“معاً” في جبل الزاوية لنشر الثقافة في زمن الحرب
يسعى المركز لتنفيذ حملات توعية حول تجنيد الأطفال ومخاطر حمل السلاح والنظافة، إضافة إلى دور المرأة في المجتمع وتحويلها من عنصر مستهلك إلى عنصر منتج و إنشاء مركز دعم نفسي للأطفال، وإصدار مجلة شهرية.
مصطفى الجلل
(كفرنبل- سوريا) توقف نور الدين العبدو(26 عاماً) الحاصل على إجازة في الأدب الإنكليزي عن نقل أخبار الثورة كناشط إعلامي منذ تحول الحراك من العمل السلمي إلى ثورة مسلحة. وها هو الآن يقوم
بدور المنسق العام لـ “مركز معاً الثقافي في جبل الزاوية“.
“يعود تاريخ إنشاء المركز إلى 16 آب/أغسطس 2014، أي قبل نحو خمسة أشهر. يقع المركز في قرية جوزف في الجزء الغربي من جبل الزاوية، حيث تمتاز هذه القرية بالهدوء النسبي وتعد من القرى الآمنة مقارنةً مع غيرها من القرى” بحسب ما أوضح العبدو الذي قال لـ “دماسكوس بيورو” عن المشروع: “بدأت الفكرة بالتعاون مع مجموعة ناشطين في الداخل السوري، بعد ملاحظتهم تراجع الوضع الثقافي خاصة في المناطق المحررة, وكان الهدف نشر الفكر التوعوي ورفع المستوى الثقافي لشرائح المجتمع وتقديم خدمات ثقافية تشمل المرأة والرجل على حد سواء”.
وبحسب العبدو فإن خدمات المركز تستهدف 33 قرية في جبل الزاوية، لكن صعوبة التنقل تمنع أهالي القرى البعيدة من ارتياد المركز، نتيجة عدم توفر المواصلات والأوضاع الأمنية التي تعاني منها المنطقة في الفترة الأخيرة، من قطع طرقات واشتباكات مسلحة. وتبلغ مساحة المركز حوالي 250 متراً مربعاً، وهو عبارة عن طابقين, أرضي فيه مكتبة وصالة مطالعة وقاعة محاضرات صغيرة وبوفيه، أما الطابق العلوي فيحتوي على قاعة كبيرة للمحاضرات والندوات. ولا ينتمي المركز بحسب القائمين عليه إلى أي جهة أو هيئة أو منظمة ويعمل في المركز 9 أشخاص.
ويثني الناشط الحقوقي ياسر السليم (41 عاماً) على إنشاء “مركز معاً الثقافي” مؤكداً على حرية العمل التي كانت المراكز الثقافية محرومة منها في تنفيذ النشاطات إلا بعد الحصول على موافقات أمنية ودعا السليم إدارة مركز معاً إلى تغيير صورة المراكز الثقافية السابقة التي أدت إلى كره المهتمين بالثقافة ونفورهم وامتناعهم عن حضور نشاطاتها” مشددا على ضرورة “أن تساهم المراكز الثقافية في إعادة رفع مستوى الثقافة الذي يليق بمستوى المثقفين في جبل الزاوية”.
المدير التنفيذي للمركز مصطفى المخباط (22عاماً) تحدّث عن الدورات التي نفذها واستقطبت عدداً كبيراً من الشباب وأهمها: دورة بالتمريض والإسعافات الأولية، مشروع الأشغال اليدوية، دورات محادثة في اللغة الإنكليزية والفرنسية والتركية، دورات تعليم الكمبيوتر (ICDL ) ودورات محاسبة. كما نظّم المركز دورة تخصصية في الكتابة الصحفية بالتعاون مع مجلة المنطرة التابعة للمكتب الاعلامي في منظمة اتحاد المكاتب الثورية في كفرنبل على مدى خمسة أيام حيث تم تخريج 14 شاباً مؤهلين لكتابة التقرير الصحفي.
