مشروع لدعم الأطفال نفسياً في أحياء حلب المحررة

نور (8 سنوات) فقدت والدها جراء إحدى الغارات الجوية على مدينة حلب. ولشدة تعلق نور بوالدها كانت دائماً تتخيله جالساً بجوارها… حالة اضطر معها منشطو الدعم النفسي على مجاراتها حتى يتمكنوا من معرفة أسباب علاجها. حالة نور ليست الحالة الوحيدة فما إن بدأت الحرب في سوريا حتى بدأت معاناة الأطفال من الإضطرابات العاطفية والنفسية والسلوكية.

هذا الواقع دفع “مؤسسة مسرات“، إلى إطلاق مشروع الدعم النفسي للأطفال في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وتحديداً في مدينة حلب. المدير التنفيذي للمؤسسة ياسر وفائي أوضح: “أنه لم يكن هناك مراكز صديقة آمنة للأطفال تختص بدعمهم نفسياً وعاطفياً بشكل كافٍ، وتحميهم من خطر القصف أثناء تواجدهم فيها”. فعملت مؤسسة مسرات على “إيجاد بيئة آمنة حاضنة للأطفال ومساحات صديقة تقدم دعماً ترفيهياً ونفسياً، وتساهم في التخفيف من مشاكل الخوف والقلق ونوبات الهلع والعزلة وتقلبات المزاج النفسية لديهم”.

ويعتبر وفائي “أن من أكبر التحديات التي واجهت بداية المشروع، تحديد مكان آمن لنادي الأطفال تحت الأرض، وتم اختيار قبو في منطقة الشعار بمساحة تقريبية 320 م2”.

تحديد مكان آمن للنادي تحت الأرض لم يكن التحدي الوحيد، فبحسب وفائي هناك صعوبات أخرى مثل “صعوبة تأمين مقدمي خدمة الدعم النفسي ممن لديهم الخبرة بالتعامل مع الأطفال، ومعرفة عن أساسيات الدعم النفسي للأطفال. بالإضافة إلى عدم توفر المستلزمات المادية واللوجستية لتجهيز المساحات الآمنة للأطفال في الداخل السوري المحرر، والاضطرار لتأمينها من خارج سوريا”.

من صفحة مؤسسة مسرات لبرنامج الدعم النفسي والاجتماعي

يعمل ضمن مشروع الدعم النفسي للأطفال الذي أطلقته مؤسسة مسرات نحو 53 منشّطا ومنشّطة، موزعين على 35 مدرسة منـشرة في كامل مناطق حلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وتقول مديرة المشروع مريم فارس “أن المنشطين والمنشطات خضعوا لدورات تدريبية مكثفة في الدعم النفسي للأطفال، والمساحة الآمنة للطفل، والتواصل مع الأطفال في الأزمات، وتعديل سلوكيات الطفل، وأقيمت الدورات في مراكز مؤسسة مسرات بمدينة حلب “.

ويعتقد مدير المكتب الإعلامي للمشروع محمد عكاش أن “المشروع يعد من أكبر مشاريع الدعم النفسي للأطفال في سوريا، ويقدم الخدمة لـ” 9000″ طفل موزعين على 35 مدرسة منتشرة في كافة أحياء حلب المحررة”. وعن كفاءة المنشطين والمنشطات يقول عكاش: “معظمهم عملوا سابقاً في هذا المجال، ورغم ذلك خضعوا لدورات تدريبية متقدمة لرفع الكفاءات ونقوم باختبارات نبعد على أساسها الغير كفؤ”.

هند عمران منشطة دعم نفسي تعمل في المشروع تقول: “مشروع الدعم النفسي هو عبارة عن أنشطة تقدم للأطفال، ومعرفة أسباب وطرق تحويل الطفل من حالة الحرب والخوف إلى حالة الفرح والأمان، قدر الإمكان”.

يوجد في المركز صالات مجهزة يتم فيها مراقبة الأطفال خلال الأنشطة والحوار. ويقوم المنشطون بإعطاء الأطفال بعض الهدايا التشجيعية والمحفزة، للانتقال بالطفل إلى مستوى بعيد عن الخوف والأوضاع التي تعيشيها المنطقة.

لم تواجه المشروع حالات مستعصية. يقول المدير التنفيذي لمؤسسة مسرات ياسر وفائي: ” مبدئياً واجهتنا حالات بسيطة تمت معالجتها في داخل المشروع (نادي الأطفال) وسيتعامل المشروع مع مختصين في هذا المجال للحالات المعقدة لغياب المختصين في هذا المجال في المشروع”.

ويضيف مدير المكتب الإعلامي لمشروع الدعم النفسي عكاش: “لا يوجد حالات مستعصية واجهت المشروع، ولكن بعض الأطفال بحاجه لاهتمام فردي ويقوم داعمونا بعقد جلسات فردية معهم”. يتعرض المشروع في منطقة الشعار بحلب لخطر القصف كغيره من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، ومما زاد الأمر سوءاً دخول الطائرات الروسية وقصفها “للمراكز الحيوية في المدينة، دون التفريق بين مدني وعسكري”.

لا تزال الطفلة نور تعالج من آثار القصف الذي سبب لها حالة من الخوف والاعتقاد بأن والدها الذي فقدته في القصف، ما يزال بجوارها.

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي