أنا امرأة أريد حقي في ميراث أبي
ورشة عن حق المرأة في الميراث
أثناء عملي في فريق بصمة وطن التقيت العديد من الأشخاص الذين لا زلت أذكر قصصهم. بعض تلك القصص أثرت بي أكثر من غيرها.
أثناء تنفيذ بعض أنشطة الفريق، كان بين المدعوين فتاة تدعى ريم. ذكرت تلك الشابة أنها حرمت من حقها بالميراث. بناءً على ما حدث معها تم التواصل مع شخصيات عدة من مدراء المخيمات ومسؤولي القطاعات السكنية في المخيمات ومخاتير القرى القريبة من المخيمات.
تبين أن حرمان المرأة من الميراث هو أمر طبيعي ومعتاد. وأنه من المعيب أن يعطى الميراث للبنت التي قد تذهب بمال أبيها لعائلة زوجها. وهم يعتبرون أن زوج البنت غريب.
تم طرح القضية على مجلس الإدارة في فريق بصمة وطن كي تتم معالجة المشكلة من خلال مناصرة حق المرأة بميراث أبيها. وكان أمام الحملة فرصة ذهبية، كون معهد صحافة الحرب والسلام قد أعلن عن فتح باب المنح لحملات المناصرة. وأن الحملة سيتم العمل عليها بشكل دقيق وموسع.
وسعى فريق بصمة وطن لإيجاد آلية عمل تتناسب مع المجتمع ولا تكون منفرة له؛ كون الفريق يحظى بثقة المجتمع المحيط. فكان لا بدّ من توعية النساء على حقهن، حيث أن هذا الحق يتلاشى مسايرة لعادات المجتمع.
كان لا بدّ من تعريف النساء على بعض النصوص القانونية التي تحفظ للمرأة حقها. وكذلك النصوص الدينية التي تقر للمرأة بذلك. فأطلق فريق بصمة وطن في الشمال السوري المحرر حملة تسلط الضوء على بعض المشكلات التي تعاني منها النساء في مجتمعنا العربي.
حملت الحملة عنوان “أريد حقي” لعلها تكون محفزاً للمرأة في المطالبة بحقوقها الاجتماعية. وركزت الحملة على مشكلة الحرمان من الميراث.
ولعل من أسباب هذه الظاهرة القديمة الحديثة جهل المرأة بحقوقها أحياناً. وتسلط شركاؤها بالميراث أحيانا ًأخرى؛ فكان لابدّ من توعية النساء وإطلاعهن على بعض النصوص القانونية، التي تصون للمرأة هذا الحق، ولتكون بدورها عاملاً مؤثراً في نقل المعلومة إلى قريناتها.
تم مقابلة أعضاء في نقابة المحامين الأحرار، ليتم توجيه رسائل للمجتمع وعرض بعض أسباب المشكلة. التقينا أولاً المحامي عبدالسلام السعدي الذي قال: “أنها مشكلة واقعية ومنتشرة بكثرة، وجزء قليل من هذه القضايا تصل للمحاكم. والجزء الأكبر لا يصل. وهذه المشكلة لم تتوفر لها حلول حتى الآن”.
وأضاف: “سبب المشكلة تكون عادة هي عدم وعي النساء بحقهن الذي شرعه القانون والشريعة الإسلامية بشكل كامل ومفصل. وحتى الدعاوى القضائية تحمي هذا الحق. ولكن عندما تصل هذه الدعاوى إلى المحكمة وأيضاً بسبب ضعف المرأة واستغلالها من أقرب الناس اليها وهم شركاؤها في الميراث”.
والتقينا المحامية خالدية البيوش التي أفادتنا أن السبب الرئيسي لحرمان المرأة من الميراث عدم وجود الرادع الديني، والواقع الاجتماعي والبيئة التي ينتمي لها الأشخاص الذين يحرمون المرأة من الميراث.
المحامي حسن عفادلي الذي التقيناه أكد “أن موضوع حرمان المرأة من الميراث هو موضوع قديم جديد بنفس الوقت. وحرمان المرأة من الميراث كان عبر العصور وخاصة قبل الإسلام إلى أن جاء الإسلام وأعطى المرأة كامل حقوقها”.
ويوضح عفادلي “مخطئ من يقول أن المرأة ظلمت في الإسلام، فتقدم العصور واختلاف العادات والتقاليد في المجتمعات أدى لوجود ضعف عند بعض الناس من الناحية الدينية والاجتماعية في ما يخص ميراث المرأة والعادات الاجتماعية والمورثات عبر الأجيال أدت لتكريس هذه المشكلة”.
وأضاف عفادلي: “أصبحت البنت تحرم من الميراث بحجة عدم ذهاب أموال والدها إلى شخص غريب، الذي هو زوجها. وبالطبع هذا مفهوم خاطئ عند كثير من الناس، وهذا فرض وواجب فرضه الإسلام للمرأة ولا يجب أن تحرم منه، وأهم الأسباب هي قلة الوعي الديني والعادات والتقاليد والطمع الذي يؤدي إلى حرمان الفتاة من ميراثها”.
بالطبع نحتاج في مجتمعنا لحملات توعية وخاصة للمرأة كي لا تتنازل عن حقها في ميراثها، وأن لا تدع مجالاً لأي شخص بأن يستغلها ويحرمها من هذا الحق. لأنه فرض وواجب في الدين الإسلامي.
ونحتاج أيضاً لنشر التوعية الاجتماعية والدينية، كون المرأة حرمت من التعليم والتوعية الأخلاقية والدينية في ما يخص ميراثها وحقوقها.
سعينا لإيصال صوت النساء واستخدام أكثر من وسيلة للوصول للهدف المرجو. فكان هناك تعاون مع مديرية الأوقاف لتخصيص خطبة أو أكثر تعرض فيها هذه المشكلة لتكون الحملة بذلك طرقت أذن كل مستمع.
وعملنا على إنتاج فيلم قصير يعرض الكثير من مشكلات المرأة ومشكلة حرمانها من الميراث على التحديد. وتم الترويج للفيلم على منصات التواصل الاجتماعي ليكون خطوة نحو طريق الحق. وعملنا على إنتاج فيديو متحرك لدعم هدف الحملة. لعل الرسوم المتحركة يكون لها تأثيرها على الأجيال الصاعدة.
التفاعل مع الحملة كان ايجابياً بالنسبة لنقابة المحامين الأحرار ومديرية الأوقاف وبعض منظمات المجتمع المدني. وأجمعت آراؤهم على ضرورة تنفيذ مشاريع تحد من ظاهرة حرمان المرأة من الميراث.