جمعيات تحاول تخفيف معاناة اللاجئين في الأردن

رأفت الغانم

لجأت أم اسماعيل من حي بابا عمرو في حمص إلى العاصمة الأردنية عمان، وبعد عشرة أيام من وصولها، جاءها ضيوف غير متوقعين، وهم ناشطون من جمعية “كرامة”.

عرض عليها  المتطوعون العمل في الحياكة وزودوها لاحقاً بالصنارة والصوف. تتكفل أم اسماعيل حالياً بمصروف أطفالها وزوجها من الأجر التي تجنيه من الحياكة.

أم اسماعيل هي واحدة من اللاجئين السوريين في الأردن الذين يبلغ عددهم 230 ألفاً، كما ذكر المنسق العام لشؤون اللاجئين السوريين أنمار الحمود، الذي يعمل ضمن مكتب رئاسة الوزراء الأردني، في اتصال هاتفي معه. بينما يشير آخر إحصاء نشرته “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين” التابعة للأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني أنّ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن يبلغ 146664 لاجئاً، يضاف إليهم نحو 100000غير مسجلين.

"سوق الخير" الذي تنظمه جمعية "هذه حياتي" – قناة صحيفة "الغد" على يوتيوب
“سوق الخير” الذي تنظمه جمعية “هذه حياتي” – قناة صحيفة “الغد” على يوتيوب

بالرغم من رخص اليد العاملة السورية نسبياً، إلا أن اللاجئين السوريين خارج المخيمات يلاقون صعوبة في إيجاد عمل يغطي مصاريف عائلاتهم، ما كان السبب وراء تشكيل العديد من الجمعيات التطوعية التي تعمل على دعم هذه العائلات، مثل جمعية “كرامة”.

وتقوم الجمعية بتشغيل النساء السوريات بصناعة المواد الغذائية التقليدية كالمكدوس والزيتون ودبس الرمان، أو الخياطة وحياكة الصوف، وبيع هذه المنتجات لاحقاً.

“استطعنا أن نوفر دخلاً لأكثر من سبعين عائلة،” يقول محمد، أحد المتطوعين في الجمعية. “نقوم ببيع هذه المنتجات لمعارفنا؛غالبية المنتجات نقوم بإرسالها إلى السعودية والخليج بشكل عام.”

وأوضح محمد أيضاً أنّ الأجر يكون لقاء العمل فقط، أما الأرباح التي تتحقق فهي تعود لجمعية “كرامة” وبالتالي لعائلات أخرى لأن الجمعية تقوم بتأمين كافة المواد الأولية للمرأة العاملة في منزلها، سواء بالحياكة أو الخياطة أو صنع المواد الغذائية. وتعمل المجموعة على تزويد النساء السوريات بآلات خياطة، واستطاعت حتى الآن تأمين أربع منها.

ومن المجموعات التطوعية الأخرى جمعية “هذه حياتي”.

“كنا نزور البيوت ونوزع بعض الهدايا على الأطفال ونسجل حاجات العائلات،” تقول بيان، إحدى المتطوعات في الجمعية. وتضيف، “أكثر ما كان يؤلمني الرجال عندما يبكون، لكني كنت أتظاهر بالقوة وأبقي الإبتسامة على وجهي.”
وأبرز المبادرات التي قدمتها المجموعة “سوق الخير”، الذي تقدم من خلاله الألبسة للاجئين السوريين بشكل مجاني.

“كان السوق بدايةً في خيمة، ولاحقاً استطعنا أن نجد متبرع قدم لنا الصالة الحالية،” يقول محمد، أحد المتطوعين، مضيفاً أن الدعم المادي يأتي من “أهل الخير،” وهم جمعية ليبية ومتبرعين من دول خليجية.
في السوق يقوم المتطوعون بداية بإخبار العائلات أن بإمكان كل فرد منها الحصول على خمس قطع من الألبسة، ثم يتبع ذلك تسجيل البيانات الخاصة بالعائلات، والسؤال تحديداً إن كان للعائلة معيل ويتم العمل فيما بعد على إيجاد وظيفة مناسبة لرب العائلة.

“وفّقنا في إيجاد العديد من الوظائف لمعيلين،” تقول آمنة، إحدى المتطوعات.

تتم أيضاً إضافة معلومات عن المرضى المحتاجين إلى الدواء من أفراد الأسرة اللاجئة، وتدرج أسماء أبناء الشهداء من الأطفال اللاجئين لتقديم الدعم لهم من متبرعين خصصوا دعمهم لهذه الفئة تحديداً.
من الحديث إلى مرتادي السوق تظهر حاجة بعض اللاجئين الملحة لهذا النوع من المساعدة.

إحدى النساء في السوق كانت قد هربت مع عائلتها من حي الإنشاءات في حمص، بعد أن باعت العائلة المنزل.

“لم يعد لدينا شيء من الأثاث بعد أن قمنا ببيعه لاحقاً،” تقول السيدة التي رفضت ذكر اسمها.

وتضيف السيدة التي أتت إلى السوق برفقة بناتها القاصرات الأربع إن زوجها طاعن بالسن. أشارت إلى الكبرى وهي تقول، “هربنا حتى لا تتعرض هذه الفتاة للأذى.”

تقول الفتيات إن المعلمات وزميلاتهن في مدرستهن الجديدة متعاطفات معهن.

“في البداية أخذوا منا قيمة الكتب ثم أعادوا لنا المبلغ لاحقاً،” تقول الإبنة الكبرى.

ولكن كرم الضيافة قد لا يكون بديلاً عن الوطن.

عند سؤال الإبنة الصغرى عما تتمناه، أجابت: “نرجع إلى حمص.”