قتلوها بعد أن قاتلتهم وهي تدافع عن شقيقها
A woman walking through the Saif al-Dawla neighbourhood. Photo: Hussam Kuwaifatiah
) ماتت كريمة. لم تكن قد أتمت 18 عاماً من العمر. كانت رفيقة الدراسة. موتها هزّ أكل الريف الغربي بحماه. ماتت وهي في ريعان شبابها.
كريمة كان عمرها من عمري. كنت وقتها أدرس في قرية مجاورة لقريتنا قبر فضة في ريف حماه الغربي. لم يكن في قريتنا ثانوية. كنت أضطر يوميا للذهاب الى تلك القرية المجاورة كي اكمل تعليمي. وهناك تعرفت على كريمة التي أصبحت من أعز أصدقائي. كانت كريمة فتاة ذكية مرحة. عفويتها جعلت كل بنات الثانويه ينجذبن إليها. إلّا أنّها كانت صاحبة شخصية قوية جداً.
في منتصف ذاك النهار، وبعد أن انتهت محاضراتنا، أتى أخي زياد ليصطحبني إلى المنزل. كان الجو ربيعياً، ونسمات الهواء تعبث بدفء الشمس. ألقيت التحية على بنات الصف، وكانت كريمة من بينهن، وعدت الى المنزل.
بعد أن تناولت طعام الغداء وراجعت ما تعلمناه، ذهبت قرابة الساعة الثالثة إلى بيت أخي بجوار منزلنا. جلست انا وزوجة أخي خلف المنزل. لم نسمع سوى إطلاق نار مصدره قرية كريمة القرية المجاورة لبلدتنا. وصوت الرصاص أصبح مسألة عادية تعقبها أسئلة حول ما إذا كان هناك من ضحايا، او عن خلفية إطلاق النار.
اعتقدنا للوهلة الأولى أن الجيش يقتحم البلدة كعادته. استنفر الجميع، وبعد بضع دقائق جاء أخي زياد وقال لنا أن علينا المغادرة فوراً. يقولون أن “الشبّيحة” دخلوا القرية المجاورة وقتلوا فتى وفتاة. اتضح انهما أخ وأخته.
أصابنا الخوف، فتركنا قريتنا ونزحنا باتجاه بلدة الحويز المجاورة البعيده نسبياً عن القرى الموالية للنظام. بقينا هناك حتى المساء.
أذكر حين جاء أحد شبان القرية يخبرنا ما جرى. قال لنا دورية تابعة لجيش النظام تضم دبابتين وسيارة جيب عسكرية دخلت إلى تلك القرية بحثا عن غياث، وهو أخ كريمة الذي سبق له ان تمكن من الفرار من عناصر حاجز البارد. حين وصلوا إلى منزله وسألوا عنه، خرجت عليهم أخته كريمة ووقفت بوجههم وبدأت تصرخ بوجههم: “ماذا تريدون منّا، ارتكونا وشأننا”.
سألها العناصر عن غياث الذي كان قد اختبأ في سقيفة المنزل. عندما أنكرت معرفتها بمكانه، قالوا لها أنهم سيفتشون المنزل. وفيما هم يستعدون للدخول. وقد أيقنت كريمة أنهم إن وجدوه سيأخذونه وقد لا تسمع عنه ثانية. دخلت مسرعة إلى المنزل وأحضرت بندقية أخيها، وهي التي كان قد رفض استخدامها ضد أهل بلده قبل أن ينشق عن النظام.
هددتهم كريمة بالبندقية ولكنها استخفوا بالتهديدـ فأطلقت النار عليهم. قتلت أحدهم وأصابت اثنين، ورد العناصر عليها بالرصاص فقتلوها. ودخلوا المنزل وحين وجدوا غياث أعدموه رميا بالرصاص. جروا جثة كريمة وغياث إلى الطريق، نكّلوا بالجثتين، على مرأى من الجميع.
كريمة تلك الفتاة التي كانت تملك قوة ليست موجودة عند الكثير من الرجال، دفعت ثمن شجاعتها. حزنت عليها كثيراً هي التي بقيت خالدة في قلوبنا جميعاً.
عدنا في اليوم التالي إلى القرية، وقد انتشرت قصة بطولة كريمة. وكلما سمعت إسم كريمة، أتذكر تلك الأيام الجميلة التي قضيناها. وأتذكر شجاعتها. كريمة مثال سيبقى إلى الأبد في قلوب الناس وقلبي.
نور هشام (23عاماً) متزوجه ام لابناء اثنين تحمل الشهاده الثانويه من ريف حماه الغربي نازحه في ريف ادلب المحرر.