خديجة من زوجة وحيدة مصابة إلى سيدة حرة ومنتجة

وأصبحت خديجة تعمل في تحضر المؤونة تصوير سونيا العلي

تزوجت خديجة رغماً عنها من ابن عمها الذي يكبرها بعشر سنوات، عاشت معه تسع سنوات. صبرت على فقره وتقاعسه عن العمل، ولكنه بعد إصابتها هجرها وأولادها، وتركها تواجه بمفردها مرارة الإصابة ومسؤولية تربية الأبناء.

خديجة (26 عاماً) من مدينة سراقب فاتها قطار التعليم، رغم أنها نجحت بامتياز في الشهادة الإعدادية، وبعد ذلك أجبرها والدها على الزواج من ابن أخيه، بحسب العادات والتقاليد فهو الأحق بها. فخديجة كانت جميلة جداً وكان والدها يخشى عليها عند ذهابها إلى المدرسة من نظرات الشبان الذين تصادفهم في طريقها.

حياة بائسة ملؤها الشقاء عاشتها خديجة مع ابن عمها، الشاب المدلل الاتكالي وعديم المسؤولية. كانت تعيش مع أهله للحصول على لقمة العيش، بينما يقضي معظم نهاره مع رفاقه خارج المنزل. بعد سنوات من الزواج رزقا بطفلين، علي (5 أعوام) ورهف(عامين).

تاريخ 3 آب/أغسطس 2017 لم يكن يوماً عادياً. استيقظت خديجة باكراً لتنجز أعمال المنزل، فصعدت إلى سطح الدار لجمع الغسيل، وفجأة سمعت دوي انفجار قذيفة في منزل الجيران. استفاقت من غيبوبتها لتجد نفسها في المشفى، وكل ما تذكره عن الحادثة أنها رأت قدمها على مقربة منها، في حين كانت تصرخ وتستغيث من شدة الألم.

 بقيت خديجة في المشفى حتى استعادت شيئاً من عافيتها، خلال تلك المدة كانت والدتها الطاعنة في السن ترافقها في المشفى، بينما كان زوجها يتردد لزيارتها بين الحين والآخر.
بعد خروجها من المشفى تم نقلها إلى منزل أهلها ليقوموا برعايتها والاهتمام بها باعتبارها لا تقوى على الاهتمام بنفسها وولديها.

في تلك الفترة لم تعد ترى زوجها الذي انقطعت زياراته لها، كما انقطعت أخباره عنها، في الوقت الذي كانت بأمس الحاجة لوقوفه إلى جانبها وجانب أطفالها. علمت بعد ذلك أنه تزوج، وسافر مع عروسه إلى تركيا، حتى دون أن يكلف نفسه بوداع أولاده .

كانت خديجة تعيش مع أمها وأبيها المسنين، وكان أخوها يعيش مع أسرته في لبنان، ويرسل لهم بعض المال أحياناً، وبمساعدة من بعض الجيران والأقارب حصلت خديجة على قدم صناعية باتت وسيلتها للحركة والتنقل في أرجاء المنزل، والقيام بمهام الأم بالنسبة لطفليها.

ولكن الصعوبة الأكبر كانت بتأمين المال اللازم للإنفاق على نفسها وأسرتها الصغيرة .فكّرت أن تكمل دراستها، لكن ذلك يحتاج إلى وقت طويل ومصاريف إضافية لا قدرة لها على دفعها.

لاحت لخديجة بارقة أمل حين عرضت عليها جارتها أن تساعدها في إعداد مؤونة الشتاء، من مربيات وعصائر ودبس بندورة وملوخية وغيرها لبيعها للمحلات التجارية والحصول على المال. وافقت دون تردد علّه يكون عملاً مناسباً للتغلب على شعورها بالضعف والإحباط والملل، وتأمين مصدر دخل كريم لمساعدة والدها في تأمين متطلبات المنزل.

أبدت خديجة في العمل سرعة ومهارة، ووسعت عملها حتى شمل صناعة الألبان والأجبان. وبعد فترة من عملها قام والدها بافتتاح متجر صغير لبيع ما تنتجه خديجة، التي انشغلت بالعمل عله ينسيها كابوس الإعاقة وغدر الزوج، ومع مرور الوقت تحسنت أحوالهم المادية نسبيا،ً وبات بإمكان خديجة أن توفر مصاريف المنزل وكل ما يطلبه طفلاها، وبدأت تدرس في المنزل وتستعد لدراسة الثانوية العامة بكل إصرار.

بعد مرور سنة على سفره عاد زوج خديجة إلى سوريا خلال إجازة العيد. قام بزيارتها لرؤية ولديه وتقديم مبلغ من المال. فوجئ حين وجد خديجة قوية وناجحة عكس الحال التي توقع أن يراها فيها. طلب منها العودة إلى المنزل مع الأولاد، رفضت بشدة ودون تردد رفضت أن تأخذ منه المال، كما طلبت أن يطلقها بأسرع وقت ممكن.

خديجة كان زواجها رغماً عنها بحكم العادات والأعراف الاجتماعية. لكن انفصالها وطلاقها سيكون بملء إرادتها. رغم النظرة المجحفة للمطلقة في مجتمعنا. تفضل خديجة أن تحصل على حريتها من زوجها الذي تخلى عنها في أصعب مواقف حياتها، مؤكدة أنها لن ترجع عن قرارها يوماً.