الري بالطاقة الشمسية يعيد الأمل بزراعة سوريا

بدأت الزراعة في ريف إدلب الغربي تحقق بعض التحسن، بعدما ألمّ بها وبغيرها من القطاعات الإنتاجية من شلل بلغ حد العجز. هذا التحسن يعود الفضل فيه إلى مشروع الري بالطاقة الشمسية الذي بدأ مؤخراً في قرية بداما في جسر الشغور.

المهندس رائد العبود (42 عاماً) مدير المشروع يقول: “تأخرت الزراعة كثيراً في السنوات الأخيرة في إدلب، والأسباب كثيرة من أهمها انقطاع التيار الكهربائي والغلاء الفاحش لأسعار المحروقات. كل هذا أدى إلى عدم القدرة على استخراج المياه الجوفية لري الأراضي إلا بتكاليف باهظة. وبالتالي تقلصت المساحات المزروعة. ولكن ولأن الحاجة أم الاختراع، وأنجع الحلول تلك التي تتولد من رحم المعاناة، قامت مجموعة من الناشطين بإطلاق مشروع الري بالطاقة الشمسية بإدارة المجلس المحلي في قرية بداما، وبدعم من مؤسسة كومينكس الأمريكية، وهي التي تعنى بالمجتمع المدني والمشاريع التنموية في المناطق المحررة”.

ويتألف المشروع بحسب المهندس العبود من 12 منظومة، في كل منها 14 لوح طاقة شمسية. ويولّد المشروع الطاقة تسمح باستخراج المياه الجوفية من الآبار وري الأشجار المثمرة من تفاح وزيتون وغيرها. وقد بلغت كلفة المشروع حوالي 75 ألف دولار تتوزع بين ثمن ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات وأنابيب الري وغيرها.

ألواح الطاقة الشمسية تغزو أسطح المنازل تصوير سونيا العلي

سامر الجبلي (35 عاماً) أحد الفنيين العاملين في المشروع يؤكد “أن المشروع يوفرمياه الري لحوالي 1200 دونم من الأراضي الزراعية في قرية بداما، التي تتميز بتربتها الخصبة وزراعة الخضار والأشجار المثمرة وخاصة التفاح، وقد بلغ عدد الفلاحين المستفيدين نحو المئتين”.

وفي سياق متصل يتحدث المهندس الكهربائي عامر الرزوق (50 عاماً) عن آلية العمل قائلاً: “المشروع عبارة عن ألواح كبيرة وضعت بشكل مائل لامتصاص أشعة الشمس على مدار اليوم، وتقوم الألواح بشحن البطاريات المتصلة بروافع الجهد، التي تغذي الغاطسات المائية بالكهرباء حيث تقوم الغاطسات بجر واستخراج مياه الآبار الجوفية، وبعدئذ يقوم المزارعون بري أراضيهم منها “.

كان أبو يوسف (30 عاماً) يزرع الخضار في الموسمين الصيفي والشتوي، ولكنه كان يعاني كثيرا في فصل الصيف بسبب حاجته لشراء حمولة صهاريج المياه المرتفعة السعر. ويقول أبو يوسف “بعد انطلاق المشروع في القرية أصبحت أروي أرضي مجاناً، ووفرة المياه عملت على تحسين أنواع الخضار، وبالتالي بيعها بأسعار مناسبة وذلك أدى إلى تحسين وضعي المعيشي”.

يملك المزارع أحمد السليمان (47 عاماً) قطعة أرض تبلغ مساحتها (٢٠) دونم مزروعة بأشجار التفاح بالإضافة إلى بئر ارتوازي يقول: “كنت أروي أرضي فيما مضى عن طريق الكهرباء ولكن بعد الأزمة وانقطاع التيار الكهربائي ،أصبح الري يكلفني مبالغ كبيرة تفوق إمكانياتي إذا اشتريت مولدة كهربائية تحتاج إلى مادة المازوت بالإضافة إلى غلاء أسعار المبيدات الحشرية والسماد مما جعلني أقوم بتأجير أرضي كل عام بمبالغ بسيطة بالكاد أسد بها رمق أسرتي ”
ويبدي المزارع فرحته بالمشروع الذي جعله يسقي أرضه دون تكاليف تذكر،وقد استطاع هذا العام أن يجني محصوله بنفسه ويستفيد منه بعد أن حرم منه على مدار ثلاثة أعوام على التوالي.

المواطن أبو أسعد (29 عاماً) يملك محلاً لبيع ألواح الطاقة الشمسية والألكترونيات. يقول أبو أسعد: “أمام عتمة الليل وحر الصيف لم يعد بإمكان المواطن في إدلب الرضوخ والقبول بهذا الوضع العصيب، وأصبح البحث عن بديل للتيار الكهربائي في مقدمة الأولويات وخاصة بعد فقدان الأمل بعودة الكهرباء إثر قصف النظام لمحطة زيزون الحرارية، التي كانت تغذي محافظة إدلب بالكهرباء، فجاءت فكرة استخدام ألواح الطاقة الشمسية لأغراض الحياة اليومية، من تبريد وغسيل وإنارة، كما أنها أقل كلفة من المولدات الكهربائية التي استنزفت أموال المواطنين، فهي ذات كلفة تشغيلية مرتفعة ناهيك عن الضجيج والتلوث الذي تسببه”.

يصف أبو محمد (33 عاماً) وهو أحد أعضاء المجلس المحلي في بداما فكرة المشروع بأنها “ناجحة بكل المقاييس، لأنها عملت على توفير بديل مجاني ودائم عن الطاقة الكهربائية، عن طريق الطاقة الشمسية باعتبارها متجددة ونظيفة وصديقة للبيئة ولا تنضب، حبانا بها الله في أغلب شهور العام”.

ويعتقد أبو محمد أن المشروع ساهم بتحسين الإنتاج وزاد كميته، ووفر النفقات التي أثقلت كاهل الفلاحين، بالإضافة إلى توفير المياه التي تعتبر أساس الحياة. كان عدد الأبار المستخدمة في ري أراضي القرية نحو 150 بئراً. أما بعد المشروع فقد تم استخدام 15 نحو بئر فقط .
يختتم أبو محمد حديثه قائلاً: “نتمنى أن تتعمم فكرة المشروع لتشمل كافة المناطق المحررة في سوريا، التي حرمها النظام من نعمة الكهرباء. فهذا إنجاز عظيم مكّن من الاستفادة من الطاقة الكامنة في الشمس، وتحويلها إلى إنتاج وعمل. وعاد الأمل إلى نفوس الفلاحين بتحقيق حياة أفضل عندما قاموا بريّ أراضيهم التي لا تبخل على مستغليها”.

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي