اللاجئون في كردستان العراق يبحثون عن الأمان والعمل
محي الدين عيسو
يبعد مخيم دوميز في إقليم كردستان العراق عشرة كيلومترات عن مدينة دهوك. لا توجد شجرة واحدة في المخيم ومحيطها، فهي مبنية على أرض قاحلة شبه صحراوية. أغلب سكان المخيم من العائلات التي هربت من المناطق السورية الساخنة مثل دمشق وريفها وحمص وحلب وحماة. يعود أصل معظمهم إلى محافظة الحسكة والمناطق المجاورة. عندما رجعوا إلى محافظة الحسكة لم يجدوا لا مسكناً ولا مصدر رزق فلجؤوا إلى كردستان العراق.
عبد الله، وهو أب لسبعة أطفال، نزح مع عائلته من حي شبعا ذي الأغلبية الكردية في دمشق بعد أن قصفه النظام.
“قصف الحي الذي نسكنه أجبرنا على الخروج والتوجه إلى القامشلي بحثاً عن الأمان. خسرنا عملنا في دمشق،” يقول عبدالله. “بسبب عدم وجود منزل أسكنه مع عائلتي في القامشلي وعمل أستطيع من خلاله تأمين مصدر للرزق لم يكن أمامي سوى التوجه إلى كردستان العراق والعيش في خيمة لفترة زمنية حتى تستقر الأوضاع وأعود إلى منزلي في دمشق.”
إرتفاع أسعار المواد الغذائية في سوريا، بالإضافة إلى الإشاعات المستمرة عن وجود اعتقالات في المناطق السورية الكردية وطلب قوات الإحتياط للإلتحاق بالجيش دفع بالآلاف إلى الفرار من مدنهم وقراهم. توافد خلال شهر آب/أغسطس ما يزيد عن 5000 لاجئ سوري إلى إقليم كردستان، حسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويتواجد في مخيم دوميز عشرة آلاف لاجئ تقريباً حسب المصدر نفسه.
تعيش كل عائلة في خيمة. حصلت بعض العائلات على اللوازم مثل الفرش الإسفنجية وبراد ومروحة، بينما عائلات أخرى قَدِمت حديثاً لم تحصل على أي شيء بعد. يتصاعد غبار كثيف في كل مكان في المخيم بسبب الأرضية الترابية. مياه الصرف الصحي تجري فوق سطح الأرض بين الخيم، ولكل عشر خيم دورة مياه واحدة فقط. ولا يوجد في المخيم مدرسة، إذ يمضي الأطفال وقتهم باللعب فوق الأرض الترابية.
يقول الناشط ماجد داوي أحد المتعاونين مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في كردستان العراق فيما يخص الناحية الخدمية في مخيم دوميز: “لا تزال انتقادات سوء الأوضاع المعيشية والصحية في المخيم مستمرة على الرغم من محاولات المنظمات الدولية تأمين احتياجات اللاجئين. لكن الأعداد الهائلة للاجئين المتوافدين يحول دون تأمين كل الإحتياجات.” وينتقد داوي عدم تدخل حكومة الإقليم بشكل جدي من أجل تأمين الدعم الكافي للمخيم، وذلك بسبب الخوف من تضاعف عدد اللاجئين في حال تم تحسين أوضاعهم مما يؤدي إلى التسبب في زيادة نسبة البطالة في الإقليم، حسب رأي داوي.
سوريون آخرون فروا من الحرب والدمار في بلادهم استقروا في مدن كردية مثل أربيل والسليمانية ودهوك وزاخو. يشكو هؤلاء من صعوبة الحصول على عمل والإرتفاع الشديد في إيجار المنازل وكلفة المواصلات، بالإضافة إلى تغيير سياسة منح الإقامات من قبل حكومة الإقليم. ففي بداية الثورة السورية عندما كان اللاجئون يأتون إلى كردستان العراق، إن كانوا ضمن عائلات أو أفراداً، كانوا يحصلون على الإقامة مباشرة. ولكن مع زيادة عدد اللاجئين في بداية عام 2012 قامت حكومة الإقليم بالتوقف عن إعطاء الإقامات للمواطنين السوريين. وهناك أناس تجاوزت مدة وجودهم في كردستان العراق السنة ولم يحصلوا على حق الإقامة بعد.
ويُعقب ماجد داوي على أوضاع اللاجيئن في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، بالقول: “بالنسبة إلى اللاجئين في مدينة أربيل، فأوضاعهم ليست بأحسن ممن هم في المخيم،” مشيراً إلى صعوبة إيجاد شقق سكنية وارتفاع إيجارها. “هذه الظروف كانت السبب في عودة العديد من الشباب إلى سوريا، متوقعين كل الاحتمالات،” يضيف داوي.
ويعبّر الكثير من سكان المخيم عن خيبة أملهم من أداء الأحزاب الكردية السورية. لاجئون في مخيم دوميز يقولون إن أحداً من قيادات الأحزاب الكردية السورية لم يقم بزيارة المخيم للإطلاع على الأوضاع ونقل الإحتياجات إلى حكومة الأقليم. خوشناف خليل، أحد سكان المخيم من القامشلي، يقول: “نحن خارج حسابات الحركة الكردية في سوريا وخارج حسابات حكومة الإقليم، ولولا المنظمات الدولية والمساعدات الإنسانية لكنّا في وضع كارثي.” ويضيف خليل قائلاً: “هناك العديد من العائلات التي جاءت من مناطق الشمال السوري لتبحث لنفسها عن الأمن والأمان والعمل، لكنها تنام على الأرصفة ولا تجد أي فرصة للعمل وتنتظر المساعدات الإنسانية وسقوط النظام للعودة إلى مناطقها الأصلية.”
بهجت بشر أحد قيادات المجلس الوطني الكردي السوري يرد على هذه الإنتقادات بالقول إن المجلس” لا يستطيع وقف الهجرة من المناطق الكردية في سوريا ولا يملك الإمكانيات المادية لتحسين أوضاع اللاجئين أو تقديم المساعدات الغذائية لهم بسبب ارتفاع أعداد المهجرين.”
تصريح أحد نواب البرلمان في كردستان العراق، الذي فضل عدم كشف اسمه، يشير إلى عدم وجود إرادة سياسية لتحسين أوضاع اللاجئين السوريين: “لو قمنا بتحسين أوضاع اللاجئين وإعطائهم الإقامات والمنازل وعاملناهم معاملة الكردي العراقي فإنك لن تجد كردياً سورياً واحداً في سوريا؛ كلهم سيهاجرون من مناطقهم لسوء أوضاعهم الاقتصادية وبالتالي سيتم تفريغ المنطقة الكردية من سكانها، لذا نحاول قدر المستطاع التخفيف من التدفق السكاني إلى إقليم كردستان العراق.”