كرة القدم النسائية تنتعش في المناطق الكُردية

اقتحمت الصبايا ملاعب كرة القدم المغلقة، بعد أن كانت حتى فترة قريبة حكراً على الرجال. الصبايا لن يكون حضورهن على مقاعد الحضور أو فرق التشجيع، هذه المرة هناك مجموعة من الفرق الكروية الأنثوية التي تنتمي إلى منظمة اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكُردستاني “روج افا”. ومن هذه الفرق، فريق الشهيدة كلزار، فريق عامودا، فريق الحسكة.

جميع المباريات والتمارين تنحصر في الملاعب المغلقة، ولعلها إحدى نواقص وسلبيات الرياضة الأنثوية. أغلب المباريات التي تجرى تكون بين فرق منظمة الإتحاد بحيث يشارك  6 لاعبات وحارسة مرمى، و6 لاعبات أو أكثر على دكة البدلاء. إضافة إلى توحيد الزيّ الرياضي الخاص بكل فريق والمختلف عن الفريق الأخر.

مدرب فريق الشهيدة كلزار رودي ظاظا (37 عاماً) يقول: “تأسس فريقنا في نيسان/أبريل 2015، بدأنا بشكل خجول، لم يكن من السهل إقناع جميع الأهالي بإرسال بناتهم إلى الملعب، على الرغم من زيهم المحتشم، فأغلب الأمهات يتمسكن بالسلوك المحافظ”. ويضيف ظاظا “بدأنا بـ 3 لاعبات، والحمد لله وبسبب إصرار الجميع اليوم لدينا 15 لاعبة. نستأجر لهم سيارة مغلقة ذهاباً وإياباً، من مقر فرع قامشلي للإتحاد إلى الملعب المغلق على الحزام الجنوبي وبالعكس”..

ويتذكّر المدرب ظاظا بدايات تشكيل الفريق، حين كانت اللاعبات يخجلن كثيراً، حتى من وجود الجمهور خلف الساتر الحديدي والزجاجي. لكن مع مرور الوقت وبعد التمارين وبعض المباريات، أصبحن يجدن في أنفسهن قدوة في مبادرة تأسيس الفريق. ويضيف ظاظا: “صحيح إننا لا نزال بحاجة إلى بعض الوقت ليكون الفريق قوي جداً، لكن المشكلة الأخرى التي تصادفنا عدم وجود أي فريق أنثوي آخر في مدينة قامشلي وهو ما يؤرقنا لغياب المباريات الكافية”.

من ملاعب كرة القدم النسائية خاص دماسكوس بيورو

من جهتها تلقت اللاعبة سولين  ياسر مراد التشجيع من والديها كثيراً، وهي مستعدة دوماً للتمارين والمباريات. تقولين سولين: “لا أعلم لماذا يعتقدون أن كرة القدم حكر على الرجال، سنكون نحن القدوة والرعيل الأول لهذه المبادرة، لا ننكر إن هذا التغيير في المدينة هو من نتاجات الثورة، وعلينا أن نستمر كي نكون أقوياء دوماً”.

بنكين تتر(39عاماً) أحد مؤسسي فريق عامودا الأنثوي لكرة القدم، يقول لـ “دماسكوس بيورو”: “الأوضاع المادية وغياب التنظيم كان يقف عثرة حجرة أمام فتيات عامودا لتشكيل فريق خاص بكرة القدم، لذا تقدمن بطلب إلى الاتحاد للمساعدة. وتم تشكيل فريق خاص بالفتيات وفرز الكابتن أحمد كمدرب للفريق. في البداية كانت الأمور صعبة لكنها أسهل نسبياً من باقي المناطق فقد تأسس فريقنا منذ حوالي أكثر من عام، واليوم فريقنا يمتاز بالسرعة والمهارات الفنية العالية”. ويشكر تتر نشكر أهالي الفتيات وخاصة أمهاتهن على التشجيع الدائم لهن.

مدرب فريق عامودا الكابتن أحمد قال لـ “دماسكوس بيورو”: “الرياضة الأنثوية في المدن الكردية كانت تعتبر عيباً، لكن الثورة السورية غيرت المفاهيم وقلبت الأفكار. اليوم لدينا 3 فرق لكرة القدم، ونطمح إلى المزيد من الفرق الأنثوية وفي مختلف الأنشطة الرياضية، أحيانا تكون المصاريف المادية عائقاً أمامنا، لكننا نحاول جاهدين تأمين موارد ومصاريف العمل الرياضي”.

يضيف أحمد: “إقامة مسابقة دوري لكرة القدم لبضع فرق أنثوية  تثير حماساً متزايداً بين الفرق من أجل الحصول على لقب الدوري، وربما تكون حافزاً ليسعى كل فريق إلى إقناع عدد آخر من الفتيات للانضمام إليه”.

