في بلدة حاس الأهالي استولوا على الجبل

حال الفوضى التي سادت في موضوع وضع اليد على مساحات واسعة من جبل حاس دفعت المجلس المحلي وبعض وجهاء البلدة إلى إطلاق مشروع يهدف إلى تنظيم القسم الشرقي من  الجبل

أحمد العكلة

(ريف إدلب الجنوبي- سوريا) حسان (30عاماً) ورغم عمله في المركز الأمني التابع لشرطة الجيش الحر منذ انشقاقه عن جهاز الشرطة التابع لنظام الرئيس بشار الأسد، لم يتمكن من الحصول على أحد المقاسم في جبل حاس، حيث يعمل بعضهم ومن دون تصاريح أو أذونات على بناء سواتر حجرية حول المقاسم التي استولوا عليها. يقول حسان: ” منزلي تضرر بالقذائف ولم اجد مكانا في الجبل من أجل بناء

عمليات البناء فوق الأراضي المقتطعة من جبل حاس مستمرة تصوير أحمد  العكلة
عمليات البناء فوق الأراضي المقتطعة من جبل حاس مستمرة تصوير أحمد العكلة

منزل في المستقبل”.

بعد سيطرة المعارضة المسلحة على أغلب الريف الأدلبي، وضع الكثيرون من أبناء  بلدة حاس أيديهم على مساحات من الجبل الواقع في شمال البلدة. كان المجلس البلدي قبل الثورة يبيع أراضي الجبل وفق ما يُعرف بالمقاسم التي يتراوح سعرها بين 600 ألف ليرة سورية ومليون ونصف لكل مقسم بحسب موقعه وحجمه.

يمتد الجبل من شرق بلدة كفرومة إلى غرب مدينة كفرنبل ومن شمال بلدة شنشراح الاثرية حتى شمال البلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي. وهي مساحة صالحة لبناء شقق سكنية ومصالح استثمارية ومشاريع تنموية. ويضم الجبل في مخططه التنظيمي الذي كان قد وضعه المجلس البلدي السابق حدائق ومدارس، ويلحظ المخطط شق طرق وبناء جمعيات سكنية، وكان بعضهم قد دفع رسوماً مقابل الحصول على شقق ضمن هذا المخطط، على أن يكمل الدفع على أقساط، ولكن مع قيام الثورة لم يبقَ أي شيء من هذا القبيل .

أبو ياسين المهندس المختص في شؤون المساحة (40عاماً) يقدّر مساحة الجبل  بحوالي 11 ألف دونما (الدونم في بلاد الشام يعادل ألف متر مربع)، ويقول أبو ياسين “أن سيطرة بعض الأشخاص على أغلب مساحة الجبل ألحق الظلم بالآخرين، حيث كان المجلس البلدي سابقاً يبيع المقاسم للناس وفق مزاد علني ثم يضمها للمخطط التنظيمي. وعقب هذا الأمر يتم توفير الخدمات من مياه وكهرباء، ووضع خطط لبناء مدارس ومساجد وحدائق وشق طرقات لتلك المقاسم. أما الأن فلم يعد أحد يعترف بوجود المخطط”.

حال الفوضى التي سادت في موضوع وضع اليد على مساحات واسعة من الجبل دفعت المجلس المحلي وبعض وجهاء البلدة إلى إطلاق مشروع يهدف إلى تنظيم القسم الشرقي من الجبل. ويسعى المشروع هذا ليكون تجربة يتم تطبيقها على الجبل بأكمله، حيث يتم تقسيمه إلى عدة كانتونات، يضم كل كانتون عشرة مقاسم.

عضو المجلس المحلي في بلدة حاس أبو عبد  الرحمن (39عاماً) يبدي سعادته بهذا الخطوة، ويقول: “بعد تعرض الكثير من الناس للظلم في موضوع أراضي الجبل، اجتمعنا من أجل إيجاد حل لهذا الأمر، فقررنا بمساعدة بعض الناس المثقفين تنظيم القسم الشرقي من الجبل، بحيث يملك كل شخص لديه دفتر عائلة مقسم قدره 600 متر يدفع 25 ألف ليرة سورية من أجل البدء بشق الشوارع في تلك الكانتونات، وتقديم الخدمات في المستقبل. إن نجح المشروع سنسعى إلى تطبيقه في القسم الغربي من الجبل”.

رئيس المركز الأمني التابع للجيش الحر في بلدة حاس عدنان المندو (47عاماً) يقول: “قبل إنشاء هذا المركز أي قبل عامين، الكثيرون اقتطعوا مساحات من الجبل وشيدوا أبنية سكنية ومصالح خاصة بهم. نحن غير قادرين على إخراجهم أو هدم تلك البيوت لأن أغلب هؤلاء الأشخاص يقولون أن بيوتهم قد تهدمت بسبب القصف او أنها عرضة للخطر، وهناك بعض الاشخاص قد استأجروا من قبل قيام الثورة من البلدية لسنوات عديدة. ولكننا نبدي تأييدنا ودعمنا للمشروع الذي يقوم به بعض الناس بالاشتراك مع المجلس المحلي من أجل تنظيم أراضي الجبل وتقسيمه بشكل متساو بين المواطنين دون استثناء”.

العامل  في مواد البناء عبد الله (29عاماً) سجّل إسمه ليحصل على حصة في المقاسم التي سيتم توزيعها من قبل المجلس المحلي. ويقول عبد الله: “نحن سعداء في تنظيم مقاسم الجبل وتوزيعها بشكل متساو وعادل لكل الناس وهي خطوة على الطريق الصحيح، لأن استغلال البعض لقيام الثورة وبسط سيطرتهم على مقاسم واسعة وباقي الناس دون أي مقسم هو نوع من الظلم ، لهذا نتج عن ذلك قيام الناس بمساعدة المجلس المحلي وبعض المهندسين بعمل دراسة عن الجبل وتقسيمه وتوزيعه بشكل متساو وبطريقة حضارية، وكل أملي أن يتم تطوير هذا المشروع في المستقبل ليشمل بناء مراكز خدمية”.

قبل الثورة قام الكثيرون باستئجار عشرات الدونمات من الحكومة، وكانوا يدفعون رسومها سنوياً، هؤلاء الأشخاص غير مشمولين بإعادة الاراضي المستملكة لأنهم يحملون رخصة سابقة، أما الأشخاص الذين استولوا على الاملاك بعد الثورة، فهم سراً أو علناً يرفضون إجراءات المجلس لإعادة تلك المقاسم، ولكن أغلب الأهالي في المنطقة يعتقدون أن مساندة المجلس من قبل قوة عسكرية ستمكنه من استرداد تلك المقاسم لاحقاً.

أبو محمد (35عاماً) يعمل في دكان لبيع المحروقات، هو من الذين استفادوا من السيطرة على بعض الدونمات منذ بداية الثورة، يعرب عن استعداده لإعادتها إذا تم تنظيم المقاسم بشكل عادل لكل الناس. ويقول أبو محمد: “منذ بداية القصف على البلدة تركز القصف على الحي الذي نعيش فيه، فما كان بإمكاننا سوى أن نذهب إلى الجبل لأنه يعتبر أكثر أمنا. قمت بأخذ مقسم مساحته حوالي2 دونم (ألفي متر مربع) كي أبني منزلا صغيرا يأوي عائلتي، وبجانبه حديقة صغيرة لزراعة بعض الخضار بسبب غلائها الفاحش. ولكنني على استعداد لقبول أي مشروع لتنظيم الجبل بشكل كامل اذا كان بشكل متساوٍ بين الناس”.