منظمة باه تعيد ضخ الحياة عبر الماء في إدلب

بكل أمل ينتظر فريد (55 عاماً) وصول فريق عمل تصليحات الصرف الصحي إلى الشارع حيث يسكن. يعود تاريخ معاناة فريد وأهل الحي من هذه المشكلة إلى أكثر من أربع سنوات. حصل فريد على وعد بأن التصليحات سيتم إنجازها بعد الانتهاء من مهمة تصليحات أخرى في شارع قريب. إصلاح شبكات الصرف الصحي في كفرنبل، واحد من مشاريع خدميه عدّة تقوم بها منظمة “باه للعمل الانساني البولندي” في إدلب وريفها.
يروي فريد كيف أن أغلب الاقبيه والشوارع في الحيّ الذي يقطن فيه تفيض بالمياه في فصل الشتاء، ومنها قبو منزله. بسبب سوء تصريف المياه. ويشير إلى “أن الحالة الخدمية لجميع المنطقه باتت بحالة سيئة وركود، بسبب سنوات الحرب المدمرة والإهمال من قبل النظام لكونها مناطق محررة”.

من أعمال تمديد شبكات الصرف الصحي في كفرنبل تصوير مها الأحمد

مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس المحلي في كفرنبل محمود خطيب (36 عاماً) يقول “تعد منظمة باه من أبرز المنظمات التي تبنت مشاريع خدمية في منطقتنا، كتأمين مياه مجانيه، إصلاح شبكات الصرف الصحي، إضافة إلى مشاريع خاصة بالنازحين”. وينوه خطيب بـ “أن شبكة الصرف الصحي في كفرنبل كانت متعبة منذ زمن ما قبل الثورة، وجاءت الموافقه على تبديلها قبل الثورة بأيام من قبل حكومة النظام السابق، ولكن مع بدء الثوره أرجئ المشروع حتى إشعار آخر. ويصف خطيب الاصلاحات الحالية بأنها مؤقتة. يوضح أيضا أن عمّال المشروع كانوا يتفاجأون بوجود أعطال جانبيهة متعددة، عندما يقومون بعملية الحفر، ما يضطرهم لإصلاحها أيضا. وإذ يشرح خطيب طبيعة هذه الأعطال التي قد تتطلب أحيانا تمديد شبكات لمسافات تصل حتى 500 متر، يوضح “أن أعضاء المجلس المحلي في كفرنبل حاليا بصدد التحضير لمشروع آخر تكفلت منظمة باه بتمويله والقيام به بالتعاون مع المجلس المحلي، وهو صيانة خطوط المياه في كامل المدينة”. ويقول محمود خطيب: “تبلغ كلفة مشروع صيانة خطوط المياه 650 ألف دولار ومدة تنفيذه 45 يوماً، بالاضافه لعدة مشاريع قد تم الانتهاء منها في كفرنبل، ومنها إنشاء مكب للنفايات في المدينة. توزيع ما يقارب 600 حاوية للقمامه في الأحياء. كما قامت منظمة باه في العام 2014 بصيانة آبار اللج غرب كفرنبل، والتي كانت تغذي المدينه بالمياه سابقاً، ولكنها ما لبثت أن تعطلت من جديد بسبب الاشتباكات المتكررة والقصف المدمر، وحديثا وعدت المنظمة بتولّي عملية اصلاح خزان المياه المركزي في المدينة ايضا.”
إبن بلدة بسامس ماهر خلوف المدير التنفيذي لمنظمة باه في إدلب يقول “باه منظمة تنفيذية تعمل بالتنسيق مع منظمة غول، وهي تختص بمشاريع إصلاح وصيانة شبكات الصرف الصحي في إدلب وريفها وقسم من ريف حماه الشمالي وريف حلب”. يضيف خلوف “تقوم المنظمة بنشاطات ومشاريع أخرى كتوزيع السلل الإغاثية وسلل النظافة على النازحين، وتأمين المياه والصرف الصحي لهم، وتوزيع مادة الطحين على بعض الأفران، وإعادة تأهيل بعض الآبار للإنتاج والعمل. وقامت أخيراً بتجهيز بئر في الحارة الشمالية لمدينة بنش، تستفيد منه 400 عائلة حالياً، وذلك عن طريق توفير مولد ضخ وغطاس مائي، وإعادته للعمل بعد أن كانت هذه العوائل تشتري المياه بأسعار باهظة. وجهّزت المنظمة مكبّاً للقمامة في تلك المنطقه يتوافق مع الشروط الصحية، حيث تم بناء سور له وعزله عن الأماكن الأخرى. حالياً العمل قائم لإعادة تأهيل آبار أخرى في مدينة سرمدا”.
ويلفت خلوف إلى “تجهيز بئر آخر في قرية حزارين جنوب غرب كفرنبل، وهو ما سيوفر على أهالي القريه عناء الذهاب إلى القرى المجاورة لشراء المياه منها. ويتم العمل حالياً على مشروع تمديد شبكة صرف صحي في بلدة البارة لجرّ مياه الصرف الصحي إلى المصبّ الرئيسي.”
