التعليم في المناطق التابعة للمعارضة: خطوات متعثرة مع إجراء الامتحانات
مسؤولون تربويون معارضون في محافظة إدلب يتهمون وزارة التربية في الحكومة المؤقتة بالتقصير.
عبد الله كليدو
(كنصفرة، سوريا) – لم تعد الكثير من الطلاب في منطقة جبل الزاوية، على بعد نحو 25 كيلومتر جنوب مدينة إدلب، يجرؤون على تقديم الامتحانات لكلا الشهادتين الإعدادية والثانوية، والتي حصرتها الحكومة في دمشق بالمناطق التي تسيطر عليها. طالبة الصف الثالث الإعدادي التي عرفت عن نفسها باسم ندى من بلدة كنصفرة في جبل الزاوية، تعبر عن تخوفها من الذهاب الى مدينة إدلب التي تسيطر عليها القوات النظامية، وتقول:” لم أفكر يوماً بالذهاب إلى مدينة إدلب لتقديم الامتحانات، ماذا لو اعتقلوني؟”.
يضم جبل الزاوية أربعة وثلاثين قرية، يبلغ عدد سكانها مجتمعة حوالي مئة ألف نسمة وتقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة منذ أكثر من سنة ونصف. وعلى غرار العام الفائت، أجريت امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية بين 16حزيران/ يونيو 2014 و28 حزيران/ يونيو في المناطق التي تخضع للمعارضة المسلحة ومنها جبل الزاوية في ظل ظروف صعبة.
وبحسب محمد جمال الشحود، مدير التربية في المنطقة الذي يعمل تحت سلطة وزارة التربية في الحكومة المؤقتة، التي عينها “الائتلاف الوطني” المعارض، تم اختيار الأسئلة لكلا الشهادتين وفق المنهاج السوري المعدل من قبل الحكومة المؤقتة المعارضة. وأشار الشحود إلى أن الأسئلة موحدة بين الداخل والخارج، بالإضافة إلى هناك مدارس تتبع المنهاج الليبي وشهادتها موقعة من الحكومة الليبية.
وقال مندوب المجمع التربوي وهو أحد المؤسسات التربوية المنبثقة عن “مديرية التربية” في جبل الزاوية محمد الحلاق إن “وزارة التربية (مقرها في غازي عنتاب، تركيا) لم تقدم أي دعم لامتحانات الصف الثالث الإعدادي… إن كان لدى (مسؤولي الوزارة) عجز مادي فعليهم الاستقالة وتوضيح الأسباب”. وأكد الشحود هذا الكلام، مضيفاً: “عدم دعم الوزارة لامتحانات الصف الثالث الإعدادي جعلنا نقوم بهذه الامتحانات بجهد تطوعي من مديرية التربية”.
وجه “دماسكوس بيورو” سؤالاً إلى الوزراة عبر صفحتها الرسمية على موقع “فيس بوك” بخصوص هذه الاتهامات، وبرغم الوعود لم يتلق أي رد.
عبّر طالب الصف الثالث الإعدادي من بلدة كنصفرة، رفض ذكر اسمه، عن استيائه من جو الامتحانات وصعوبة الأسئلة. وتوافقه في الرأي الطالبة ندى، قائلة: “صرخ أحد المراقبين بشكل هستيري داخل القاعة وقام برمي حقيبة إحدى الطالبات إلى الخارج”.
وعن هذا الأمر يشير الشحود إلى صعوبة عمل المراقبين في مراكز الامتحانات “بسبب الفلتان الأمني في المناطق المحررة. نحن متواصلون مع المحكمة الشرعية والجهات العسكرية المسؤولة ولا نريد أن نصعّب الأمور”. وأشار الشحود إلى وجود بعض الطلاب ممن يعتقدون “أن آباءهم المسلحين “واسطة” لهم من أجل الغش”، مضيفاً في الوقت نفسه أن الفصائل عبرت عن استعدادها للمساعدة في تنظيم الامتحانات. وأضاف أنّ هناك عقوبات بحق المراقبين المسيئن قد تصل إلى الفصل من العمل.
وأكد عضو المجمع التربوي في جبل الزاوية محمد الحلاق عن رضاه بسير عملية الامتحانات بحسب “معايير دولية”، قائلاً: “لا بد من وجود بعض الأخطاء في ظل الفلتان الأمني”.
