ذوو الهمم قادرون باختلاف

يعاني أصحاب الاحتياجات الخاصة أو ذوي الهمم، من النظرة المجتمعية القاصرة لهم واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية. 

وقبل انطلاق الثورة السورية تأخر ظهور مبادرات مجتمعية وجمعيات لدعمهم. واقتصر عمل هذه الجمعيات على قلّتها على التعليم، دون فتح مجال لهم واعطائهم الفرصة لاظهار طاقاتهم وقدراتهم على المشاركة في جميع نواحي الحياة. 

في ظل ظروف الحرب القاسية ازداد تهميش هذه الفئات. واقتصرت محاولات المنظمات الانسانية والمحلية على تقديم الدعم الطبي والسلسل الاغاثية. وبسبب هذا التهميش وظروف الحرب لم تتح الفرصة لذوي الهمم لرفع كفاءاتهم، ليكونوا مؤهلين للمشاركة في العمل السياسي والحكم المحلي ومناهضة الصورة النمطية التي يفرضها المجتمع عليهم.

ومن هنا كانت الحاجة في ظل مرحلة التغيير التي يعيشها المجتمع السوري لايجاد مبادرة مجتمعية لتأهيل وبناء قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة أو ذوي الهمم،  ليكونوا قادرين على المشاركة في الحياة السياسية والحكم المحلي في سوريا.

انطلاقاً من هذا الواقع قمنا في فريق شباب التغيير في مدينة ادلب بالتقديم على منحة تمويل حملات المناصرة، التي أطلقها معهد صحافة الحرب والسلام في كافة مناطق الشمال السوري ضمن مشاريع مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وبناء السلام والمصالحة والدمج المجتمعي، وتمكين النساء والشباب والفئات المهمشة لزيادة مشاركتهم وتمثيلهم في الحكم المحلي.

فريق شباب التغيير، فريق مدرب على مفاهيم العمل الإنساني والاستجابة الطارئة والمناصرة والقيادة بالاضافة الى جمع الاستبيانات وتحليل البيانات. بعض أعضاء الفريق تلقوا تدريبات على التعامل مع وسائل الإعلام وهم يمتلكون شبكة علاقات قوية في المنطقة بالتواصل مع الناشطين والمجالس المحلية وصناع القرار. 

عمل الفريق ويعمل في مجال الإغاثة الإنسانية. فقدم الدعم للمخيمات وتعامل مع مواضيع خاصة مثل الزواج المبكر وحقوق الطفل. وخلال استهدافهم النساء والأطفال، قاموا بدعم العديد من الحالات لأشخاص من ذوي الهمم.  واخذوا على عاتقهم دعم هذه المجموعات المهمشة. 

 الحملة ومدتها سبعة أسابيع حملت عنوان “قادرون باختلاف” هدفت إلى بناء قدرات شبكة من ذوي الاحتياجات الخاصة في إدلب والمناطق المحيطة بها، لتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة للدفاع عن حقوقهم. وكذلك دعم ذوي الاحتياجات الخاصة للدفاع عن حقوقهم وإدماجهم في العملية السياسية في مدينة إدلب والمناطق المحيطة بها. 

أنجزت الحملة رسم خرائط تحليلية اجراها الفريق لتحديد الأفراد الذين سيتم استهدافهم بالتدريب والدورات في مدينتي ادلب وكفرتخاريم. 

نفذ الفريق أربع دورات تثقيفية مدنية لـ 40 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة إدلب والمناطق المحيطة بها، لزيادة وعيهم بشأن مواضيع تتعلق بحقوق الإنسان، والعمليات الانتخابية، والحكم المحلي، والدستور. 

وأجرى الفريق تدريبين على المناصرة لـ 12 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة تم اختيارهم لتمكينهم من المهارات اللازمة للدفاع عن حقوقهم. وناقش الحاضرون أثناء التدريب التحديات التي يواجهها ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع بشكل عام، وبعد الثورة والحرب بشكل خاص، والتي لم تعد تقتصر على نظرة المجتمع السلبية لهم بل تعدت ذلك بكثير. 

من التحديات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة عدم وجود فرص عمل تتلاءم مع حالاتهم وامكانياتهم، مرورا بصعوبات النزوح وضياع فرص التعليم وتوقف الخدمات المقدمة لهم، بسبب توقف الدعم الموجه للمنظمات العاملة في هذا الشأن. إضافة إلى غياب التمثيل السياسي لهم في الحكم المحلي وفي العملية السياسية. 

ونتيجة النقاشات، قام الفريق بتطوير محتوى لـ 500 منشور، وقاموا بتوزيعه في المناطق المستهدفة بمشاركة بعض ذوي الهمم لإيصال رسالة الى شريحة ذوي الهمم بانهم قادرون على حمل رسالتهم بنفسهم، والمطالبة بحقوقهم. 

وقام الفريق برسم 5 لوحات جدارية في مدينة ادلب ومحيطها تعكس معاناة ذوي الهمم نتيجة غياب ممثليهم عن المجالس المحلية والمحافل السياسية. إحدى هذه الجداريات تصف أحد أصحاب الهمم يجلس على كرسي متحرك يعلو منصة وهو ممسك بمايكرفون وأمامه مواطن آخر يقوم بالتصفيق له وكاميرا تصوره. 

كما قام الفريق بتعليق 4 لافتات في الاماكن العامة تحمل رسائل عن حق ذوي الهمم بالمشاركة السياسية كتب على إحداها عبارة “أنا امثل مجتمعي ومن حقي أن اشارك”. 

بالإضافة إلى ذلك قام فريق الحملة بإنتاج فيديو ترويجي واحد للحملة تضمن رسائل لتعزيز مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في العملية السياسية. كما تم إطلاق حملة على وسائل التواصل الاجتماعي على فيسبوك وهاشتاغ الحملة وهو #قادرون_باختلاف.

لقد كان للحملة أثرها الطيب برفع معنويات ذوي الهمم، حيث سلّطت الضوء على حالتهم الخاصة وحقهم في المشاركة في الحياة السياسة والحكم المحلي. أحد المشاركين بالحملة وهو أحمد البيك قال “إنها المرة الأولى التي أُدعى فيها الى هكذا تدريبات، والمرة الأولى التي أتعرف فيها على معنى المناصرة والأدوات التي يجب علي استخدامها لمناصرة حقي وحقوق إخواني من ذوي الهمم في التمثيل السياسي.”

وينوي فريق شباب التغيير المضي قدماً في أنشطة الحملة حتى بعد انتهاء فترة التمويل، للوصول إلى تمثيل سياسي عادل يضمن حقوق هذه الفئات المهمشة.