دار لرعاية الأيتام وتعليمهم في إدلب

طلاب دار المتقين للأيتام في الدانا يستعدون ليوم دراسي

عشرات الأطفال قادتهم الحياة إلى دار المتقين لرعاية الأيتام في قرية االدانا. نحو 100 طفل، نصفهم من دون أب وأم، وجدوا بين جدران هذه الدار حضنهم.

هنا في دار رعاية الأيتام يعمل أحمد اليحيى وكادره بجهود عالية وإمكانيات ضعيفة جداً ليرسموا على وجه الأطفال ابتسامة تنسيهم الآمهم التي لا يستطيعون حملها ويرعونهم بكافة السبل التعليمية والطبية والخدمية .

مدير دار المتقين أحمد اليحيى (37 عاماً) يقول: “خطرت لي فكرة تأسيس أول دار لرعاية الأيتام في الشمال السوري، لإنقاذ مت يمكن إنقاذه من جيل ليس معروفاً ما هو مصيرهم، في ظل الحرب. وكوني تربيت منذ عمر الخمس سنوات كيتيم، سعيت جاهداً لخدمة هؤلاء الأطفال”.

اليحيى الحاصل على شهادة دكتورة تقديرية بالعمل الإنساني من جامعة العالم المفتوح الأمريكية، يضيف: “تم افتتاح الدار في شهر شباط/فبراير 2014، بجهود فردية. تم استئجار مبنى وتجهيزه. يتكون المبنى من 19 غرفة مقسمة الى قسمين، 13 غرفة  للإناث  و6 غرف للذكور. يتولى العمل في الدار كادرين، 12 موظف لكل كادر يستمر عمله 3 ايام ونصف اليوم. يضم الكادر مربين ومربيات، مشرف تعليمي وإدارة وتنظيم، طباخ ومستخدم وحرس.

ويتابع اليحيى: “لم نحصل على أي دعم حين بدأنا، ولم يكن أحد يتقبل الفكرة. كان الناس يقولون لي لماذا هذا المشروع ومن سيضع أقاربه عندك، ولكني أجبت لو استطعت خدمة طفل واحد فسأنجز هذا المشروع. واليوم حصلت دار الرعاية على شهادة المبادرة العالمية للقيادات الانسانية كأفضل مشروع انساني”.

يأوي الدار الأولاد من عمر الشهر حتى 13 عاماً. وحصلت الدار على دعم من منظمة هيومان أبيل للطعام ومؤسسة رحمة للتعليم. أما بالنسبة للأمور المادية الأخرى فهي رمزية تأتي من فاعلي خير على شكل تبرعات.

ويتابع اليحيى حديثه : “منذ عام 2017 كنا نحصل على دعم ثابت بقيمة ألفي دولار أميركي سنويا من فاعل خير، ولكنه توقف أخيراً. كما بدأنا نتلقى دعماً سنويا بقيمة ألف دولار من وفاعل خير امريكي. كما نتلقى أحياناً بعض التبرعات الفردية لكنها ضئيلة”.

ويلفت اليحيى إلى أنه “تم إغلاق المدرسة التي كانت تتواجد ضمن دار الأيتام بسبب قلة الدعم وليس لدينا إمكانيات لتعيين كادر تعليمي، فأصبحنا نقوم باستئجار باص لأخذ الأطفال الى مدارس الدانا وكفرلوسين”  .

ياسر اللواش (47 عاماً) المربي في دار المتقين يتابع الأطفال منذ استيقاظهم والإشراف على وجبة الفطور ثم الإشراف على تجهيز الطلاب ليوجههم إلى المدرسة. بعد نهاية الدوام الدراسي يقوم بمتابعة الدروس والوظائف مع الطلاب. ومن ثم تأتي وجبة الغداء وعند الانتهاء من الطعام يبدأ المربون بدروس ترفيهية للطلاب .

ويقول اللواش: “كل يوم له ترتيبه، في أيام العطلة نقوم برحلات للطلاب إلى المسابح والجبال وإلى لعب كرة القدم. رغم انقطاع الدعم المادي، تعمل الإدارة المستحيل حتى يتعلم الطلاب ولمواصلة الرحلات الترفيهية حتى لا يشعر الأطفال بالنقص وبغياب أبائهم وأمهاتهم عنهم.”

المربية عائدة الحسين (29 عاماً) تقول: “عملي متابعة هوايات الأناث مثل الرسم وأشغال يدوية ونسيج. لا أكلّ ولا أملّ من التنقل وتفقد أوضاع الأطفال ومشاركتهم أحزانهم ومآسيهم”.

وتضيف الحسين: “في العام 2016 بعد انتهائي من متابعة مواهب الأطفال، خرجنا كالعادة لنستقبل الأطفال الجدد، لفت انتباهي طفلة صغيرة مع إخوتها الصغار من مدينة حلب فقدوا أهلهم أثناء قصف النظام على المدينة. تم نقل الطفلة رنا وإخوتها بالباصات الخضراء إلى الشمال السوري.”

وتتابع الحسين: “تم تسليم الطفلة رنا وإخوتها إلى أحد المخيمات في الشمال السوري. في مخيم ومشفى الهداية استقبلهم المسؤول هناك خالد كنجو لفترة كونهم نازحين ثم قام بتسليمهم لدار الرعاية لدينا كونه ليس لديه القدرة على تربيتهم.”

لا تخفي الطفلة رنا (10 أعوام) سعادتها باللعب والمشاركة بالأنشطة التي قام بها المربيون للأطفال في دار الأيتام. وتقول رنا: “انتقلنا من قمة الحزن والألم بسبب الظروف التي عشناها أنا وأخوتي زين (12 عاماً) ونمر (8 أعوام) بعد فقدان أهلنا بقصف عشوائي طال بيتنا وسط أحياء حلب، إلى حالة من الفرح وتقبل الأمر، بعد مشاركتي بالرحلات والمسابقات التي وفرها لنا الدار، لقد كنت بحاجة إلى هذا النشاط لأنسى ما عشناه من خوف.”

يتمنى أحمد اليحيى أن يتم دعم التعليم في الميتم ويعم السلام في اراضي سوريا وأن ينظر الجميع إلى الأيتام. ويطلب من المنظمات إنشاء قرية نموذجية تستوعب كافة الأيتام مع أمهاتهم ويكون ضمنها كامل الخدمات من تعليم الحرف للأمهات للكسب الحلال .