الأهالي: لإخراج المقرات العسكرية من كفرنبل

لقطة من رسالة مصورة وجهها أهالي كفرنبل إلى المقاتلين لإخراج المقرات العسكرية من المناطق السكنية. المصدر: فيس بوك/ خالد حمادي

تظاهر أهالي كفرنبل ضد وجود المقرات العسكرية في المناطق السكنية بسبب الخطر الذي يسببه قصف النظام على حياة المدنيين.

عبدالله كليدو

(كفرنبل، سوريا) –”حقناً لدماء المواطنين، نرجو خروج المقرات الثورية والأمنية من البلدة”، عبارة على إحدى اللافتات التي حملها متظاهرون في مدينة كفرنبل يوم الجمعة في 22آب/ أغسطس، في حين حملت لافتة أخرى عبارة “إلى إخوتنا وأهلنا المجاهدين والمقاتلين، نشكر تضحياتكم، احمونا من غدر النظام”. جاءت هذه المظاهرة بعد قصف طائرات النظام أحد المقرات التابعة للمعارضة المسلحة في هذه المدينة الواقعة في ريف إدلب الجنوبي بتاريخ 20 آب/ أغسطس وذهب ضحيته طفلة صغيرة وأحد أفراد هذه المقرات. ثم تكرر القصف على مراكز مشابهة في اليوم التالي، ثم في الثالث من

لقطة من رسالة مصورة وجهها أهالي كفرنبل إلى المقاتلين لإخراج المقرات العسكرية من المناطق السكنية. المصدر: فيس بوك/ خالد حمادي
لقطة من رسالة مصورة وجهها أهالي كفرنبل إلى المقاتلين لإخراج المقرات العسكرية من المناطق السكنية. المصدر: فيس بوك/ خالد حمادي

أيلول/ سبتمبر، دون أن يوقع أية إصابات.

عندما سيطرت المعارضة المسلحة على مدينة كفرنبل في 10آب/ أغسطس2012، اتخذت من المباني الخدمية والمرافق العامة مقرات لها، في حين شنت القوات الحكومية حملة انتقامية على المدينة بعد خسارتها لصالح المعارضة. استهدفت هذه الحملة الأسواق العامة ومنازل المدنيين. أما في الآونة الأخيرة، فاستهدفت القوات الحكومية المقرات العسكرية الخاضعة لسيطرة المعارضة، ما أسفر عن وقوع ضحايا من المدنيين القاطنين بجوار هذه المقرات. أثار ذلك سخط السكان فخرجوا في مظاهرة احتجاج.

لم تقتصر المظاهرة على أهالي المدينة القاطنين بجوار المقرات العسكرية التابعة للمعارضة، بل انضم إليهم بعض أفراد المعارضة المسلحة وعدد من أعضاء المجلس المحلي في المدينة.

أحد مقاتلي المعارضة الذين شاركوا في المعارك الأولى ضد النظام أيمن الحميدو (40سنة) والذي شارك في المظاهرة يقول إنه ورفاقه مع بداية دخول الجيش إلى المدينة، انطلقوا بالعمل المسلح من البساتين المجاورة. ويضيف “كنا نتمتع بحاضنة شعبية كبيرة، أما مع وجود مقراتنا داخل المدينة وقصفها من قبل النظام وسقوط الضحايا من المدنيين جعل هذه الحاضنة الشعبية تنبذنا”. وعن الخطوات اللاحقة يقول الحميدو “سنشكل لجنة من الأهالي والفعاليات المدنية، وسنتوجه إلى جميع المقرات العسكرية التابعة للمعارضة لإقناعها بالخروج من المناطق الآهلة بالمدنيين”.

أحد المدنيين القاطنين بجوار مقر عسكري (فضل عدم ذكر اسمه) يرد سبب عدم مشاركته في المظاهرة لعدم علمه بها، ولكن إن تكررت سيكون من أول الأصوات التي تدعوهم للخروج من المدينة، ويعبر عن سخطه الشديد من اضطراره لإخلاء منزله نهاراً خوفاً من قصف النظام للمقر العسكري التابع للمعارضة والذي يقع بجوار منزله.

