منظمة بلد مبادرات ومشاريع بحجم البلد

زالت مخاوف وهموم أبو علي (41 عاماً) المتعلّقة بكيفية تسويق محصوله من القمح هذا العام، فهو تعاقد مع منظمة بلد السورية التي تكفلت بشراء كافة المحصول وبسعر جيد، وهي تتكفل بنقله وطحنه لتقوم بتوزيعه خبزاً على الفقراء والنازحين.

منظمة بلد السورية تأسست في 7 شباط/فبراير 2014. وهي منظمة سباقة في تلمس احتياجات المجتمع وتقديم المبادرات وتنفيذ المشاريع بكافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والاغاثية والتنموية ومجالات السلم الأهلي.

يقول أبو علي “لقد عانيت الأمرين في السنوات الأولى من الثورة لتسويق محصولي، نتيجة صعوبة نقله بين مختلف الحواجز الأمنية، واضطررت في معظم الأحيان لدفع الكثير من الرشاوى لضمان مروره بسلام. ولكنني مؤخرا وجدت البديل المضمون لكل هذه المعاناة وهي منظمة بلد التي تكفّلت بشراء قسم من محاصيل ريف حلب وإدلب ونقل هذه المحاصيل من الأراضي الزراعية بشكل مباشر”.

فادي فاعل (45 عاماً) رئيس مجلس الإدارة في منظمة بلد يقول “جاءت المبادرة لتأسيس هذه المنظمة من مجموعة من الشباب المتميزين في حلب، وذلك بعدما حدثت فجوة في أداء المؤسسات الحكومية في المناطق المحررة”. ويوضح “أن الهدف من المنظمة كان متابعة أداء المؤسسات الخدمية، وقد استطاعت بلد تأمين المياه، والغذاء، والطاقة نوعا ما لعدد من المناطق بما فيها مناطق حلب المحررة وريفها، إدلب وريفها، ريف اللاذقية وريف حماة.”

وتتحفظ المنظمة على ذكر حجم تمويلها وميزانيتها مع العلم أنها تتلقى دعماً من مصادر عدّة بينها  منظمة الأمم المتحدة، صندوق التمويل الإنساني (HPF) مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).

مساعدات منظمة بلد خلال توزيعها على المناطق. تصوير:نجيب كاتبة

تسعى منظمة بلد إلى أن يكون لها بصمة لدى الشباب ليخرجوا من حالة التغيب عن العمل المجتمعي إلى الانخراط فيه. وفي هذا السياق يقول صهيب (25 عاماً) وهو خريج جامعي “استطعت مع عدد من زملائي القيام بأعمال مجتمعية عديدة سواء في قطاع الخدمات أو الإغاثة، في البداية كان عملاً تطوعياً شعرنا من خلاله بأننا نسهم في إنقاذ بلدنا من الاضطراب والانهيار”. ويلفت صهيب إلى اتساع دائرة عمل المجموعة بمساعدة منظمة بلد. الشبان أصبحوا أصحاب مشاريع، وصهيب الآن بصدد تنفيذ مشروع لإعادة تدوير النفايات، وهذا المشروع بدوره يعتبر صديق للبيئة وخدمي واقتصادي في الوقت عينه.

مجد شهابي (34عاما ) مسؤول تنفيذ المشاريع في منظمة بلد يقول: “نفذت بلد العديد من المشاريع، وأهمها كان مشروع زاد الخبز المجاني. الذي يعمل ضمن دورة اقتصادية متكاملة”. ويوضح شهابي كيف أن “بلد” قامت بشراء القمح مباشرة من المزارعين بغية مساعدة المزارعين في تسويق محاصيلهم من جهة وإيمانا منها بدعم الحوكمة من جهة أخرى. وقامت المنظمة بالتعاقد مع المؤسسة العامة للمطاحن والحبوب للإشراف على عملية الشراء والطحن، ومن ثم نقل مواد الخبز المجاني الذي يتم توزيعه في مناطق حلب والاتارب ودارة عزة، حيث بلغ عدد المستفيدين من المشروع أكثر من 5 آلاف مستفيد، وبزيادة شهرية بلغت 10%، وقد بدأ هذا المشروع منذ الشهر التاسع من العام الماضي ولايزال قائما حتى الآن.

ويتطرق شهابي للحديث عن مساعدة المنظمة للنازحين في مناطق حلب فيقول “لقد أجرى فريق المنظمة مسحاً كاملاً لمعرفة عدد العائلات النازحة إلى الريف الغربي من حلب خوفاً من حصار المدينة، حيث قامت المنظمة بتأمين احتياجات هؤلاء النازحين وقدمنا لهم الكثير من المواد الاغاثية والغذائية”.

نزح أبو جمال (75 عاماً) من حلب إلى ريف حلب الغربي بعد الهجمة الشرسة من قوات النظام. ويقول أبو جمال: “لقد قدمت لنا منظمة بلد خبزاً مجانياً وأغطية وسلات غذائية، الأمر الذي أدى لتخفيف ألم النزوح ومعاناة التشرد عني وعن عائلتي المؤلفة من 15 شخصا”.