ولفت المخباط إلى “أن المركز استضاف مهرجان سوريا لأفلام الموبايل لمدة 3 أيام، كما يعرض المركز الأفلام الوثائقية الهادفة المخصصة لفئة الشباب من الجنسين أسبوعياً. وساهم المركز في مسابقة “بداية أديب” على مستوى الوطن العربي كونه نقطة لاستلام القصص القصيرة. كما استضاف المركز العديد من المحاضرات والأمسيات الشعرية والادبية لعدد من شعراء وأدباء جبل الزاوية”.
وفي ما يتعلق بالتجهيزات يقول محاسب المركز فادي الموسى (26 عاماً): “تم تجهيز المركز بإمكانيات بسيطة كبداية من خلال التبرعات الشخصية وزود بأجهزة صوت وجهاز إسقاط ضوئي وطابعة بالإضافة للكراسي والطاولات”.
تحتوي المكتبة بحسب أمينتها “أكثر من 5500 كتاب تتكون من مجموعة متنوعة من الكتب الدينية والسياسية والتاريخية وكتب الفلسفة والأدب بنوعيه العربي والغربي والجغرافيا والطب والفن. وتعتبر المكتبة النشاط المستمر حيث يتم إعارة الكتب واستردادها ويلاحظ ازدياد عدد رواد المكتبة واستعارة الكتب التي تم التبرع بها لصالح المكتبة.
وعن دور المرأة في المركز تقول أمينة المكتبة أنها تأخذ الدور الأكبر في النشاطات التي ينفذها المركز حيث تبلغ نسبة المستفيدات أكثر من 70% في الدورات والإقبال على المكتبة وحضور الندوات والمحاضرات والأمسيات التي يقيمها المركز.
يعاني المركز بحسب أمينة المكتبة من تأخر استرداد الكتب وأحياناً يخسر المركز بعض الكتب بسبب عدم وجود ضوابط تجبر الشخص على إعادة الكتاب المستعار والسبب عدم وجود جهة يمكن الرجوع إليها عند حدوث مثل هذه الحالات.
الروائي عبد العزيز الموسى (64 عاماً) يشبّه المركز بـ “المنارة المضيئة وسط الضباب، في مناخٍ ضاعت فيه فرص التفكير والقدرة على البحث، زمن لا يسمع فيه إلّا صوت الرصاص، باعتبار أن البندقية هي المتكلم الوحيد, وطالما أن الهدف هو الإنسان وإعادة إحياءه وإحياء فكره فإن المركز يشكل خطوة موفقة في الاتجاه الصحيح”.
وتمنى الموسى “أن تكون أنشطة المركز حيادية، لا تعكس وجهة نظر أي جهة مهما كانت، وأن تكون جامعة لكافة الرؤى والاعتقادات وترضي أغلبية المهتمين بها، وأن تتجرد من كل ما يقيد هذه النشاطات ويجعلها ضيقة الأفق, وأن تركز على الإنسان الذي يمثل المشروع الأكفأ”.
محمد قطان (26 عامًاً) يأمل بصفته أحد رواد المركز استمرارية العمل مهما كانت الظروف لأنه يشكل تحدي للواقع في المنطقة ويساعد في إضافة بسيطة لكنها هامة على طريق تقدم المجتمع ورفع المستوى الفكري الاجتماعي من خلال أغلب النشاطات التي يقدمها مع حاجة الناس إلى هذا النوع من الخدمات.
يمثل المركز للشابة هبة الأحمد (19 عاماً) فسحة أمل تتنفس فيها الحرية أكثر فأكثر وانطلاقة مفتوحة إلى الحياة في ظل السجن الكبير الذي تعيشه.الأحمد سعيدة جداً بالنشاطات والفعاليات التي نفذها المركز منذ بدء العمل فيه, وخاصة دورات التمريض ومشروع الأشغال اليدوية ودورة المعلوماتية.