الروضة البديلة في حاس… هل تفي بالغرض؟
أطفال غرفة الحضانة في حاس تصوير جود مصطفى
"غرفة صغيرة كانت مبنية في حديقة منزله، إلى روضة أطفال بديلة عن روضة الأطفال التي كانت في مجمع المدراس في حاس"
حوّل أحمد (38 عاماً) غرفة صغيرة كانت مبنية في حديقة منزله، إلى روضة أطفال بديلة عن روضة الأطفال التي كانت في مجمع المدراس في حاس.
وكان عشرات الأطفال قد ذهبوا ضحية القصف الذي استهدف المجمع في ما بات يعرف بـ مجزرة الأقلام في بلدة حاس، والتي دمّر خلالها النظام منطقة مجمّع المدارس، ومن ضمنها روضة الأطفال، التي كانت حلماً بالنسبة للبراعم الصغار، ليلعبوا ويلهوا وتكون مدخلاً لمرحلة التعليم.
يقول أحمد لحكايات سوريا: “قمتُ بذلك كي أُساعد الأطفال في تعويضهم عن فقدان روضتهم بسبب قصف النظام… وبدل أن يبقوا في الشارع يلعبون بمخلفات الأسحلة، ها هم يقبعون في روضةٍ صغيرة، حيثُ أنهُ بمساعدة بعض الأهالي قمنا بوضع فرشٍ بسيطٍ في الغرفة مكوّن من سجادة وبعض الإسفنج ومدفأة قديمة”.
يُضيفُ أحمد: “لم أستطع أن أرى الأطفال دون غرفة تأويهم ليتعلّموا، لذا أردتُ أن أمنحهم ولو شيئاً بسيطاً بمساعدة صديقي علي وأساتذة آخرين”.
علي (42 عاماً) المسؤول عن الروضة يقول لموقعنا: “الأساتذة يتعاونون معنا لأنّ مسؤولية الأطفال مشتركة في ما بيننا، لكننا فعلاً نفقدُ المقومات، وبشكل خاص القرطاسية واللوازم الدراسية ومع ذلك نحنُ مستمرون، فشيء أفضل من لا شيء”.
المسؤولة عن تدريس الأطفال فاطمة (40 عاماً( تقول: “أُعاني كثيراً في أداء مهمّتي لعدم وجود كراسي يجلس عليها الأطفال، مما يؤدي لصعوبة في الإنضباط حيثُ يقبع الجميع على الأرض… وكذلك هناك مشكلة بالنسبة للأطفال المُصابين بأقدامهم الذين تصعب عليهم وضعية الجلوس أرضاً فلا يكون الجميع متساوين في ما بينهم. هذا عدا عن أنَّ المكان بالأساس ضيّق جداً، ولا يوجد فضاء لقضاء أوقات الإستراحة، مما يجعل الفوضى عارمة أكثر الوقت!”
الطفلة مريم (6 سنوات)، فقدت قدمها أثناء مجزرة الأقلام التي أودت بحياة رفاقٍ ومدرّسين لها في الروضة، ها هي تعبّر بأسلوبها البسيط عن معاناتها في الروضة البديلة نظراً لوضع قدّمها، فالمكان ضيّق ويصيبها رفاقها بقدمها أثناء اللعب دون أن يشعروا بأنَّ ذلك يؤلمها كثيراً… خاصة حين يسوء وضعها الصحي، حيثُ تلتهب قدمها كل حين وتعاني من الوجع في أوقات اشتداد البرد.
أمّا زميلتها فرح (6 أعوام) فتقول: “لا يوجد هنا أي ألعاب ولا نحصل على الهدايا… وكنتُ خائفة من المجيء بسبب الطيران الذي يقصف باستمرار”.
لكن في الجانب الآخر، تجلس أم محمود في منزلها منتظرةً طفليها ريثما يعودان من الروضة، فهي تخشى عليهما من صواريخ الطائرات التي لا تستثني أي منطقة، لكن مع ذلك ترى أنّ الروضة تقدّم للأطفال الفائدة ولو بشكلٍ بسيط.
أبو محمد لم يتمكن من إرسال ابنه وعمره 5 سنوات، إلى الروضة لعدّم قدرتها على استيعاب المزيد من الأطفال، فهي تستقبل حوالي 20 طفلاً في غرفة واحدة… وبالأساس يرى أبو محمد أنّ الروضة بعيدة عن منزله نسبياً ويخشى على طفله من اشتداد القصف وهو على الطريق.
أوضاعٌ إنسانية صعبة تعاني منها منطقة ريف إدلب ككل، لكن يبقى الأطفال هم الضحية الأكبر، فهم في مرحلة نمو، ويكبرون على أصوات المدافع والصواريخ… أمّا حقهم بالتعليم، فحدّث ولا حرج، بانتظار الخطوات الأكبر لتعويضهم عمّا حُرِموا منهُ بعدما قصفَ النظام مدارسهم وقتل يعضهم على مقاعد الدراسة.