ومن المشاريع التي قامت بها بلد أيضا مشروع بيت المؤونة، وهو مشروع تنموي استهدف عدداً كبيراً من الأرامل والنازحات للعمل من خلاله، وذلك  لإنتاج منتجات تموينية استهلاكية لإعادة طرحها في الأسواق بغية كسر الأسعار. وفي هذا الصدد تقول سمية وهي إحدى النازحات من ريف إدلب وتعمل في هذا المشروع “استطعت من خلال عملي هذا إعالة أولادي الثلاثة، فزوجي معتقل منذ أكثر من عامين ولامعيل لنا إلا ألله “. سمية تحصل أيضا على معونة غذائية من بلد إضافة لراتب شهري. وبطبيعة الحال فهي تتمنى لهذا المشروع الاستمرارية لكي تستطيع أن تتابع حياتها بشكل طبيعي في هذه الأوضاع الصعبة.

من ريف حلب إلى ريف إدلب حيث يقول نجيب كاتبة (26 عاماً) وهو مدير المشاريع الاغاثية لبلد في إدلب “أطلقت المنظمة حملة دفيني ”1“ لتوزيع الألبسة الشتوية على النازحين المتواجدين في العراء، وحول المخيمات وذلك في الريف الشمالي من محافظة إدلب. ومن هذه المناطق قرى حزانو، كفر يحمول، باتبو، معرة الإخوان، حربنوش، زردنا وغيرها حيث بلغ عدد العائلات المستفيدة  500 عائلة.”

أما حملة دفيني”2” وبحسب كاتبة فقد “استهدفت ريف اللاذقية ومنها التفاحية، بيت عرب، بيت بلدر، بيت جميل، الحلوة، درويشان، طوروس، بيت ابلق والوادي وغيرها. ومن المخيمات المستفيدة كان مخيم نحلة، مخيم الزيتونة، مخيم نجاتي، جبل الأكراد، خربة الجوز، البداما. أما في ريف إدلب الجنوبي فهنالك مزارع التمانعة، جرجناز، مخيم خوين والنازحين بين مخيمي الخوين و التمانعة حيث بلغ عدد المستفيدين في هذه الحملة 1500عائلة.”

ولم تغب بلد عن المجال التعليمي فقد قامت بتأهيل سبعة أقبية لتصبح مدارس آمنة لتعليم الأطفال واليافعين. ووفّرت لهذه المدارس كل ما تحتاجه من رواتب للمدرسين إلى مواد تدريسية ومواد إنارة ومحروقات وغيرها، مع الإشارة إلى أن هذه المدارس تضم كافة المراحل الدراسية ابتدائية وإعدادية وثانوية.

عمر (10سنوات) هو أحد طلاب مدرسة الشهيد عبد القادر شاشو التابعة لمشروع مدرستي التعليمي الذي تموله “بلد” وتشرف عليه جمعية فسحة أمل. يقول عمر “أشعر بالأمان داخل هذه المدرسة، فلا أكترث لصوت الطائرات الحربية لأن المدرسة عبارة عن ملجأ آمن”.  بينما يقول الطالب سليم (14عاماً) أنه كان قليلا ما يقصد المدرسة في السابق خصوصاً وأن مدرسته القديمة تعرضت للقصف عدة مرات. ولكنه الآن يرتاد المدرسة بشكل يومي. أمّا الطالبة روعة (12عاماً) فهي تحب الكادر التدريسي كما وتحب أيضا دروسها والأنشطة المختلفة التي يقومون فيها داخل هذه المدرسة.

إلى ذلك هناك تعاون كبير بين منظمة بلد والمنظمات والجمعيات ومنها جمعية زيتونة الخيرية وجمعية فسحة أمل، والمجالس المحلية في الداخل، وذلك للوصول إلى أكبر عدد من المتضررين والمحتاجين  وبالنسبة للمجالس المحلية المتعاونة مع بلد فهي كثيرة ومنها في ريف ادلب مجلس بلدة حيش، مجلس التمانعة. أما في حلب فهناك المجلس المحلي لمدينة دارة عزة ومجلس مدينة الاتارب وغيرها.

أبو محمد (41عاماً) أحد أعضاء المجلس المحلي في بلدة حيش التابعة لريف إدلب الجنوبي يقول “لقد وقع مجلسنا مذكرة تعاون وتفاهم مع منظمة بلد تقضي بمساعدتنا لها بالوصول إلى جميع المحتاجين والمتضررين المتواجدين في المنطقة”. لافتا إلى نشاط المنظمة في تنفيذ المشاريع الاغاثية والخدمية للمنطقة المذكورة بين الحين والآخر.

ويختم كاتبة حديثه بالقول “منظمة بلد هي منظمة قائمة على أفراد مبادرين وخبراء ومتميزين، والمبادرين عادة يتحركون دون الرجوع إلى أحد مدفوعين بحب الوطن وخدمة أبناء البلد، دافعهم إنساني دون انحياز لحزب أو جهة “..

بإمكانكم قراءة هذا المقال باللغة الإنكليزية على الرابط التالي