مشروع لدعم الثروة الحيوانية في ريف إدلب

عانى أبو جواد (47 عاماً) خلال الآونة الأخيرة الكثير ليحافظ على قطيع الماشية الذي يملكه. كان على أبو جواد مواجهة أزمة “انقطاع اللقاحات الوقائية وغلاء أسعارها، إلى ارتفاع أسعار الأدوية”. كان يؤلمه رؤية القطعان وقد فتك بها المرض، وهو عاجز عن علاجها. يقول أبو جواد “لم نكن ندري ما العمل، نحن لا لسنا على معرفة بالأمراض الجديدة التي تنتشر بين المواشي، وبالتالي غير قادرين على معالجتها”. ولكن معاناة أبو جواد وجدت حلاً من خلال مشروع دعم خاص بمربي المواشي.

ويصف أبو جواد هذا الأمر بأنه “أفادنا كثيراً، حيث قدم الرعاية الصحية والغذاء للمواشي عن طريق أخصائيين وأطباء بيطريين. ووصلت إلينا الخدمة على أحسن صورة. واستطعنا بذلك أن نبعد المرض عن الماشية. بالتالي تمكنت من الحفاظ على مصدر رزقي الوحيد بعد أن كنت أن أفكر بتقليص عدد القطيع لمجابهة المصاريف الكبيرة”.

مشروع دعم مربّي المواشي الذي نفّذته منظّمة بناء، يهتم برعاية صحة الحيوانات وزيادة إنتاجها، عبر توفير النصح والدعم والخبرات والأدوية. مدير المشروع المهندس جمال الصلح (45 عاماً)يقول: “حاولنا في هذا المشروع أن ندفع عجلة قطاع تربية المواشي وإنقاذه، بعدما لمسنا تضرره بشكل بالغ. بعد أن كانت سوريا مصدّرة للمواشي ومنتجاتها أصبحت مستوردة، نتيجة إهمال هذا القطاع مع أنه من أبرز قطاعات الإنتاج. حاولنا أن نتلافى النقص في إنتاج الأعلاف والأدوية البيطرية واللقاحات نتيجة تدمير البنية التحتية لها، فضلاً عن صعوبات النقل والتسويق بسبب الأعمال العسكرية. وكل ذلك يهدد بحدوث فجوة حادة في الأمن الغذائي الحالي والمستقبلي. لذلك حاولنا مساعدة الأهالي للمحافظة على مصدر رزقهم كون هذا القطاع يمكن تجديده بسرعة إذا توافرت الظروف الملائمة والمستلزمات الضرورية “.

توزيع المساعدات على مربي الدواجن تصوير دارين الحسن

ويلفت الصلح إلى أن “المشروع يشمل مربي المواشي في ريفي حلب وإدلب، ويقدم المواد الطبية والبيطرية وأهمها مضادات الطفيليات الداخلية (حقن) والخارجية (رش) والأدوات اللازمة لتطبيق الدواء (مرش للمبيدات، حقن يدوية وأوتوماتيكية،وقفازات بلاستيكية) بالإضافة إلى معقمات الجروح ومعقمات للحظائر للتخلص من الجراثيم الناقلة للعدوى. كما تم تقديم مكمّلات غذائية على شكل أقراص من المغذيات والأملاح المعدنية. وحصل كل مربّي على دليل طبي بيطري مطبوع وملون مع صور توضيحية، وبرنامج لتلقيح الحيوانات على مدار العام”.  وبحسب الصلح “تقدر قيمة السلة ومحتوياتها بـ 300 دولار أمريكي وهي تقدمة المنظمة الدولية للأغذية والزراعة فاو  (FAO) ، وقد وصلت الخدمة إلى 2500 مربي ضمن 65 قرية.  وتم تقديم الرعاية لحوالي 100 ألف حيوان ، بلغت كلفة المشروع بشكل كامل حوالي 850 ألف دولار .

