زوجات المعتقلين في كفرنبل مكبّلات بالتقاليد
(كفرنبل-سوريا) “أمي لا تتركيني أرجوكِ، لا أريد الذهاب إلى بيت جدي، أريد أن أبقى معك” يصرخ سامي البالغ من العمر خمس سنوات باكياً، عندما يحاول عمه جره بقوة لسحبه من يد أمّه التي ورغم الدموع التي غطت وجهها تقول لتهدئة صغيرها “لا تبكِ يا بني سوف آتي لأراك دائماً”.
أمل (25 عاماً) قررت الزواج وترك سامي بعد أن انتظرت والده المعتقل لسنتين. هي واحدة من نساء كثيرات تم اعتقال أزواجهن وبدأت معاناتهن مع مجتمع لا يرحم، وعادات وتقاليد لطالما تحكمت بحياتهن.
تقول أمل “قررت الزواج لأنني أتعرض لضغوط من قبل أهلي وأهل زوجي والمجتمع”. أهل زوجها يريدونها أن تعيش وابنها معهم، أهلها لا يرضون ذالك خوفا على سمعتهم لا سيما وأن أخوة زوجها عازبون بحسب قولها.
والدة أمل تعرض للحالة على الشكل التالي “إبنتي ما زالت صغيرة وزوجها معتقل منذ أكثر من سنتين لا نعرف إذا كان على قيد الحياة أم لا. تقدم لها عريس مناسب والأفضل أن تتزوج وتعيش حياتها”. وتضيف الوالدة “عائلة زوج أمل لا يقدمون أي دعم مادي لها أو لإبنها (حفيدهم)”.
والدة زوج أمل المعتقل منذ سنتين تنظر إلى المسألة بطريقة مختلفة “كان عليها أن تعيش مع إبنها معنا، ونحن نتكفل بها وبإبنها حتى يخرج زوجها من السجن” وتضيف “لسنا مجبرين أن ننفق عليها وعلى أهلها، فلتتزوج وحفيدنا يبقى عندنا”.
والد الزوج المعتقل يبدو غاضبا وهو يقول “عيب وحرام أن تتزوج وزوجها في السجن، هو ليس ميتا ويمكن أن يخرج في أي لحظة”.
الشيخ عبدالله البيوش أحد شيوخ مدينة كفرنبل يقول “يحق للمرأة شرعا أن تتزوج إذا لم تقابل زوجها لأكثر من عامين”.
أمل واحدة من اربعة نساء تزوجن بعد إعتقال أزواجهن على مستوى مدينة كفرنبل.
على الضفة الأخرى تقف إلهام، وهي واحدة من كثيرات لم يتزوجن بعد إعتقال ازواجهن وبقين يكافحن العادات والتقاليد والمجتمع في سبيل تربية أولادهن .
إلهام (33 عاماً) تقول “طبعا لن أفكر بالزواج. لدي خمسة أطفال وهم بحاجة لي ولن أتخلى عنهم مهما كانت الأسباب”. تعتمد إلهتم على مساعدت ومعونات تتلقاها من بعض الجهات أحياناً ولكنها لا تكفي. تضيف إلهام “أنا لا أخرج للبحث عن مورد أو المطالبة بالمعونة، لأنني أشعر بالحرج وكأنني أتسول وقد ألقى من يساعدني وأحيانا لا. مجتمعنا لا يحبذ خروج المرأة وسعيها وراء الرزق”. أكدت إلهام أن لزوجها أخ يدعى أحمد يعطيها مبالغ قليلة وليست ثابتة وهي لا تكفي. في حين يعتبر أحمد أنه لا يقصّر في مساعدة أسرة أخيه وأن المبلغ الذي يعطيه لهم يكفيهم .
سليم (10 سنوات) الإبن الاكبر لإلهام يقول “تركت الدراسة لكي أبحث عن عمل لمساعدة أمي بعد اعتقال أبي”. هو يعمل مع زوج خالته في مطعم فلافل. أجرته لا تكفي لجميع الحاجيات ولكنها تكفي لشراء الخبز يوميا. وأضاف “اخوتي يذهبون للمدرسة وأريدهم أن ينجحوا وأن يحققوا طموحاتهم. أنا خسرت مستقبلي الدراسي لا أريد لأخوتي أن يخسروه أيضا”. ويعتقد سليم أنه قبل اعتقال والده كان طفلا وبعد إعتقاله أصبح رجلا منهكاً بالأعباء. يفتقد سليم حنان الأب هذا الحنان الذي لم يجد ترجمة أفضل من دموع لم يستطع إخفاءها.
“أحوال جارتنا إلهام سيئة” تقول آمنة التي تقيم في منزل قريب من منزل إلهام التي اضطرت للإستدانة منها أكثر من مرة. تذكر جيدا إنها استدانت لأخذ أولادها إلى عيادة الطبيب كما لإحضار الدواء لهم.
الشيخ خالد الفاضل مدير جمعية الهدى في كفرنبل يقول “المعونات التي تصلنا لا تكفي, ونحن نحاول توزيعها بشكلٍ متساوٍ على المحتاجين والأرامل والمنشقين وأسر المعتقلين والنازحين”. وأضاف “عندما تأتينا 500 سلة غذائية بينما لدينا 700 عائلة، من يحضر إلى الجمعية يتسلّم المعونة ومن لا يحضر لن يحصل عليها، ونأمل أن نعطيه من عندما نتسلم معونات أخرى.
“سأعيش على أمل خروج زوجي من السجن، وعودته سالما ولم أشعر باليأس” بهذه الكلمات أنهت إلهام حديثها .