حتى لا تكون فتنة
"تدخلت حماتي ام زوجي التي جاءت إلى الغرفة مع ارتفاع الصوت. وقالت: "تبينوا الأمر يا اولادي، حتى لاتكون فتنة بين الأخوة"
(إدلب-سوريا) ليلة الجمعة قبيل منتصف الليل، كنت اريد النوم، زوجي قد يتأخر بالعودة الى المنزل. وبعد أن نامت طفلتي بدأت الامطار تهطل بشدة.
كنت أحاول النوم، حين سمعت صراخ من خارج غرفتي. فتحت الباب بهدوء لمعرفة ما يحدث. وإذا بعمي والد زوجي يتشاجر مع ابنه غيث، وكاد يضربه. أغلقت الباب وعدت الى فراشي.
بعد قليل هدأت أصواتهم. وإذا بزوجي يفتح باب غرفتنا ويدخل. طلب مني أن أحضر له طعام العشاء، فقد استغرق عمله وقتاً. هو يقوم بتوصيل شبكات الانترنت الى البيوت. كما يعمل مع أخيه في صالة للنت.
بينما كنت أعد الطعام، سمعت صوت والد زوجي داخل غرفتنا يصرخ على زوجي. تركت كل شيء من يدي وذهبت غلى غرفتنا. بدأ والد زوجي يشتمه. لم أستطع التفوه بكلمة. بقيت جانباً، أنظر وأنا أتألم، على زوجي الذي أمضى نهاراً كاملاً في العمل ولم يأكل بعد.
عمي اصطحب زوجي خارج الغرفة، وذهبا إلى الغرفة الأخرى. لحقت بهما لأعرف ما يجري، كنت قلقة على زوجي. كان غيث ينتظرهما في الغرفة. في بداية الامر لم أشأ التدخل. ولكن عندما رأيت زوجي يهان بهذه الطريقة لم أستطع السكوت. فوجئت بغيث يتهم زوجي بالسرقة. غيث يعمل مع زوجي في صالة النت.
راح زوجي يصرخ بقوة. رأيته ينهار أمامي. حاول ضرب غيث لولا أن منعته أنا وعمي. حينها علمت لماذا كان عمي يتشاجر مع غيث قبلها. عمّي لم يصدق أن زوجي يقوم بعمل كهذا. أمّا زوجي فقال لغيث: “أنا اعمل من الصباح الباكر وانت تقضي نهارك بالعبث وبيع البطاقات. لست انا المسؤول عن تحصيل المال بل انت. وتتهمني بالسرقة؟”
لم أستطع السكوت قلت لغيث: “لقد ترك زوجي عمله وتركنا كل شي خلفنا، وجاء ليعمل مع أخيه. هل هكذا تكون الأخوة؟”
تدخلت حماتي ام زوجي التي جاءت إلى الغرفة مع ارتفاع الصوت. وقالت: “تبينوا الأمر يا اولادي، حتى لاتكون فتنة بين الأخوة”.
زوجي اعتبر ما جرى إهانه له. لم يقبلها أبداً. وقرر الرحيل خارج منزل أهله.
كان زوجي ضابطا في الجيش وانشق عن النظام. عارضت بشدة التحاقه بالثوار، كنت أخاف عليه. ولكن بعد أن حصل لنا ما حصل لم يبق أمامه سوى ذاك الخيار. بدأت بلوم نفسي، ربما لوبقينا في جرابلس لم يكن ليعرض نفسه للخطر.
وبعد عناء وبحث عن منزل وجد لنا زوجي منزلاً، عند أطراف القرية. صحيح انه بعيد ولكن هذا كان طلب زوجي. أن يبتعد عن المكان الذي أهين فيه. عارض أهله رحيلنا إلّا أن زوجي كان مصمماً على ذلك. وقمنا بنقل أغراضنا إلى البيت الجديد تحت المطر.
كان منزلا قديماً جداً. ليس بالمنزل المريح. شعرت بالاستياء حال ذلك، ولكن ما باليد حيلة. هذه إرادة زوجي. ذهب زوجي إلى موقعه العسكري مع إحدى الفصائل بعد أن اطمأن على مسكننا.
كان سيمضي 10 أيام هناك. بدأت بالبكاء، أخبرني وهو يمسح دمعي أن أدعو له. أحضر أخته فريحه، كي تقضي أيامها عندي بينما يعود زوجي.
كانت الحرب مشتعلة في ريف حماه الشرقي، حيث ذهب زوجي. بدأت اشعر بثقل الأيام وزوجي بعيد عني. لا أستطيع النوم، وأنا أحس أنني على نار، حضر غيث. رحبت به ولكنني كنت مزعوجة من حضوره. فزوجي ذهب بسببه. غيث شعر بالندم، وأخبرني انه عند عودة زوجي ،سيتصالح معه وسيعودان إلى العمل معاً.
وبعد أيام عاد زوجي إلينا، احسست أنني ولدت من جديد. عاد غيث حال وصول زوجي وقام بمصالحته. ودعاه للعودة الى المنزل والعمل معه. لكن زوجي لم يقبل، وقال له انه مرتاح الآن.
بقينا في المنزل القديم، ولم نكن وحدنا من نعاني من ظروف السكن السيئة، ىلاف النازحين بلا بيت ولا مأوى. تيقنت بعد كل ما جرى، أنه ورغم الخلافات بين الأهل الدم لن يصبح ماء في يوم من الأيام.
شيماء الفارس (23 عاماً) من ريف حماه الغربي خريجة جامعية، أم لطفلة.