البرازيلي يُطيح بالروسي في القامشلي!
الخواتم الذهبية تنتظر في الواجهات تصوير شفان ابراهيم
من عادات الزواج في سوريا، كما في العديد من الدول العربية، أن يقدم العريس على إهداء “الشبكة” للعروس. والشبكة جزء من مهر العروس وهو عبارة عن مصاغ من الذهب والحلي والجواهر أحيانا، وكل بحسب استطاعته. ويُعَد هذا الأمر شرطاً في كثير من الأحيان لأي زواج منذُ مرحلة الخطوبة…
قبل الحرب بدأت الناس تسمع بما يُسمّى بالذهب البديل، وهو بأسعار أقل من الذهب العادي، ومن أنواعه الذهب الروسي والبرازيلي والهندي، وحصل إقبال على الذهب الروسي من بين أنواع الذهب البديل لشدة لمعانه وجمال تصاميمه.
لكن ما قبل الحرب ليس كما بعدها. فنتيجة سوء الأوضاع الإقتصادية باتَ الذهب البديل الأكثر مبيعاً وتداولاً، وحلاً بديلاً عن الذهب العادي الذي ارتفعت أسعاره بالنسبة لليرة السورية، وذلك بشكل خاص في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام… كما أنهُ في كثير من هذه المناطق لم يعد هناك رواج للذهب الروسي نتيجة مقاطعته، لما لروسيا من دور في الحرب من خلال تحالفها مع النظام، وحلَّ الذهب البرازيلي مكانهُ.
موقع حكايات سوريا جالَ في القامشلي، والتقى بعدد من الأشخاص للحديث عن ظاهرة الذهب البديل في المدينة وبشكل خاص الذهب البرازيلي.
يوضح تاجر الذهب البديل رافع اسماعيل أن الذهب البديل هو عبارة عن إكسسوارات مطلية بالذهب الخالص، الذي يحافظ على لونه بحسب جودة النوعية. ولكل نوع ذهب بديل مدة كفالة، فالذهب الهندي عادةً ما يكون مكفولاً لمدة 6 أشهر، والبرازيلي كفالته تصل إلى سنتين…
ويلفت اسماعيل إلى “رواج الذهب البرازيلي نظراً لتعدد الشركات التي تنتجه وكثرة الموديلات وتنوّعها وملاءمتها لأكثر الأذواق، على عكس الذهب الهندي الذي لا يلقى رواجاً كبيراً لأنهُ يعتمد على موديلات مُصمَّمة خصيصاً للمرأة الهندية دون غيرها”.
ويكشف اسماعيل أن استيراد الذهب البرازيلي في القامشلي يتم عن طريق شحنه بحراً لانخفاض التكلفة، وقد كان الإعتماد على تجّار من دمشق وحلب لكن بسبب الأوضاع في حلب صار الإعتماد الأكبر على تجّار دمشق.
ويقول اسماعيل: “الأسعار تتغيّر بحسب الماركة والنوعية، لكن طقم الذهب البرازيلي المؤلّف من أربعة قطع تكلفته وسطياً 100 ألف ليرة سورية أي 200$، أمّا طقم الذهب العادي فمعدل سعره هو مليون ليرة سورية أي 2000$”.
جدعان العلي وخطيبته سهى يونس يرويان لموقعنا عن تجربتهما مع الذهب البديل، فتقول سهى: “لا أُخفي أنني كنتُ أحلم أن أرتدي الذهب الخالص في يومَي خطوبتي وزفافي لكن بسبب غلائه سنلجأ للذهب البرازيلي وأنا مُعجبة به على كل حال، وقد فعلتُ ذلك لأنني لا أقبل أن أستغني عمّن أُحب من أجلِ الذهب!”
