مشاريع لمكافحة ظاهرة البطالة في سوريا

نتيجة القصف المتواصل وغياب الأمن، أصبح الأهالي في محافظة إدلب، يعيشون حياة جمود وعزلة. إحدى المشكلات الأساسية التي يعاني منها الشباب هي البطالة. التدمير الممنهج والهمجي للمعامل والمنشآت والمشافي والمدارس و البنية التحتية، وغيرها من العوامل ضاعفت من حجم أزمة البطالة. استكان الشباب واتكلوا، منتظرين الدعم والإغاثة. أصبح وقوفهم في طوابير الإنتظار أمام مراكز توزيع السلل الغذائية أمراً اعتيادياً، في مشاهد تمثل هدر كرامة الإنسان والهبوط به إلى مهاوي الحاجة والفقر والعوز.

وجدت منظمة “أناس بحاجة” (People in need) في إطلاق مشروع “المال مقابل العمل” سبيلاً لحفظ كرامة المواطن في إدلب وتأمين عمل مناسب له. عن هذا المشروع يقول مديره أحمد الخطيب (37 عاماً):”انطلق المشروع بتاريخ 1 نيسان/أبريل 2015، وجاءت فكرته نتيجة حاجة الشباب إلى العمل الذي يعد من أساسيات الحياة، ويحفظ الإنسان من العيش عالة على غيره، ويحميه من شبح الفقر والجوع. وقام المشروع بتأمين فرص عمل لما يزيد عن 750 شخصاً  من 37 قرية في ريف إدلب، منها أطمة، سرمدا، كتيان، الدانا، دير حسان وغيرها. ويشمل العمل مشاريع خدمية لصالح أهالي المنطقة مثل إصلاح الطرق، وشبكات المياه وتنظيف الشوارع وترحيل القمامة. ويحصل العمال مقابل عملهم على أجور يومية وتتحمل المنظمة الداعمة تكاليف المشروع التي تصل إلى 15 مليون ليرة سورية شهرياً.”

توفير فرص عمل للشباب ضمن المشاريع الإنمائية تصوير أحمد الخطيب

عادل بدران (31 عاماً) معاون مدير المشروع يقول:”لا يقتصر تأثير البطالة على الفرد بل يطال المجتمع، فرب الأسرة عندما لا يحصل على فرصة عمل يضطر إلى الهجرة من أجل العيش وكسب الرزق.  وبالتالي تبدأ الأسرة بالتشتت والضياع، وتؤدي البطالة أحياناً إلى ازدياد نسبة الجريمة في مجتمع الشباب فمنهم من يلجأ إلى السرقة أو التسول، ومنهم من يعيش حالة الفقر ويعاني من انعدام الدخل والموارد الكافية لضمان مستوى معيشي لائق، مما يؤدي إلى الجوع وسوء التغذية والصحة وانتشار الأمراض والوفيات”. ويلفت بدران إلى “أن المشروع وفّر العمل للبعض وقضى على وحش البطالة، وحول حالة المجتمعات المحلية من الركود إلى الانتعاش، ونحن نسعى لزيادة عدد الموظفين وزيادة أجورهم أيضاً”.

من جهة المستفيدين من مشروع “المال مقابل العمل” يقول أبوعمر (29عاماً): “لقد ساءت أحوالنا كثيراً في ظل الأزمة نتيجة الغلاء وقلة فرص العمل. حتى أنني فكرت بالسفر إلى إحدى الدول المجاورة لأنني معيل لأسرة  مكونة من سبعة أشخاص. عندما سمعت بالمشروع شاركت مع زملائي في العمل وأنا مفعم بالنشاط والأمل والتفاؤل. واستطعت بعملي أن أؤمن لقمة العيش الكريمة لأولادي وأنفق عليهم من تعبي وكدّ جبيني”.

أما على صعيد الفائدة من إصلاح الطرق وشبكات المياه يقول سائق سيارة الأجرة من قرية الدانا، أبو سامر (40 عاماً):”للمشروع فوائد عديدة، منها إصلاح الطرق العامة التي كانت مليئة بالحفر بسبب القصف العنيف من قبل النظام الذي يطال البشر والحجر في إدلب، وبسبب مرور المركبات الكبيرة والمحملة بالبضائع في طرقات فرعية  غير مصممة لذلك. كل ذلك أدّى إلى كثرة حوادث السير، فجاء المشروع واهتم بإصلاح الطرق فأصبحت مستوية ومعبدة ومريحة”.

كما يلفت أبو سامر إلى أهمية المشروع في إصلاح شبكات المياه المعطلة نتيجة استهداف البنية التحتية، الأمر الذي دفع الناس إلى شراء المياه بأسعار مرتفعة. وبجهود العمال وهمتهم العالية عادت المياه إلى جميع المنازل”.

أحد النازحين من قرية بنش المقيمين في مخيمات أطمة ويدعى سالم الشيخ أحمد ( 30عاماً) يقول: “بعد سقوط برميل متفجر على مقربة من منزلنا واستشهاد اثنين من أولادي. نزحت مع من تبقى لي من أسرتي إلى المخيمات. نعيش هنا في ظروف صعبة منتظرين ما يقدم لنا من إغاثة تغطي القليل من احتياجاتنا. وبعد المشروع خرجت للعمل وكنت واحداً من فريق مكون من 20 عاملاً. ووجدت في عملي سبيلاً للنسيان والسلوى لما كنت عليه من حزن على أولادي، كما أن العمل وفّر لي مورداً للرزق يغنيني عن الحاجة فإذا لم نعمل لن نأكل”.

أم علي (45 عاماً) تقول: “نتيجة الصعوبة في حصول موظفي الدولة على الراتب الشهري امتنع معظهم عن العمل. خاصة عمال النظافة، لذلك أصبحت القمامة من أسوأ المظاهر التي تشوه قرانا. حيث تنبعث منها الروائح الكريهة وتسبب الأمراض المعدية، وتكون مرتعاً للحشرات. ولكن بعد المشروع أصبحت الشوارع نظيفة عندما قام العمال بترحيل القمامة بعيداً عن أماكن السكن. وبذلك تخلصنا من مشكلة كبيرة وخطيرة كانت تؤرق الجميع”.

رئيس المجلس المحلي في مدينة سرمدا محمد قزة (38 عاماً) يعتبر أن “المشروع وصل إلى ما يصبو إليه من إلغاء الكسل وتحقيق الإكتفاء الذاتي لحوالي 750 عائلة، ونتوقع أن يصل العدد مع مطلع العام 2016 إلى 2500 عائلة. وسيوفر للعمال ما يلزم لسد احتياجاتهم اليومية من جهة، وإصلاح المرافق العامة التي تضررت من جهة ثانية، محاولين بذلك سد العجز الحاصل في توزيع السلل الغذائية، وعدم قدرة الجمعيات على تغطية عدد العائلات المتضررة من الحرب بشكل كامل”. ويشير رئيس المجلس المحلّي إلى أن الهدف الأسمى من هذا المشروع هو أن يستطيع الرجال استعادة الثقة بالنفس، وتأكيد دورهم الأبوي في سد احتياجات أولادهم وإعادة العزة والكرامة إلى نفوسهم.

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي