شذى من ضحية إلى بطلة
تابعت شذى العديد من الدورات لتحسين ظروف معيشتها تصوير ريم الحسين
شذى الأسعد (21 عاماً) من قرية كفروما، تقدم ابن عمها لطلب يدها من والدها. وافق الوالد على طلب ابن أخيه دون أخذ رأي شذى بالاعتبار ولا حتى استشارتها،هيالتيلمتكنقدتجاوزتالرابعةعشرةمنعمرها.
لم تكد تمرّ أيام قليلة على خطوبة شذا من إبن عمها أحمد البالغ من العمر (24 عاماً)، حتى اكتشفت حبّه للتسلّط والتملّك. كان أحمد قد انشق عن جيش النظام، ولكن سلوكه بقي على حاله، وبدأ يمارس أقسى أنواع العنف الجسدي والنفسي على زوجته شذى. ولكن صلة القرابة كانت تمنع أهل شذى من التكلّم في تلك الأمور كي لا تحدث مشاكل داخل العائلة الواحدة.
وبدأتسلسلةالممنوعات، لا للخروجمنالمنزل، لا لاستقبالأحد فيغيابي،وحدها أوامري تسري هنا… ذات صباح تلقت شذى اتصالاً من أختها تخبرها أنه تم نقل أمها إلى المشفى بسبب تدهور حالتها الصحية، وأن والدها أغمي عليه من قلقه على أمها، ودون أي تفكير بالنتائج لم تتردد شذى في الذهاب إلى منزل أهلها مباشرة لتطمئن على والديها.
لم تتوقع ما سيفعله زوجها حال عودته إلى المنزل دون أن يجدها فيه. اعتقدت أن الأمر ملح واستثنائي ولن يغضب زوجها منها. مضت ساعات على خروج شذى من المنزل وزوجها في العمل، وحين عاد ولم يجد شذى في المنزل، اشتد غضبه وتوجه مسرعاً إلى منزل أهلها.
استقبلته شذى بدموع منهمرة وقلب بائس على والديها اللذين أحتل المرض جسديهما المنهك، أما هو ففاجأها بعدة ضربات على وجهها وجسدها الضعيف وكلام بذيء وشتائم، دون أي خجل من أخواتها ووالدها الذين كانوا جالسين ينظرون إلى ما يفعل مع ابنتهم.
قام والد شذى لتخليص ابنته من ضرب زوجها الهمجي، ولكنه ضرب الوالد المريض الذي وقف عاجزاً عن الرد على ما فعله واكتفى بطرده من منزله. اعتادت شذى الضرب والإهانة من زوجها خلال زواجها منه، أيام عصيبة تمر على شذى وكلمات من أهل زوجها وزوجها موجهة إليها بدون ذنب يبرر لهم توجيه أي كلام لها. 9 أشهر مضت على شذى في منزل أهلها تصارع القهر لوحدها.
قررت عائلة شذى السفر إلى لبنان بسبب القصف الهمجي المستمر على قرية كفروما من جهة وتهديد زوج شذى المستمر لهم ولابنتهم من جهة أخرى. ذهبت شذى مع أهلها إلى لبنان ليعيشوا هناك حياة من الذل والفقر والتهجير بين المخيمات اللبنانية، حيث يعاني النازحون من مصاعب عدة وسلوك عنصري وضيق السبل.
وعادت العائلة إلى القرية بعدتأكدهم من قبل أحد الشيوخ بأن تلك المدة كانت كفيلة بطلاق ابنتهم من زوجها. لم تتلق شذى من زوجها أي اتصال فيه تعبير عن ندم خلالكل تلكالمدة.بلعلىالعكسكانيتقصدالاتصالبهالاهانتهاوتهديدهاطوالالوقتولذالمتكنشذىنادمة يوماً على تركه وعلىتطليقه بصورة رسمية بعد وصولها إلى القرية وتقديم شكوى تفريق للمحكمة الشرعية،اضطرزوجهاعلىإثرهاإلىتطليقها.
لم تقف شذى عاجزةً بعد طلاقها الذي ترك فيها ذكرى لا تفارق بالها أبداً. بل قرّرت أن تجد عملاً تكون قادرةً به أن تعيل نفسها، ولا تحتاج لمساعدة من أي شخص. ولأن شذى من الفتيات الطموحات دفعتها رغبتها بالعمل للتدريب والخضوع لدورات متعددة في العمل المنظماتي والإدارة العامة والمراقبة والتقييم، ولأنها نجحت بكل تلك التدريبات تم توظيفها ضمن إحدى منظمات المجتمع المدني ككاتبةاستبيانات.
بكل جرأة وشجاعة أكملت شذا حياتها، متحدية نظرة المجتمع الدونية للمطلقة. “ليس الرجال وحدهم من يستطيعون بناء مستقبل لأنفسهم، بل نحن كذلك، ومهما قسيت علينا الحياة لن نستسلم لها وسنظل نواجهها بكل حماس وقوة. لأننا على ثقة بأن الله يخبئ لنا الخير دائماً وفي كل أمورنا” قالت شذى.
وختمت شذى رواية قصتها بالقول: “أنا سعيدة جداً بالعمل مع زميلاتي، ومساعدتي للناس التي تحتاجني هي من أكثر الأشياء التي تعطيني الأمل والثبات. لن تتوقف الحياة على أحد بل إنها تستمر وبشكل أجمل إن كنا راضيين دائماً بما كتبه الله لنا”.