حملة لقاح ضد شلل الأطفال السوريين تحت القصف

فريق لقاح سوريا خلال جولته على المنازل تصوير نايف البيوش

فريق لقاح سوريا، بالتعاون مع مديرية الصحة في الشمال السوري، أطلق حملة لقاح جديدة هي الأكبر حتى تاريخه، وتركز على منازل المدنيين والأسواق الشعبية ومراكز إيواء النازحين والمخيمات.

رئيس قسم اللقاح في مديرية صحة إدلب الدكتور رفعت الفرحات يقول لحكايات سوريا: “الحملة انطلقت في 13 يوليو/تموز. وتستهدف الأطفال من عمر يوم وحتى 5 أعوام. ستطال الحملة حوالي 437 ألف طفل، ينفذ الحملة أكثر من 700 فريق جوال، ستتنقل الفرق بين المنازل والأسواق لتغطية ما لا يقل عن 95%”.

ويؤكد الفرحات “أن اللقاح ضد شلل الأطفال آمن وفعال وهو معتمد من منظمة اليونيسيف العالمية، وأن هذه الحملة هي الرقم 22 وهي ضمن سلسلة حملات بدأت منذ العام 2014، وتأتي إستكمالاً لبرنامج التحصين ضد هذا المرض”.

ويلفت الفرحات إلى أنه لا توجد أرقام دقيقة لعدد الأطفال المستهدفين من هذه الحملة في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، نظراً لعمليات النزوح الكبيرة التي شهدتها المنطقة أخيراً بفعل التطورات العسكرية. وكانت أن تلقت الفرق العاملة تدريبات مكثفة على كيفية إعطاء اللقاح بالشكل السليم، ولقيت الحملة إقبالاً كبيراً من الأهالي، وفق ما أفاد الفرحات.

الدكتور فيصل العمر يتحدث عن مخاطر مرض شلل الأطفال، فيقول: “أن هذا المرض هو من الأمراض الفيروسية شديدة العدوى ويغزو الجهاز العصبي، وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات، وينتقل الفيروس عن طريق الإنتشار من شخص لآخر عن طريق البراز والمياه الملوثة والطعام ويتكاثر في الأمعاء”.

وينبه العمر إلى “أن شلل الأطفال من الأمراض التي يصعب علاجها، ويعد التطعيم الطريقة الوحيدة للوقاية منه وخاصة للأطفال المعرضين للإصابة”. ويشير العمر إلى أنه “تم إكتشاف عدة حالات مصابة بشلل الأطفال في المناطق المحررة ما يهدد بإنتشار المرض بشكل أكبر، وهنا يبرز دور الحملة بالحد من إنتشاره”.

لاقت الفرق العاملة تشجيعاً كبيراً من الأهالي. حيث تعد هذه الحملة من أكبر الحملات التي انطلقت في المناطق المحررة، وتعمل الفرق على التنقل من منزل إلى آخر لضمان تلقيح جميع الأطفال ضمن الفئة العمرية المستهدفة. حتى المناطق التي تشهد تدهور أمني، يتم الوصول إليها وإعطاء اللقاح لأطفال تلك المناطق.

بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية  يعمل فريق لقاح سوريا ومقره في غازي عينتاب التركية حيث يستلم اللقاحات من المنظمة الأممية ليرسلها إلى مديريات الصحة لتبدأ بدورها بحملات اللقاح. كما يتولى الفريق عملية الإشراف على الحملات وتدريب الكوادر المختصة.

ويعدّ فريق لقاح سوريامن أهم الفرق الفاعلة في الداخل المحرر، ويعمل على تشكيل حملات لقاح دورية بين الحين والآخر. تشكل الفريق عام 2014، وهو يهدف لإعادة تفعيل البرنامج الروتيني للتطعيم في الداخل السوري.

من جهتها لا تخفي أم محمد (30 عاماً) فرحها بوجود مثل هذه الحملات وتقول: “هذه الحملة تحمي أطفالنا وتقيهم من الأمراض التي استشرت نتيجة الظروف القاسية، والفلتان الأمني الذي أجبر معظم الناس على هجرة منازلهم ليسكنوا في مخيمات النزوح والتشريد حيث الأمراض والأوبئة”.

وتضيف أم محمد: “سمعنا بحملة التلقيح عن طريق النداءات عبر أحد المساجد، توجهت برفقة طفليّ إلى إحدى الفرق العاملة لتلقيحهم”. وعن مدى ثقتها بحملات اللقاح تقول: “لا يخيفنا اللقاح والأدوية فهما آمنين إنما يخيفنا الطيران الحربي الذي يستهدف المراكز الطبية والمستشفيات بشكل مستمر”.

واجهت الحملة بعض الصعوبات، وكان أكبرها نزوح ما لا يقل عن 500 ألف نسمة من مناطق حماة وريف إدلب، إلى مناطق أخرى قريبة من الشمال. ما سبّب صعوبة في إعداد الخطط وتوزيع الفرق، حسب الحاجة والكثافة السكانية. بالإضافة للوضع الأمني والخوف على سلامة الكوادر العاملة حيث تعرضت مناطق عمل بعض الفرق للقصف.

أحد المتطوعين في فرق اللقاح ويدعى محمد العبد (28 عاما) يقول لحكايات سوريا: “نبذل جهداً كبيرا في الوصول إلى الأطفال، ما نقوم به يريح الأهالي بشكل كبير، فهم لا يضطرون للتوجه إلى أماكن بعيدة ولا للانتظار في المراكز بما يخلق ازدحاماً عرضة للاستهداف من قبل الطيران الحربي الراصد لأي تجمعات للمدنيين”.

وبحسب العبد “آلية عمل فرق الحملة تتلاءم مع وضع النازحين والمهجرين الموزعين على المدن والمخيمات، وغالبيتهم لا يستطيعون التنقل إما لظروفهم الصعبة أو نتيجة الحملات والمواجهات العسكرية الأخيرة”.

في الوقت الذي يستمر فيه القصف وتتصاعد الحملة العسكرية الشرسة على ريفي حماة وإدلب، والتي أودت بحياة الكثير من الأطفال بعد إستهداف المدنيين بشكل مباشر، تستمر  فرق اللقاح بالتجول تحت وابل القذائف والصواريخ لأداء عملها التطوعي في تلقيح الأطفال وإنقاذهم من أكثر الأمراض خطورة على حياتهم وطفولتهم.

 .