ويوضح خلوف آلية عمل منظمة باه التي تقوم على استدراج العروض، حيث تعرض المشاريع على متعهدين يقبلون تنفيذ المشروع بما يناسب المنظمة، ومن الشروط الواجب توافرها في المتعهد: صورة عن الهوية الشخصية أو جواز سفر. شهادة مصدّقة تثبت أن العارض متعهد، وقام بتنفيذ أعمال مشابهة أو شهادة تصنيف لنفس المشروع. نبذة عن المشاريع السابقة التي قام المتعهد بتنفيذها والإمكانيات التي يمتلكها لتنفيذ العمل. وبعدها يتم وضع خطة ودراسة الإمكانيات، ويكون ذلك عادة بالتعاون مع المجلس المحللي للمنطقة المراد تنفيذ المشروع فيها. فعلى سبيل المثال تم استدعاء أعضاء المجلس المحلي لمدينة كفرنبل إلى مكتب مقر المنظمة في سرمدا، لإطلاعهم على عروض الأسعار المقدمة.
المراقب محمود مرسال (34 عاماً) يصف عمل المنظمة بأنه “دقيق ومتقن” وهذا يرجع بحسب قوله للقياده الماهرة والواعية والذكية المتمثلة بشخصية ماهر خلوف. يعمل مرسال كمراقب لإيصال المياه إلى النازحين في أماكن تواجدهم. وبحسب مرسال فقد “تم تقسيم المناطق التي يتواجد فيها النازحون إلى أقسام، كل قسم يضم عدداً من القرى المتقاربة جغرافياً، وكل قسم يتولاه متعهد لمشروع إيصال المياه له. وذلك وفق برنامج معين يستلمه ويعمل به”.
خالد من قرية الفطيره (30 عاماً) وهو أحد المتعهدين الذين يعملون على إيصال المياه للنازحين غرب مدينة إدلب، ولاسيما في قرى شحشبو وهي: حزارين، الفطيرة، بعربو، شولين، كوكبا، معرزيتا، سفوهن أم الصير، ترملا، الفقيع، منير، عابدين ومعرة حرمه. ويشير خالد إلى أن بعض هؤلاء النازحين يسكنون المخيمات في هذه المناطق، وبعضهم الآخر في المنازل. كما لفت إلى كمية المياه الموزعة وهي 200 صهريج أي ما يعادل 25 ليتر ماء للشخص الواحد يومياً، بالإضافة إلى سلل النظافة شهرياً وهي تحتوي على كافة أنواع المنظفات، هذا عدا عن فرق التوعيهة الصحيهة التي تزورهم دورياً، وتقدم لهم النصح حول طرق الوقاية من الأمراض المنقولة عبر الماء الملوث وغيره من الأسباب”.
رجاء (45 عاماً) نزحت مطلع العام 2015 مع عائلتها بسبب الاشتباكات القريبة من قريتها التوينة في منطقة الغاب، إلى مخيم أبو الوليد في معرزيتا. رجاء أمّ لستة اولاد، تقول أنها كانت تعاني من صعوبات كثيره في المخيم بسبب عدم وجود صرف صحي للخيمة، وصعوبة الحصول على المياه بإستمرار. ولكن مع وصول الخدمات وتأمين المياه لمخيمات النازحين وبناء دورات مياه، خفّ عبء النزوح عليها. وباتت تراه أسهل. وتشير رجاء إلى أن أفراداً من منظمة باه قاموا بتأمين خزانات المياه أمام الخيم لاستعمالها وقت الحاجة.
وائل (15 عاماً) الولد الأكبر لرجاء يقول أنه يداوم في مدرسة معرة ماتر الإعدادية حيث قامت منظمة باه بإصلاح دورات المياه في مدرسته وغيرها من مدارس قرى: حزارين، دار الكبيرة، معرة الصين، الملاجه، كفرموس وجبالا.
إبن قرية كفروما فرج العقدي (50 عاماً) متعهد لمشروع ضخم في مدينة إدلب. يقول العقدي: “بعد أن قامت المنظمة بتأهيل آبار معمل الغزل وإعادتها للعمل، تقوم المنظمه حالياً باستبدال شبكة أنابيب المياه كاملة في حي الشيخ ثلث، أو ما يدعى بالمنطقة الصناعية في إدلب، والتي يرجع تاريخ تنفيذ شبكتها إلى سبعينيات القرن الماضي”. ويلفت العقدي إلى أن الغاية من هذا المشروع هي تغذية حي المنطقه الصناعية بالمياه، وقد تم إنجاز 5400 متر مكعب من المسافة المحددة لغاية الآن والعمل مستمرّ”. ويعبّر العقدي عن سعادته بعمله هذا لأنه يعتبره فرصة للمساهمة في بناء ما هدمته الحرب على جميع المستويات. ويعد بأنه لن يوفّر أي جهد تعرضه أي منظمة للمساهمة في بناء وطنه من جديد.