يوضح عضو المجلس المحلي واهب العبيدو أن الدعوة التي وجهها المتظاهرون لا تقتصر على بعض المقرات التي لها صبغة إسلامية مثل”جبهة النصرة” بل لكل المقرات العسكرية بغض النظر عن توجهها وانتمائها.

كما يشير العبيدو إلى أن المجلس وجه عدة دعوات إلى مجموعات المعارضة لإخراج هذه المقرات من المدينة وعدم إعطاء النظام ذريعة، وأنه بالرغم من الوعود الإيجابية لم يقم أي من هذه المقرات بالخروج، في حين أكد أيمن الحميدو بأنه وجه الدعوة إلى لواء فرسان الحق بالمبادرة بالخروج من المدينة، وتلقى منهم رد إيجابي وتقبلوا الموضوع.

على الجهة المقابلة، نفى المسؤول العسكري لـ”لواء فرسان الحق” التابع لـ”الجيش الحر” المقدم فارس البيوش أن يكون قد تلقى أي دعوة من المجلس المحلي للخروج من المدينة. ويوضح أن في أحد الاجتماعات بين اللواء والمجلس المحلي جرى النقاش حول إخلاء المباني الخدمية والمدارس بحسب حاجة المدينة لهذه المباني”، وأضاف البيوش “نحن مع إخلاء المقرات العسكرية في المدينة ولكن ليس بهذه الطريقة، فنحن منفتحون على الجميع وكل شيء يحقن دماء المدنيين نحن معنيون به”.

أثارت هذه المظاهرة ردود فعل متباينة من قبل بعض النشطاء في مدينة كفرنبل، فمنهم من رحّب ومنهم من انتقد الطريقة التي خرجوا بها. إذ رحب عضو منظمة “اتحاد المكاتب الثورية” التي تنشط في مدينة كفرنبل تنموياً وثقافياً وارث البكور (29عاماً) بالمطالب التي خرجت بها المظاهرة إلا أنه عاد وانتقد بعض المصطلحات التي استخدمها المتظاهرون،  وبحسب رأي البكور “لا يجوز أن نشير إلى من يضحي بدمه منذ ثلاث سنوات بمجرد تسمية مقرات مسلحة”. كما وقف مدير المونتاج في “راديو فريش” التي تبث برامجها من كفرنبل أحمد البيوش (27عاماً) إلى جانب الطلبات التي رفعت في المظاهرة. في حين وصف الناشط الإعلامي ورسام كفرنبل الكاركاتيري أحمد جلل (32عاماً) المظاهرة بأنها “غير واقعية، فهل إذا افترضنا أن هذه المقرات خرجت من المدينة سيتوقف النظام عن قصفنا نحن المدنيين؟!”، ويستشهد الجلل بقصف النظام السوق الرئيسي مرتين وقصف المنازل عشرات المرات، ووقوع العديد من الضحايا المدنيين. ويضيف الجلل: “من السخافة بمكان أن نعتقد أن النظام يقصف فقط المقرات العسكرية للمعارضة، فلنا تجربة طويلة مع النظام في هذا المجال”.

وفي ما يتعلق بمشاركة أعضاء من المجلس في المظاهرة يعتقد عضو “منظمة اتحاد المكاتب الثورية” معن الكليدو (38عاما) أن “خروج أعضاء المجلس في هذه المظاهرة غير واقعي، لأن المجلس هو المعني بإصدار القرارات في المدينة التي يمثلها، لا الخروج في مظاهرات لا طائل منها”.

ويربط عضو المجلس المحلي واهب العبيدو خروج أعضاء المجلس في هذه المظاهرة بعجز المجلس عن تنفيذ القرارات التي يصدرها في ما يخص هذه المقرات. فالمجلس لا يملك جهة قوية تستطيع تنفيذ قراراته التي يصدرها وخصوصاً في ما يتعلق بالمقرات العسكرية، ويقول “نحن مجلس محلي مدني وبالأساس نعتمد على هذه المقرات في تنفيذ قراراتنا”، وينهي العبيدو حديثه بتصميمه على الاستمرار في التظاهر حتى خروج كافة المقرات العسكرية والأمنية من المدينة، أكانت تلك الموالية للائتلاف الوطني، أو لها صبغة إسلامية مثل “جبهة النصرة”.