تسلَّحت بالإرادة فنجحت
هالة وهي تعمل على تفصيل القماش تصوير ريم الحسين
افتتحت هالة (24 عاماً) محلاً تجارياً كبيراً للتطريز وحياكة الملابس في بلدتها حزارين. لم تتوقع هالة النجاح الذي حققته بعد أن كادت تكون إحدى ضحايا الزواج المبكر والعادات التي لا تنصف المرأة في بعض الأحيان. إلا أنها وقفت بعد تعثرها وأصرت على الاستمرار فنجحت.
وبداية الحكاية كما ترويها هالة بنفسها: “كنت طفلة في الرابعة عشرة من العمر، تميزت في دراستي المدرسية، حيث كنت ادرس في المرحلة الإعدادية، و حصلت على أعلى الدرجات رغم الظروف الاقتصادية السيئة التي كانت تعيش فيها أسرتي. لم أفكر يوماً أن العادات والتقاليد الخاطئة ستأتي يوماً لتختطفني من بين كتبي التي عشقتها، وحلمت بمستقبل باهر من خلالها”.
وتقول هالة: “من المؤسف أن العادات والتقاليد في معظم الأحيان ضد المرأة. وخصوصاً في بلد طغى عليها الحرب لمدة طويلة كسوريا. حيث جرت العادة عند الناس الذين يعانون من قلة المعيشة أن يلجؤوا لتزويج بناتهم دون النظر إلى أعمارهن. هل هي مؤهلة لأن تصبح زوجة وتتحمل كل أعباء الحياة الزوجية والإنجاب ومن ثم تربية الأبناء. كل ما يهمهم هو التخفيف من الأعباء المالية دون أي تفكير بمستقبل الفتاة التعليمي”.
هالة كانت من المتفوقات كما كانت واحدة من ضحايا هذه العادات السيئة. هالة تم تزويجها وهي لم تكن قد تجاوزت الـ 14 عاماً. لم يستمر زواجها سوى 4 أشهر لأنه بني على أسس خاطئة.
هالة أصرّت بعد الطلاق على مواصلة دراستها الثانوية والجامعية، إلا أن نظرة المجتمع للمطلقات كادت أن تحول دون ذلك، ولكنّها أصرّت على المواصلة، على الرغم من كل ما واجهته من عدم تقبل المجتمع لكونها مطلّقة. وسد كل باب قد يساعدها للخروج مما واجهته من الضغوط النفسية.
تابعت هالة دراستها وحصلت على الشهاة الثانوية وبمعدل 80%. كانت أمها تدفعها للدراسة والنجاح، وتقول لها: يجب أن يكون معدل نجاحك معدلاً جيداً جداً، حتى يرى الناس نجاحك ويتخلوا عن نظراتهم الفوقية نحوك ونحو كل امرأة مطلقة”.
حلمت هالة بالدراسة الجامعية كباقي الفتيات، وفي تخصص ترغب به وتحبه. لكن سوء الحال الذي تعيشه الأسرة حرمها من ذلك. هالة لم تعدم الحيلة يوماً، فتقدمت إلى أحد المراكز النسائية وتعلمت مهنة الخياطة. وما ميز هالة بهذه المهنة هو التصميمات الرائعة للملابس التي كانت تبتكرها. الأمر الذي مكّنها من الحصول على عدة فرص تدريب نجحت خلالها بصقل خبرتها في هذا المجال.
حصلت هالة على عمل لمدة عام مع أحد مشاغل الخياطة في منطقتها.وتواصلت بعدها مع عدة مؤسسات و جهات تعنى بهذا المجال، ووجدت إقبالاً من العديد منها، وأصبحت لديها فرصة عمل وفرت لها قاعدة أساسية لبناء مشروع خاص بها.
حصلت هالة على فرصة نوعية من قبل مشروع قروض صغيرة كمطلّقة. فعملت على الفور على إنشاء مشروع في مجال تخصصها، ليصبح مصدر دخل لأسرتها الفقيرة. و بالفعل أصبحت هالة سيدة منتجة وعملت في مشروع لتصميم الملابس النسائية في منزلها.
وبفضل التشجيع من قبل شخصيات أعجبت بعملها، استطاعت أن تفتتح محلاً تجارياً كبياً للتطريز وحياكة الملابس. وأصبحت من سيدات الأعمال في المنطقة بعد أن كانت عائلتها تعيش على المساعدات الإنسانية من المؤسسات الخيرية. ووفرت هالة لعائلتها المكونة من 12 فرداً كل ما تحتاجه.
وفي نهاية قصتها دعت هالة جميع الفتيات مثيلاتها لكسر حاجز الصمت الذي يعشن فيه، وأن يكون لديهن الوعي الكبير بما يدور حولهن. “لأن المشكلة الأساسية تكمن في من حولنا وليس فينا وحدنا، لذلك علينا ألّا نكون عبئاً على أحد” وبهذه الكلمات ختمت هالة قصة نجاحها.