جمعيات أهلية تعنى بشؤون المهجرين في سراقب

"الغرض من تأسيس هذه الجمعيات ليس فقط العامل الإغاثي، وإنما يشمل العديد من القضايا "

استطاع علي الحمصي (30 عاماً) أخيراً أن يحصل على أوراق تثبت زواجه وأن لديه طفلة. الحمصي من المهجرين المقيمين في مدينة سراقب منذ أكثر من عام. وجاء حصوله على الأوراق إثر تشكيل جمعية أهلية مؤخراً تعنى بشؤون المهجرين في المدينة.
وكان المجلس المحلي في مدينة سراقب قد أعلن عن تأسيس جمعيات أهلية تعنى بشؤون النازحين قسراً من المحافظات السورية. مشروع منتدى بوابة إدلب للتنسيق والتواصل دها لعقد سلسلة اجتماعات بين المجلس المحلي في سراقب وبين ممثلي المهجرين الوافدين إلى المدينة وعدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني.
وتم التوصل خلال تلك اللقاءات إلى اتفاق قضى بتأسيس تلك الجمعيات الخاصة بالمهجرين بغية تسيير أمورهم المعيشية في المدينة.
علي الحمصي يوضح مشكلته قبل تأسيس الجمعية ويقول: “حين نزحت لسراقب كان زواجي حديثاً، ولم يشكل ذلك مشكلة لدي بعدم امتلاكي لأوراق ثبوتية، سيما وأنني كنت أمتلك نسخة عن عقد القران الذي كتبه لنا أحد الشيوخ. ولكن أمر الأوراق غدا ضروريا بعد أن رزقت بطفلة وأصبحت بحاجة إلى تسجيلها وبالتالي فعلي الحصول على وثيقة عائلية أولاً”.
لم يكن من السهل على علي الحصول على الوثيقة، خاصة وأنه نازح ولا يعرفه أحد من سكان المدينة المضيفة، فاضطر للبقاء دون تسجيل ابنته مدة ليست بالقصيرة، إلى أن تم حل المشكلة من قبل الجمعية الأهلية التي أنشئت لتلك الغاية وغيرها.
رئيس المجلس المحلي لمدينة سراقب المثنى محمد (35 عاماً) يوضح لحكايات سوريا أنه تم تشكيل جمعيتين، إحداها تعنى بشؤون نازحي حلب، والأخرى تهتم بالقضايا المتعلقة بنازحي حمص، وقد تم ذلك بعد اختيار المهجرين ممثلين عنهم في هاتين الجمعيتين.
وعن العلاقة بين المجلس المحلي في سراقب وهذه الجمعيات أكد محمد أنه “تم توقيع مذكرات تفاهم مع الجمعيات آنفة الذكر، هذه المذكرات تشمل عدة التزامات بين الطرفين، منها أن يقدم المجلس كل ما يحتاجه النازحون بحسب امكانياته المتاحة، على أن تقدم الجمعيات قاعدة بيانات بأسماء وأعداد المهجرين”.
وبحسب محمد فإن “ذلك كله تم بمراقبة المكتب القانوني في المجلس، وقاعدة البيانات الصادرة عن الجمعية سيتم إرسال نسخة عنها إلى المكتب الإغاثي في المجلس، من أجل تسهيل عملية التوزيع في حال وصول أي مساعدات إغاثية”.
الغرض من تأسيس هذه الجمعيات ليس فقط العامل الإغاثي، وإنما يشمل العديد من القضايا التي يتحدث عنها ماهرعوير ممثل 65 عائلة نازحة من حمص، ومقيم في سراقب وهو أحد أعضاء جمعية حمص الأهلية في المنطقة.
يقول عوير (35 عاماً) لحكايات سوريا: “لقد ساهمت هذه الجمعيات في لم شملنا بعد أن كنا مشرذمين ومتفرقين نحن المهجرين هنا وهناك. فقد جعلت لنا كياناً على الأرض نلجأ إليه لحل مشاكلنا والحصول على احتياجاتنا بعيداً عن بقية المجالس والجمعيات والمنظمات”.
ويتطرق العوير إلى لصعوبات التي واجهتهم سابقاً والتي تمثلت بقلة اهتمام المنظمات التي نادراً ما كانت تساعدهم جراء صعوبة الوصول إليهم. ويعبر عن ذلك بالقول: “هناك منظمات كثيرة ومحسوبيات أكثر، وهنالك من يهتم بأمور نازحين دون آخرين”.
هذه الأمور تم تجاوزها من خلال جمعياتهم الأهلية التي راحت تنسق شؤون النازحين وتعمل على إحصائهم ومساعدتهم، من خلال تأمين أوراق ثبوتية لهم من زواج، وولادة ، ووفاة. وتأمين أماكن إقامة ، وفرص عمل، إضافة لحل مشاكلهم الأمنية. فالجمعية هي عبارة عن صلة وصل بين المجلس المحلي والمهجرين وجميع منظمات المجتمع المدني.
قيام جمعيات للنازحين لم يمر دون صعوبات وتعقيدات، يحمّل العوير المسؤولية عن بعضها للمجلس المحلي في سراقب.
من جهته ينفي رئيس المجلس المحلي مثنى المحمد أن تكون الأوراق المطلوبة بتلك الصعوبة. ويقول: “كل ما هنالك أننا طالبنا بمحضر اجتماع تأسيس للجمعية لمعرفة آلية عمل أعضائها، وتم طلب معرفة مكان عمل الجمعية على أرض الواقع بهدف متابعة العمل معها بشكل مباشر. إضافة إلى معرفة أسماء الأعضاء، إضافة لمحضر انتخاب الإدارة من أجل التأكد بأن عملية الانتخاب قد تمت بالشكل الأمثل”.
عامر الحلبي (38 عاماً) وهو من مهجري حلب أثنى على عمل الجمعية وخاصة وأنها عملت على “لم شمل أهل حلب النازحين. فتطلعت لمتطلباتنا وعملت على حلها، فهذه الجمعيات هي عبارة عن صفة تمثلنا وتعتني بشؤوننا”.
ويشير الحلبي إلى أنه ومن خلال الجمعية تمكن من الحصول على فرصة عمل بتوظيفه في إحدى المنظمات وبراتب وصفه ب”الجيد” بعد أن عانى من البطالة لمدة طويلة بعد نزوحه.
من جهته حسام علوان (39 عاماً) وهو أحد أفراد الشرطة الحرة في المنطقة يبين أهمية هذه الجمعيات بقوله “نحن جهاز الشرطة الحرة نقوم عادة بتوثيق أسماء الأعداد المتزايدة من المهجرين يومياً ونتعرف على أماكن تواجدهم ، وهنا يأتي دور الجمعيات الأهلية التي تقوم بشكل مستمر بتحديث بياناتها من خلال تسجيل من يأتي حديثاً، أو من يرحل إلى مكان آخر وبالتالي تعمل على مساعدة المهجرين بكل ما يلزم بعد إعداد بيانات موثقة وكاملة عنهم”.
ويختتم علوان حديثه بالقول: “تأسيس هذه الجمعيات من شأنه تحسين واقع النازحين، فهي تعتبر بيئة عالية التحفيز، ومناخ مناسب للعمل يسودها الإحساس المشترك بالمسؤولية تجاه المهام المطلوب انجازها. واستجابة أسرع للتغيرات التكنولوجية، ما يوفر حياة أفضل للمهجرين التابعين لها ويجعلهم أعضاء فاعلين في المجتمع”.