ما هي آفاق عقد “جنيف 2” والحل السياسي للأزمة السورية؟
(دمشق، سوريا) – دخل الحديث عن انعقاد مؤتمر “جنيف 2” للحوار بين المعارضة والنظام في سوريا مرحلة حاسمة، إذ قد يتقرر قريباً ما إذا كان سيعقد هذا المؤتمر وتحت أي ظروف. تشير تقارير إلى خضوع المعارضة الخارجية لضغوط متزايدة من قبل الغرب للموافقة على حضور المؤتمر. أما الرئيس السوري بشار الأسد، فأعاد خلط الأوراق بعد أن أعلن أمين عام “جامعة الدول العربية” نبيل العربي أن المؤتمر سوف يعقد في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر. وقال الأسد في مقابلة صحافية إنه “لا توجد عوامل تساعد” على انعقاد مؤتمر “جنيف 2″، رابطاً حضور المؤتمر بمناقشة وقف مساعدة “الإرهابيين”، في إشارة إلى المعارضة المسلحة.
استطلع موقع “دماسكوس بيورو” آراء ناشطين سياسيين وأعضاء هيئات سياسية معارضة تعمل في دمشق للوقوف على تصورهم للحل السياسي في سوريا.
عضو المكتب التنفيذي في “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي” كفاح علي ديب وضعت ثقتها في حل سلمي ينهي الأزمة السورية، وذلك عبر “وقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين والتفاوض في “جنيف 2″ على نقل السلطة سلميّاً لحكومة انتقالية بصلاحيات كاملة”.
وعن التجربة السابقة في إيجاد حل سياسي برعاية دولية للأزمة السورية، تقول ديب: “لم يفشل مؤتمر “جنيف 1″، فقد خرجت عنه مجموعة من التوصيات التي يمكن أن يبنى عليها لانعقاد “جنيف 2″ وبالتالي للوصول لحل سياسي يؤدي إلى انتقال للسلطة يفضي بدوره لتحقيق مطالب الشعب بالحرية والكرامة والديمقراطية”.
وكانت “هيئة التنسيق الوطنية” أعربت في أيلول/ سبتمبر في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي عن رؤيتها لحل يتم بتوافق دولي سوري على عقد جلسة عاجلة لمؤتمر “جنيف 2 ” على قاعدة المبادئ التي تم التفاهم عليها في “جنيف 1” وبمشاركة قوى المعارضة الأساسية، على أن يكون وقف إطلاق النار المتزامن البند الأول على جدول أعمال المؤتمر، وتُسَلم السلطة بشكل عاجل إلى حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة وبرئاسة شخصية معارضة يتم التوافق عليها تأخذ على عاتقها إدارة البلاد والحفاظ على مؤسسات الدولة ووحدة المجتمع والتحضير للانتقال الديمقراطي .
وخلص مؤتمر “جنيف 1” في 30 يونيو/ حزيران 2012، الذي حضرته الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى التوافق على 12 نقطة أهمها تشكيل حكومة انتقالية يمكن أن تضم أعضاء من الحكومة السورية الحالية، تملك كامل الصلاحيات التنفيذية، مراجعة الدستور لإجراء تعديلات إصلاحية، تأمين استمرارية المرافق والجهات العامة بما فيها الجيش والأجهزة الأمنية، ووضع حد لإراقة الدماء، وهي مقررات لم يتم تطبيقها.
ولا ترى ديب في التدخل العسكري سبيلاً إلى حل الأزمة، رغم أنها تتفهم السبب الذي يدفع إلى تأييد هذا التدخل، إذ تقول: “المعاناة الهائلة التي يعيشها شعبنا تدفع بالبعض لطلب الخلاص من النظام بأي ثمن”، وتشدد ديب على رفض التدخل الخارجي بكل أشكاله، سواء كان من الغرب أو إيران أو “حزب الله”.
وفي رأي مشابه، يشدد الناشط السياسي والحقوقي فائق حويجة، وهو عضو في “إئتلاف القوى العلمانية الديمقراطية السورية”، على أن خارطة الطريق للحل تبدأ في “وقف القتل وإطلاق سراح المعتقلين وإعادة الاعتبار للعمل السياسي”، ويعتقد أن التجمعات السياسية المدنية يقع على عاتقها الضغط لإيجاد هذا الواقع.
الجزء الثاني من الحل، بحسب حويجة، هو التوجه لعقد مؤتمر “جنيف 2”. ويعتقد حويجة أن هناك شروطاً يجب تحقيقها لكي ينجح هكذا مؤتمر، وهي “تغليب العقل والحكمة والمصلحة السورية العليا وهذه أمور تفتقدها حتى الآن الأطراف الأساسية الفاعلة لذلك أرجو حدوثها لكن لا أراهن عليها”. ويضيف حويجة أن الحل السياسي سيتبلور عندما يشعر الطرفان فعلياً بأنهما أنهكا وغير قادرين على متابعة العمل العسكري.
وعن مخاطر فشل المؤتمر في حال انعقاده، يعتقد حويجة أن الدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري، بالإضافة إلى روسيا وأميركا، قد تعمل على تعطيل المؤتمر إذا شعرت أن نتائجه ليست في مصلحتها، أو إذا تغيرت المعطيات على الأرض، ورأت هذه الدول أن حليفها الداخلي قادر على حسم المعركة عسكرياً.
أما الكاتب السياسي عمار ديوب، الذي يقدم نفسه كـ “سوري ماركسي”، فيرى أن معالجة الأزمة السورية لا تقتصر على حل جانبها السياسي. وبالنسبة إليه، فالبديل عن التدخل العسكري الخارجي الذي وصفه بأنه “إمبريالي” ويهدف إلى منع الشعب من إسقاط النظام بنفسه، هو استمرار الثورة بشقيها المدني والمسلح.
ويقول: “(الثورة) قوية في كامل سوريا، وبسبب قوتها بالتحديد كان استعمال استعمال الكيماوي وكانت فكرة الضربة (الأميركية)”.
يشدد ديوب على التطرق إلى الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي كانت وراء اندلاع الاحتجاجات ضد السلطة. وعن رؤيته للحل، يقول الكاتب الماركسي: “الحل بتحقيق مطالب الشعب، والماثلة بخطوط عامة، في وضع اقتصادي أفضل، زراعياً وصناعياً وتأمين فرص عمل والنهوض بالبنية التحتية، ونظام ديموقراطي قائم على المواطنة.”