وذكرت صفحة وزارة التربية على “فيس بوك” استقبال وزير التربية محي الدين بنانة “اختصاصيين أوروبيين” قاموا بزيارة بعض مراكز الامتحانات في سوريا ودول الجوار وأكدوا أنها تحقق المعايير الدولية.
أعربت الطالبة ندى من بلدة كنصفرة عن خشيتها من عدم الاعتراف بشهادتها التي ستحصل عليها بعد نجاحها في الامتحانات، كما قالت إنها تخشى عدم استطاعتها الدخول إلى الصف الأول الثانوي بسبب عدم وجود مدارس ثانوية في جبل الزاوية. وتضيف: “لا يستطيع الطلاب الذين قدموا امتحاناتهم تحت إشراف الائتلاف الدخول إلى مدارس النظام، فهم لم يسمحوا لنا بالدراسة”، وبرر محمد (اسم مستعار) مدير إحدى المدارس التابعة للحكومة في دمشق في بلدة كنصفرة رفضهم قبول هؤلاء الطلاب بـ “الخوف من إغلاق المدرسة من قبل النظام وفصل الموظفين فيها”.
وذكرت وزارة التربية على صفحتها في “فيس بوك” “أن تركيا اعترفت بالشهادة الثانوية الصادرة عن الحكومة المؤقتة وأن دولاً أخرى على طريق الاعتراف، وأن آلاف الطلاب السوريين سيستفيدون من هذا الاعتراف، الذي سيفتح الباب أمامهم واسعاً للدراسة في الجامعات التركية”.
لمّح مدير التربية محمد جمال الشحود إلى عجز مديريته عن إيجاد حل لطلاب الثانوي بسبب عدم وجود ميزانية لإحداث مدارس لهم. ولفت أحمد طراف، عضو “تجمع شباب سوريا” التطوعي الذي ينظم دورات تدريبية للطلاب ويعمل على افتتاح مدارس لهم، إلى أن المدارس في بلدات شنان وأحسم مدعومة مادياً من قبل “ألوية شهداء سوريا” و”الجبهة الإسلامية”، وأنّ مدارس كنصفرة و بسامس “لا تتلقى أي دعم من أي جهة” وهي تعتمد على العمل التطوعي من قبل “تجمع شباب سوريا”. كما أشار مدير “مدرسة الثورة” في كنصفرة و”عضو تجمع شباب سوريا” مرهف نجار إلى الصعوبات التي تواجه فريقه بسبب ضعف الإمكانيات وتخلف الوزارة في الحكومة المؤقتة عن إرسال الكتب المدرسية المعدلة.
يرفض مدير التربية محمد الشحود هذا الإدعاء، قائلاً: “منذ عشرة أيام فقط وجهت لهم دعوة ليستلموا الكتب وهي في المجمع التربوي بجبل الزاوية. لا أعلم إن كانوا حصلوا عليها أم لا”.
استحدثت مديرية التربية في السنة الماضية معهد إعداد المدرّسين في كل من هي جرجناز، البارة (جبل الزاوية)، وحارم، ويوجد بالمعهد خمسة أفرع هي: اللغة العربية، اللغة الإنكليزية، رياضيات، صف خاص، وعلوم، وهي تواجه خطر عدم الاعتراف بها من قبل وزارة التربية، حيث نشرت صفحة الوزارة على “فيس بوك” بياناً يذكر “أن معاهد إعداد المدرسين في ريف إدلب تعمل دون قرار وزاري“.
رفض مدير التربية محمد جمال الشحود هذا التأكيد ويشدد على أن “الوزارة لم تكن موجودة عندما تشكلت المعاهد، والوزارة لا تعرف عنها أي شيء، ونحن أعطيناهم مهلة للاطلاع عليها والاعتراف بها وتغطيتها مادياً و معنوياً”. وأشار الشحود إلى أن لمديرية التربية جهات مثل “جامعات أمريكية” و”جامعات سعودية” مستعدة للاعتراف بها ومساعدتها “فيصبح الطالب لدينا وكأنه يدرس في جامعة أميركية أو سعودية”.
يختم عضو المجمع التربوي في جبل الزاوية محمد الحلاق حديثه، قائلاً: “إن سياسة الحكومة ووزارة التربية سياسة مساعدة للنظام، فعدم تقديم الدعم للمدرسين المفصولين يزيد من تشبث المدرسين بالنظام”.