أكرم السواس (35 عاماً) أحد الأخصائيين بالثروة الحيوانية الذين يعمل في كادر المنظمة يقول: “بدأ المشروع بتاريخ الأول من تموز/يوليو 2015،  وجاءت فكرته بعد تواصل منظمة بناء مع خبراء الفاو الذين قاموا بدراسة في الشمال السوري أكدت تفشي الطفيليات والأمراض الخطيرة بشكل كبير بين قطعان الماشية. ويضيف السواس: “طلبنا من المجالس المحلية أن تعلن عن المشروع، وأن تفتح باب التسجيل لتعبئة الطلبات، تمهيداً لإدخالها إلى قاعدة بيانات ليتم تحليلها وفرزها مع مراعاة عدد أفراد الأسرة والوضع الاقتصادي وعدد الأطفال، على أن تعطى الأسر التي تعيلها النساء الأولوية. ثم نصدر قائمة أولية لنقوم بزيارة أصحابها والتأكد من المعلومات المسجلة، وتصدر بعد ذلك قائمة نهائية للتوزيع. هناك شروط لقبول الطلب تم تحديدها وهي أن يكون عدد المواشي لدى المستفيد بين 20 و100 رأس ماشية، وأن يتوفر لها حظيرة، كما يجب أن يكون المستفيد من أصحاب الدخل المحدود .

محمد العمر (50 عاماً) يعمل مهندساً في مديرية الزراعة الحرة في إدلب يقول: “أصبحت تربية الحيوانات المنتجة تعاني من صعوبات كثيرة أهمها ارتفاع أسعار الأعلاف، كما أدّى غياب الرعاية الصحية وانتشار الأدوية الفاسدة إلى انتشار أمراض جديدة وخطيرة بين القطعان ما أسر عن موت بعضها وقلة إنتاج بعضها الآخر. بالإضافة إلى قلة الأطباء البيطريين وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن، وعزوفه عن شراء اللحوم ومنتجات المواشي بسبب تراجع المستوى المعيشي”.

ويعتبر العمر أن النقص الكبير والملحوظ في أعداد المواشي أدى إلى ارتفاع أسعارها وندرة وجودها. وباتت القطعان تتراجع عاماً بعد آخر حتى وصلت عام 2015 إلى أدنى مستوياتها. ويرجّح العمر أن سوريا فقدت ثرواتها الحيوانية بشكل 50%، فهي إما نفقت بفعل عمليات القصف أو تم ذبحها لإطعام السكان المحاصرين، أو تم تهريبها من قبل التجار الجشعين لدول الجوار لبيعها بأسعار كبيرة، ونتيجة لذلك أصبحت أسواق تجارة المواشي شبه معدومة.

أم حمزة (34 عاماً) أرملة تقع على عاتقها مسؤولية تربية أولادها الستة، تقول: “أربّي الماشية منذ زمن، ويساعدني مردودها على تأمين متطلبات الحياة. ولكن في السنوات الأخيرة أصبحت الأغنام قليلة الإنتاج، نتيجة قلة الغذاء ورعيها في أراضٍ ملوثة وتناول أعلاف غير صالحة، حتى كدت أتوقف عن هذا العمل لأن الحليب الذي أبيعه لا يعادل المصاريف التي أتكلفها. لكنني لاحظت الفرق بعد انطلاق المشروع الذي قدم الأدوية والمواد الغذائية، حيث تحسن إنتاج الحيوانات بشكل ملحوظ “.

مدير المشروع المهندس جمال الصلح يؤكد: “نسعى جاهدين لتوسيع المشروع ليستهدف عدد أكبر، والخطوة القائمة تشمل 3500 عائلة في مناطق أخرى من البلاد. ونحن مستمرون رغم كل الصعوبات التي تواجهنا من أعمال قصف لبعض المناطق التي تصل خدماتنا إليها. ولن نتقاعس عن خدمة المواطن السوري الذي يعيش الكثير من الأزمات والمشاكل في سبيل تأمين لقمة العيش لأولاده”.

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي