دورات تدريبية مهنية للمرأة السورية في إدلب

إحدى الورش التدريبية في مركز شام المهني

تجهد أم أمجد لساعات طويلة خلف ماكينة الخياطة، محاولة تعلم مهنة تعيل من خلالها أسرتها بعد خسارتها لزوجها جراء غارة حربية.

تتابع أم أمجد دورة تدريبية لتعلم الخياطة في مركز شام المهني الذي يوفر دورات تدريبية للمهن الريادية للمرأة السورية في مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، في محاولة لتعليمهن مهنة يستطعن من خلالها مواجهة الظروف المعيشية الصعبة. وخاصة بعد ما شهدته المنطقة من حملات عسكرية على قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي، ما أدى لتدنٍ بمستوى المعيشة وفقر مدقع بات يحاصر الكثيرين .

مديرة المشروع نجلاء معمار (33 عاماً) تقول: “مع إزدياد نسبة الأرامل وزوجات المعتقلين والفقراء، إفتتحنا مركزاً لتعليم النساء الحرف والمهن الريادية، ليستطعن من خلالها إعالة أنفسهن وأولادهن بعد أن فقدن أزواجهن، الأمر الذي يؤمّن لهن دخلاً يستطعن من خلاله تحمل مشاق الحياة”.

وتضيف معمار: “يهدف المشروع لتعزيز قدرة النساء بالدرجة الأولى ومساعدتهن على التأقلم مع حياتهن الجديدة. ودمجهن بالمجتمع الذي لا يزال ينظر للمرأة المطلقة والأرملة نظرة دونية مما يعرضها لمختلف الضغوط النفسية والفكرية. ويستهدف المشروع 40 سيدة من زوجات الشهداء والمعتقلين، يتعلمن من خلاله مهن الخياطة والنسيج والتمريض والكوفرة وتستمر كل دورة لمدة 3 أشهر يخضعن بعدها لفحص معياري للمهارات التي إكتسبنها”.

يعمل المركز بجهود فردية وتطوعية مما يهدد إستمرار المشاريع وإمكانية تكرارها، مما سيحرم النساء من خدماته كونه يقدم لهن كل متطلبات العمل.

وتشدد المدربة علا اليونس (38 عاماً) على “وجوب العمل على مثل هذه المشاريع وتكثيفها لنجنب هؤلاء النساء العوز والحاجة، وانتظار المساعدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع إن وجدت”. وتتابع اليونس: “تعمل النساء وبحماس كبير على تعلم مهنة الخياطة، كونها مهنة لا تتطلب الكثير من الجهد والتعب ويمكن العمل بها ضمن المنزل وعدم قطع مسافات طويلة للعمل”.

يواجه المشروع عدة صعوبات أهمها القصف الممنهج على أحياء معرة النعمان، مما يعيق حضور النساء لهذه الدورات والإلتزام بها، حيث نزحت العديد من النساء المتدربات نتيجة إزدياد وتيرة القصف مما حرمهن من متابعة التدريبات .

خالدية الصبيح (36 عاماً) إحدى المستفيدات من المشروع تقول لحكايات سوريا: “كنت أحلم بإيجاد عمل يغنيني عن طلب العون ومساعدة الأخرين بعد وفاة زوجي في المعتقل، وكنت أنتظر المساعدات والتبرعات من أشخاص ميسوري الحال للإنفاق على أطفالي مما يشعرني بالخجل والعجز”.

وتضيف الصبيح: “أصبحت اليوم أعتمد على نفسي في تحمل الإنفاق على أطفالي الذين أصبح بإمكاني إرسالهم إلى المدرسة للتعلم مثلهم مثل كل أصدقائهم، خفف عنا المشروع الكثير من العقبات فنحن اليوم بأمس الحاجة إلى مثل هذه المبادرات التي تخدم النساء المستضعفات في المجتمع”.

يشهد المشروع إقبالاً كبيراً من النساء كونه الأول من نوعه في مدينة معرة النعمان حيث يعمل على تسويق منتجات المتدربات بعد نهاية كل دورة مما يؤمن لهن المستلزمات اللازمة للعمل.

تشدد المرشدة الإجتماعية أمل كيالي (46 عاماً) على ضرورة إنشاء المزيد من هذه المشاريع كونها تعمل على زيادة ثقة المرأة بنفسها وإخراجها من حالتها النمطية والمعتادة.

وتقول كيالي: “يوماً بعد يوم تزداد الصعوبات التي تواجهها المرأة السورية نتيجة الظروف القاهرة التي تمر بها المنطقة من تدني الأمن والفقر، فمثل هذه المشاريع تساعد المرأة على كسر قاعدتها في حصر عملها في المنزل وتربية الأطفال. عمل المرأة يؤمن لها حياة كريمة وبعيدة عن الإستغلال والعبودية، كما وتعمل هذه المشاريع على تطوير النساء ومساعدتهن على الدخول في سوق العمل بلإضافة لسهولة التوصل لحلول للمشاكل التي تواجههن”.

ويعد مركز شام المهني من أهم المراكز العاملة في مدينة معرة النعمان. حيث يعمل على المشاريع الصغيرة وجلسات التوعية والدعم النفسي للنساء والأطفال. كما يحتوي على أقسام تعليمية للأطفال المنقطعين عن الدراسة نتيجة عمالة الأطفال والتسرب المدرسي .

سوسن الأزرق (22 عاماً) متدربة سابقة في المركز تقول: “كنت أرغب أن أدخل مجال التمريض منذ طفولتي، ولكن لم أستطع إكمال دراستي نتيجة الظروف الصعبة التي أحاطت بي. وجدت في مركز شام التعليمي ما كنت أسعى إليه. تعلمت أساسيات التمريض عن طريق مدربات أخصائيات في هذا المجال. وحصلت على شهادة بعد التدريب وعلى أساس فحص معياري، مما ساعدني في الحصول على وظيفة في إحدى العيادات الطبية الخاصة”.