بدوره يقول جدعان: “لم أستطع تأمين المبلغ المطلوب لشراء طقم من الذهب الخالص بسبب ضيق المعيشة في ظل الأوضاع الراهنة، لكني أعد سُهى أن أُعوّضها في أقرب فرصة، فمَن منا لا يحب أن يقدّم لخطيبته أو زوجته ما تُحب؟”
من جهته يروي البائع حسام أنَّ البعض من المقبلين على الزواج في القامشلي يأتون لشراء الذهب البرازيلي، وترتديه العروس مع القليل من الذهب الخالص، فيما يأتي البعض لشراء كامل الحُلي من الذهب البرازيلي، وهناك ممن يعجزون حتى عن شراء الذهب البرازيلي نتيجة تردّي الأوضاع المعيشية وقلة فرص العمل… مقابل مَن ما تزال أوضاعهم تسمح لهم بشراء الذهب الخالص، لكنهم قلّة في القامشلي.
أمّا التاجر خالد فيتحدّث لحكايات سوريا عن تجارة الذهب الروسي بالقول: “لقد سعينا لاستيراد الذهب الروسي في بداية الأزمة، نظراً لارتفاع أسعار الذهب الخاص وتراجع الطلب، لكن مع التدخل الروسي ارتأينا الإحجام عن استيراده كي لا نكون شركاءً في سعر الصواريخ التي تقتل أبناءَنا، واتجهنا نحو أنواع أُخرى من الذهب البديل”.
العروس ليلى تقول أنها مضطرة لشراء كمية من الذهب البديل لتخلطه مع الذهب الخالص “كي تمر ليلة الزفاف على خير”. أمّا نوجدار فتثني على الذهب البديل وتقول أنهُ يتميّز بكثافته وكبر حجمه وموديلاته المتنوّعة والبرّاقة و”لِمَ لا؟ لطالما يلبّي احتياجات كافة الشرائح، كل ما نحتاجه هو القناعة أنهُ ذهب”!
أم عين إمرأة مسنّة، بقيت ابنتها حتى سن الـ 32 دون زواج، لكن تقدّم لها مؤخراً عريس وضعه المادي غير جيد، فأقنعت أم عين ابنتها بالقبول به ومن ضمن “التنازلات” هو القبول بالذهب البرازيلي… وهذا ما حصل وتحقّق حلم الأُم بابنتها ورأتها بالطرحة البيضاء.
الذهب البديل وجد خلا للبعض ولكنه كان سبب الطلاق بالنسبة للبعض الآخر. ميديا طلبت الإنفصال عن زوجها بعد زواجها بأيام. والسبب: “لقد خدعني وأهداني في ليلة زفافي طقماً من الذهب. اعتقدت أنهُ ذهب خالص، لأتفاجأ بعد أيام أنّ لونه بدأ يتغيّر وإذ به ذهب هندي! فطلبت الطلاق وها أنا أجلس في بيت أهلي. ولن أسمح لأي رجل بأن يكذب علي، فهو قد خدعني بذاك الذهب البديل”!
يقول بائع الذهب مروان أنَّ الذهب البديل أضرَّ بسوق الذهب في القامشلي، منتقداً انتشار هذه الظاهرة وقد وضعها في إطار “البرستيج الإجتماعي”. ويقول مروان: “يفقد هذا الذهب قيمته في المبيع عكس الذهب الخالص… فالذهب يبقى ذهباً والإكسسوار إكسسوار”.
ويتحدّث عن المعاناة الكبيرة في وصول الذهب الخالص إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بسبب حصار النظام وحلفائه، فيقول شاكياً: “يمر أحياناً أسبوع لا نبيع فيه أي قطعة ذهب فيما نرى الإقبال الكبير على الذهب البديل، لكن في النهاية لا يصح إلاّ الصحيح”.
ويضيف مروان: “الذهب الأصلي تأثر بتذبذب سعر صرف الدولار وارتفاعه الدائم. كان سعر الغرام قبل العام2011 أقلّ من الفي ليرة سورية، أمّا اليوم فقد وصل الى حدود 20 ألف ليرة سورية”.