الحاج زبير وهو أحد وجهاء عامودا يقول: “من الجميل أن نشاهد بناتنا وفتيات عامودا يقتحمن عالم الرياضة الكروية، سنشجعهن وسندعمهن أيضاً، ومن المعيب أن نبقى متأخرين عن غيرنا”.

مدينة الحسكة من جهتها لم تبقَ بعيدة عن الميدان، بل أسست فريقها الخاص لكرة القدم الأنثوية، خاصة وأن ثلاث لاعبات من فريق فرع الحسكة، كن لاعبات في منتخب سوريا للإناث. جوان (29 عاماً) وهو أحد المعنيين بالفريق، يقول: “فريقنا تأسس في ظروف صعبة جداً، تختلف عن ظروف جميع الفرق والمدن الأخرى، فالقصف والاشتباكات شغالة، والخوف هو سيد الموقف دوماً، مع ذلك حافظنا على هدوئنا وعملنا، واستمر الفريق في التدريب واللعب، نخوض تدريباتنا في الملاعب المغلقة على الرغم من أنها لن تحمينا من الرصاص أو القصف”.

رولا (21 عاماً)، منعها والدها من الالتحاق بالفريق لأسباب مختلفة. تتمنى رولا أن يسمح لها والدها باللعب إلى جانب رفيقاها وتنمية مهاراتها وهوايتها.

شهد يوم الجمعة 4 كانون الأول/ديسمبر 2015، مباراة بين فريق الشهيدة كلزار وفريق عامودا، لم يكترث الفريقان بمن يفوز، لأن الهدف هو الرياضة بحد ذاتها. اللاعبة هبة صرحت لــ “دماسكوس بيورو” قائلة: “إننا نستفيد من هذه الأنشطة كثيراً، بحيث تتعمق صداقتنا ونتعرف على صديقات جدد من مدن أخرى. نتبادل أرقام هواتفنا وعناويننا على صفحات التواصل الاجتماعي، نحتفظ بصورنا في الملاعب كذكريات جميلة سنتحدث عنها لبناتنا وأبنائنا في المستقبل”.

كانت المباراة قد بدأت بإلقاء السلام بين الفريقين وتبادل الزهور بين اللاعبات، ومع الحماسة والندية التي ظهرت معظم أوقات المباراة. وكان لافتا احضور المشجعين للفريقين، وهي حالة جديدة في ملعب وصالات المنطقة الكُردية.

جميع المباريات والفرق يُشرف عليها اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكُردستاني – روج افا، الذي أنشئ في العام 2013 وهو منظمة شبابية طلابية مستقلة.

دجوار توفيق (25 عاماً) مسؤول قسم الانشطة الرياضية في منظمة اتحاد الطلبة والشباب يقول لـ “داماسكوس بيورو”: “هدفنا من تأسيس هذه الفرق هو التخفيف قدر الممكن عن الفتيات والصبايا، وخلق حالة جديدة، نحن نسعى إلى تشكيل فريق يضم كافة مكونات المنطقة، لا بد لنا من الخروج من دائرة القطيعة وعدم التواصل، يجب أن تكون الرياضة إحدى السبل للعيش المشترك، نحن نقيم مباريات ودية وفي نهاية المباريات نوزع جوائز بحسب مقدرتنا المادية، كرافد معنوي للاعبات. للاتحاد صفحة على الفيس بوك تنشر كل أنشطته وخاصة الرياضية، الأمر الذي يلقى تفاعلاً بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينشرون نتائج وصور المباريات بغية إيصالها إلى أوسع شريحة من المتابعين”.

وبالإضافة إلى الفرق الثلاث التابعة لمنظمة اتحاد الطلبة والشباب، هناك فريق أخر هو فريق ارتا للإناث لكرة القدم.

سكرتير اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكُردستاني، صرح لنا قائلاً: نحن نحاول رغم الصعوبات تجسيد الأهداف التي تأسس من اجلها الاتحاد بتوفير الظروف ومساعدة الفتيات بممارسة هوياتهم وتنمية مواهبهم الرياضية، وسنستمر في ذلك قدر الممكن، على الرغم من الظروف الصعبة التي نمر بها، وندعو جميع الفتيات للالتحاق بالفرق الرياضية للتعبير عن هواياتهن الرياضية”.

محي الدين تمو مدرب نادي الجهاد الرياضي يقول: “في السابق كان هناك فرق للإناث بكرة الطائرة والسلّة وألعاب القوى، مع وجود فرق كروية مدرسية بكرة القدم، لكن لم تكن هناك فرق أنثوية لكرة القدم بشكل رسمي ومباريات ودوريات وتمارين كما هي الحال اليوم”.

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي