الغارات الجوية موضع تشكيك في منطقة حلب

باري عبد اللطيف

 

في مدينة الباب، تبخر مقاتلو داعش، ولكنهم لا يزالون هناك

 

(ريف حلب- سوريا) لم تعرف مدينة الباب الأمن منذ فترة طويلة، بعدما كانت المدينة التجارية الأولى في ريف حلب، تعرّضت لموجات من القصف العنيف الذي شنته الطائرات الحربية السورية على مدى عدة أسابيع ما أدى لسقوط عشرات الضحايا، وتدمير هائل في المنازل وتوقف المدينة عن العمل بشكل شبه كامل. يعيش سكانها اليوم في ظل ما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية” أو اختصاراً بـ”داعش” وهو التنظيم الذي كان يشد الخناق على المدنيين في تصرفاتهم وكافة شؤون حياتهم.

طائرة حربية تابعة لسلاح البحرية الأميركية تستعد للإقلاع عن حاملة الطائرات الأميركية "نيميتز" في البحر الأحمر.  الصورة التقطت في أيلول/ سبتمبر 2013 (البحرية الأميركية غيتي إيماج)
طائرة حربية تابعة لسلاح البحرية الأميركية تستعد للإقلاع عن حاملة الطائرات الأميركية “نيميتز” في البحر الأحمر.
الصورة التقطت في أيلول/ سبتمبر 2013 (البحرية الأميركية غيتي إيماج)

وها هم السكان اليوم يخافون موجة جديدة من الغارات الجوية، يشنها هذه المرة التحالف الدولي الذي تعهد بضرب معاقل داعش.

غابت عن مدينة الباب سيارات دوريات داعش التي كانت تشغل الحيز الأكبر من شوارعها، التي خلت ومحيطها من الحواجز. وعمد مقاتلو التنظيم إلى التوزع داخل المدينة، في البيوت التي استولوا عليها.

قبيل بدء الغارات على سوريا في 23 أيلول/سبتمبر، عمد المدنيون في المدينة إلى تخزين كميات من المواد الغذائية الأساسية تخوفاً من اشتداد القصف وانقطاع المؤن، خفّت الحركة في الأسواق والشوارع الرئيسية، وانتشرت معلومات تحذر المدنيين من التواجد بالأماكن المكشوفة على شكل تجمعات كبيرة. وعلى صعيد آخر لوحظ تجنب المدنيين الحركة في المناطق القريبة من مقرات “داعش”.

المشهد نفسه يتكرر في إدلب ودير الزور، حيث أبلغ السكان مراسل “دماسكوس بيورو” عبر الهاتف، أن مقاتلي داعش اختفوا من الأماكن العامة وإنهم قللوا من حركتهم إلى الحد الأدنى.

مع اعلان التحرك الدولي لضرب التنظيم في سوريا والعراق سرت أنباء عن منع مشاهدة التلفزيون أو متابعة الأخبار في مقرات “داعش” عموماً وسحب جوازات السفر من المقاتلين الأجانب خاصة. 

في مدينة الباب يبدو الإنقسام الشعبي حاداً، بعضهم يعارض الضربات الجوية، وبعضهم يدعمها.

“داعش” تعلن ان القصف الدولي هو حرب استعمارية جديدة بقيادة “صليبية” هدفها الحرب على الاسلام.  وهناك الكثيرون ممن يتخوفون من هذه الغارات ولو لأسباب مختلفة.

مقرات جبهة النصرة تم استهدافها أيضا، وهو ما أدانه العديد من سكان في ريف حلب وإدلب، وذلك لما تتمتع به النصرة من سمعة حسنة في مواجهة داعش والنظام في عدة مناطق، وماتحمله من صفة دينية وشعبية كونها ضمت مؤخراً العديد من الشبان السوريين، بعد سيطرة داعش على مناطق شاسعة من سوريا.

ودعت جبهة النصرة مقاتليها لإخلاء مواقعهم والانسحاب من المدن، وعدم كشف تحركاتهم وإخطار المدنيين المجاورين لمقراتهم السابقة بضرورة إخلائها تخوفاً من غارات محتملة. وحذت حذوها حركة أحرار الشام وجيش المجاهدين.

قوات أخرى بينهم عناصر من الجيش الحر يتساءلون حول عدم قيام الغرب بأي ضد الرئيس بشار الأسد، السبب الأول للعنف في سوريا.

سقوط ضحايا في صفوف المدنيين في كفردريان بسبب صواريخ أمريكية الصنع، كما يقولون، معطوفة على تصريحات للتنظيمات المناهضة لـ”داعش” والرافضة لغارات قوات التحالف، كل هذا أدى إلى تجييش الرأي العام ضد الضربة في العديد من المناطق، على اعتبار أنها لن تؤدي لنتيجة دون تحركات فعلية على الأرض لإعادة السيطرة على مناطق نفوذ “داعش“.

فخرجت عدة مظاهرات لعسكريين وناشطين من المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في مناطق مختلفة رافضة للتدخل الدولي منددة بالغارات التي تحصد أرواح المدنيين.

وفي الوقت نفسه، يبدو العديد من المدنيين في مدينة الباب أكثر دعما للتحرّك الدولي، آملين أن يحررهم هذا التحرك من قهر داعش. وهم ينطلقون من مبدأ إن الأمور لا يمكن أن تصبح أسوأ لذا لا يمكن إلا أن تصبح أفضل.