنطقة، طرح فكرة عمل جديدة وهي مناقصة تقضي بتجهيز المواد الإغاثية داخل الأراضي السورية المحررة. وما على الداعمين إلّا إرسال المال لمن يثقون بهم، ويتوكلون بهذه الأعمال، الأمر الذي سيوفر كلفة باهظة على الداعمين ويوفر عناء النقل والسفر.

محمود (30 عاماً)من قرية أبديتا في جبل الزاوية، جاء إلى قرية حاس غرب كفرنبل قاطعا مسافة 3 كيلومترات، ليستلم المعونات الخاصة به. ويقول محمود: “اليوم كان آخر يوم لاستلام هذه المعونة”. وإذ يشير إلى ما حل بمنطقة جبل الزاوية بأكملها بسبب الحرب القائمة بين النظام وجيش الفتح. يصف هذه المعونات بالجيده ولكنها لا تعوضه عن الأمن الذي فقده أهل هذه المنطقه خصوصا، وسكان سوريا عموما.